Translate

الجمعة، 22 يونيو 2012

الإسلاميّون وشبق السلطة

حين تستمع إلى "إسلامي متشدّد" وهو يتحدّث عن الزهد في ملذّات الحياة الدنيا داعياً للتنازل عن المجد الزائل في سبيل حياة أخرويّة مستديمة تقول في داخلك ما أروع هؤلاء الناس فهم لا يحفلون بالجاه أو السلطان ولا يكترثون بالتمتّع بالمادّيات فتحسّ نحوهم بالكثير من الإجلال والإحترام. لكنّك حين تراهم وهم يجرون وراء النساء من أجل إشباع غرائزهم بمثنى وثلاث ورباع ثم يضيفون إلى ذلك "ما ملكت إيمانكم"، وحين تبحث عنهم تجدهم يجرون وراء الثراء ويعملون كل شئ من أجل جمع المال، وحين تراهم وهم يستميتون من أجل الإستيلاء على السلطة بأي ثمن والإستحواذ عليها بأية وسيلة؛ حينها تقول في نفسك: اللهمّ يا رب قنا شر المنافقين.
حين نجحت مدينة بنغازي في إجراء إنتخابات حرة ونزيهة فرحنا جميعاً بهذا الإنجاز، فنجاح بنغازي ومصراته هو نجاح لنا كلّنا كليبيّين؛ لكن بريق بنغازي سرعان ما بدأ يخفت تدريجيّاً، ونجاح بنغازي في الإنتخابات سرعان ما تحوّل وللأسف إلى هم ومشاكل صبّت على بنغازي معاقبة لها على التألّق، وتأنيباً للمثقّفين من شبابها وشابّاتها الذين جدّوا وإجتهدوا من أجل إظهارها كمدينة عصريّة أنيقة ومتأنّقة برغم شحّ الإمكانيّات وبرغم كل المعوّقات.
تحوّلت بنغازي وللأسف أخيراً إلى وكر للمخرّبين الذين ساءهم أن تتجمّل بنغازي فبدأوا يفجّرون ويدمّرون ويغتالون وقد يفعلوا أكثر من كل ما فعلوه... ولكن لماذا؟. لأنّهم خسروا الإنتخابات.... لم ينجح منهم أحداً في هذه الإنتخابات الحرة، ولم يتمكّنوا من فرض وصايتهم على بنغازي العصريّة المتمدّنه فشرعوا في الإساءة إليها بهدف تشويهها وطمس معالم سعادة الفرحين بها.
لا أظن بأن أي عاقل يشك في أن كل تلك الأعمال التخريبيّة والتفجيرات التي حدثت في بنغازي كان يقف وراءها "الإسلاميّون المتشدّدون"، والسلفيّون على وجه الخصوص.... فهم من يفعل مثل هذه الأعمال القبيحة المسيئة للإسلام لأنّهم وللأسف تتلمذوا على أيدي عنفوانيّة، وتشرّبوا من ثقافة تنادي بالجهاد الذي يعني عندهم التدمير والتخريب والقتل بإسم الله. ألم يقتل السيّد المستشار "جمعة الجازوي" وهو خارجاً من المسجد بينما كان يصلّي صلاة العصر، وألم يقتل من قبله ألاف من المصلّين في العراق، وفي الجزائر، وفي الصومال، وفي أفغانستان، وفي باكستان، وفي غيرها من بقاع العالم من مسلمين "إخوة لهم" في الدين على الأقل لمجرّد أنّهم كانوا موجودين في المكان الخطأ وفي الزمان الخطأ وذلك كان وللأسف هو جرمهم الوحيد.
ألم يقتل عثمان بن عفّان من قبل هؤلاء وأولئك حين كان الرجل يقرأ القرآن الذي قام بجمعه وتدوينه من أجل الأجيال اللاحقة فوصلنا كلام الله مصاناً من أي عبث؟. ألم يقتل عثمان بإسم الله، وألم يقتل علي بن أبي طالب بإسم الله، وألم يقتل الحسن والحسين بإسم الله، وألم يقتل 101 ويعاق أكثر من 500 في كل من مزدة والشقيقة بين الزنتان والمشاشية وحدث كل ذلك بإسم الله؟. من يسئ إلى الإسلام بربّكم، ومن ذاك الذي يقتل الأبرياء بإسم الله؟.
إن كل ما حدث في بنغازي في الأسبوعين الماضيين من تفجيرات وقتل وعبث بالسيادة الليبيّة يحمل بصمات أتباع القاعدة من السلفيّين وكل الليبيّين يعرفون ذلك لكن الناس تتستّر على تسمية المتهم من أجل إعطاء صورة جيّدة عن ليبيا بعد ثورة 17 فبراير للإيحاء بأنّه لا وجود لأتباع تنظيم القاعدة في ليبيا، لكن الحقائق على الأرض بما فيها ذلكم الإستعراض المسلّح ل"أتباع السنة" من السلفيين في بنغازي منذ إسبوعين فقط إلاّ شاهد على تورّط تنظيم القاعدة في كل ما يحدث في بنغازي والهجوم على مقر الصليب الأحمر في مصراتة كذلك.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق