Translate

الأحد، 12 أغسطس 2012

من الذي أنصف المرأة؟



( عندما يتحرر الإنسان من الضوابط الإجتماعيه والقانونيه المنظمه لحياته يتحول إلى شبيه بالحيوان الذي لايستطيع أن يميز بين ما هو له وما هو لغيره.... وحينها يدخل باب المحرمات )

تجادل الناس منذ القديم في شأن الحريه، ولم يستطيعوا التوصل الى تعريف لها. نعم.... ما هي الحريه بالنسبه لك، وما هي الحريه بالنسبه لي، وهل تعريف حريتك هو نفسه تعريف حريتي؟.
أنا أرى بأن الحريه هي أن تفعل ما تشاء، وحيثما شئت؛ ولكن بشرط أن ترسم لحريتك حدودا لاتتعداها. الحريه هي الإيمان بأن مجال حريتك يتوقف عند تلامسه مع مجال حرية غيرك.
هل يمكن مثلا تعميم هذا التعريف على الجميع، وهل يمكن أن يشمل كل مجالات الحياة؟. لا أدري؛ لكنني أؤمن برسم حدود للحريه وتقنين ذلك حتى يعرف المرء المتاح له، والممنوع عليه؛ ومن ثم تنتظم شئون الحياة.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانيه بدأ الناس يبحثون عن وسائل وطرق لمنع تكرارها، أو حدوث شبيها لها مرة أخرى... فأنُشئت الأمم المتحده، ثم تبع ذلك إنشاء المنظمات التابعه لها، ثم جاء ميثاق حقوق الإنسان العالمي؛ وبدأت الحياة تتطبع تدريجيا. أخذت الدول تلتزم نسبيا بتلك المواثيق بعد أن وقعت عليها طبعا؛ ولكن لامحاله نهم الإنسان وحبه في التسلّط على الآخرين لم يلزمه بالإمتثال كلية لما هو مطلوب منه، فإتخذ التجاوز أنماطا مختلفه تهدف كلها الى التحايل على القانون والنظام؛ وبذلك بدأت الحرب البارده التي كانت تتمحور أساسا حول إقتسام النفوذ الغير ودي، وبدأ الظلم يعود من جديد ولكن بحلل مختلفه.
إستمر الصراع بين الإنسان والإنسان على أشدّه؛ وفي كل مره يتجاوز شخص ما، أو أمة ما الحدود المرسومه لكل منهما بحيث تم التعدي على حدود الغير؛ إذ أن تجاوز حدودك يعني بالضروره الدخول في حدود الغير... أدى ذلك بالطبع الى إستمرار الصراع بين الإنسان ونظيره الإنسان، بين هذه الفئة وتلك، وبين هذه الأمه وتلك .... صراع بين من يَتعدى ومن يُتعدى عليه؛ وكان الفيصل في كل مره ليس القانون، وليس العدل أو الإنصاف، وإنما العضلات. هذا الوضع أدى الى خلق ظالما ومظلوما، ومُغتَصِبًا ومُغتَصَبأ عليه.. تلك هي ربما الحياة كما أرادها الله. قد تكون تلك هي مشيئة الله ورغبته في أن يخلق الصراع بين المرء ونفسه، وبين الإنسان ونظيره الإنسان، وبين الإنسان والطبيعه.. ربما ذلك ما أراده الله لحكمة يراها من أجل هدف؛ والهدف هنا على ما أظن هو الدفع بالإنسان الى إستخدام العقل من أجل التدبر والتفكير بحثا عن مخرج كلما إبتدأت أزمة ما تطل في الأفق. نعم خلق الله الإنسان كي يصارع من أجل البقاء؛ فمن المرض، إلى الجوع، إلى الحروب، وإلى الكوارث الطبيعيه؛ وأظن بأنه لابد من أن يكون في حياتنا صراع دائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ فحتى لو تفاهم البشر وإستطاعوا منع الحروب، وحتى لو تعاون العلماء وقضوا على المرض، وحتى لو تكرم الموسورون وإنتهت المجاعه؛ فإن الله سوف يبتلي البشر بزيادة عدد وقوة الكوارث الطبيعيه من أجل حفظ التوازن.. وذلك هو عهد الله الذي قال (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) سورة هود؛ أية 6.

في أواخر الخمسينات، ومع إطلالة الستينات ظهرت حملات الدعوه للتحرر من "القيود" بكل أشكالها، وكان الهدف الأساس لهذه الدعوات ينصب على "تحطيم القيود الإجتماعيه"؛ فتداخلت حدود الحريات، وتدافع بعضها فوق البعض كما هي أمواج البحر، وكان مقدار التدافع و"الإجتياز" يختلف في الكميه، كما كان يختلف في الشده أيضا؛ فتشابه كل ذلك مع تداخل أمواج البحر حسب سرعة وقوة الرياح المحّرِكه لها.
بدأت الحواجز "الوهميه" تنمحي تدريجيا أمام قوة وجدية الدعوه لإزالتها، وكانت "الفوره الجنسيه" من أهم علامات ذلك "التحلل" للضوابط الإجتماعيه ، وتوافرت لإحداثه وإستمراره كل السبل التي كان يقف وراءها طابور من دعاة التحرر من "العقد الإجتماعيه" كما سموها، وكانت الموسيقى والرقص هما السلاح السحري الذي إستخدمه أولئك الداعون الى التحرر الإجتماعي؛ فخرجت صيحات التويست والبوجي في أمريكا متمثله أساسا في أغاني وموسيقى إلفيس بريسلي، وكان الروك أند رول في بريطانيا، وبعدها بقية أوروبا متمثلا أساسا في أغاني وموسيقى "البيتلز" أو كما كان متعارف عليه عندنا بالخنافس!!. لم تتوقف الدعوه الى التحرر من "القيود" و "العقد الإجتماعيه" على ذلك النمط فقط، بل إتسع أفقها ليتواصل مع إنتشار ظاهرة "الهيبز" التي تميزت بترك الشعور لتنمو عند الذكور، مع إرتداء البنطلونات الممزقه والخرق الباليه عند الجنسين.
كانت المرأة هي مركز الإهتمام في كل تلك الظواهر؛ وكانت في النهايه هي "الضحيه". أوعزوا إليها بأن تتحرر من العقد، وشجعوها على فتح حدودها، ومكنوا الغرباء بطريق أو آخر من الولوج الى عالمها الذي كان وحتى ذلك الوقت عالما مليئا بالأسرار و"الهيبه" أيضا الأمر الذي أضفى إليه قدسيه جعل من المرأه كائنا لاهوتيا؛ وكذا كانت المرأة بالفعل. كانت المرأة مهابه مقدسه، وتحولت الى معبوده تغنى بها الشعراء، وحلموا بالإقتراب منها، وشبهوا الظفر بقربها ورضاها ودخول عالمها بدخول الجنه!!.
فال الشاعر العربي قيس بن الملوّح ( مجنون ليلى):
مررت بالديار ديار ليلى        أقبّل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبي     ولكن حب من سكن الديار
ويقال بأنه عندما أصيب بالجنون من حب ليلى، ووصل به الأمر الى درجة "الخبل" خاف الناس عليه، وودب الخوف في قلب أبيه الذي أتاه يطلب منه الكف عن هذا "الهراء"؛ لكن قيس لم يكن في "حل من أمره". لم يتوقف مجنون ليلى عن جنونه بحبها، ويقال بأن والده ـ بعد مشورة أهل الحل والربط في زمانه ـ أرسل قيس الى مكه ليحج إليها ويسأل الآلهة أن تنسيه حب ليلى. ذهب قيس مكرها الى هناك، لكنه وبينما كان يطوف بالبيت توسّل الى الآلهه بأن "لا تنسيه حب ليلى !" ويبدو أن الآلهة تستجيب لوله القلوب، وما نسى قيس حب ليلى؛ بل إزداد إفتنانا بها !.
إحتفظت المرأة بخصوصياتها لأنها إحترمت تلك الخصوصيات، وآحاطت نفسها بهالة منعت الغير من التفكير في إختراق أجوائها؛ وبذلك ظلت محط إعجاب بالنسبه للرجل الذي ولع بها الى درجة التشبه بها؛ رغم غريزة التكبر والتعالي التي ترتكز عليها شخصية الرجل. تشبه الرجل بالمرأه في البدايه سرا، وعندما إنتقلت العدوى لآخرين جاهر بذلك أمام الملأ فتحلّى بحليّها، وتفوًح بعطورها، وصبغ وجهه بأصباغها، ووضع أحمر شفاهها على شفتيه، ثم إذا به يرتدي ملابسها، ويمشي مشيتها، ويتكلم بطريقتها. لم يكتفي الرجل بذلك فقط، بل إنه تخنث في كل شئ؛ فأخذ الرجل مكان المرأه في الفراش، وهو ينتظر الزوج من آخر ربما كان مازال قد إحتفظ برجولته حينها، أو أنه لم يقرر بعد. حاول الرجل أن يحمل مثل المرأه وتعاطى هرمونات الأثوثه من أجل ذلك؛ لكن إرادة الله لم تمكنه من ذلك، فقد أراد الله أن يكون في هذه الحياة من كل زوجين إثنين، ولو شاء أن يخلقكم متشابهين لكان قد فعل.
عندما عجز الرجل عن إمتلاك ذلك السحر الخلاب، والمكانه "اللاهوتيه" للمرأه لم يعجبه ذلك، ولم يتقبل العجز فإهتدى الى طرق أخرى تمكنه من وضع يده عليها بغرض تحقيرها وإهانتها ربما لتعويض عجزه عن محاكاتها والتشبه بها. تحولت جماعات من الرجال الى محتالين يتصيّدون المرأة تحت مسميّات برّاقه منها دعاة "الإنعتاق"، وجمعيات تحرير المرأة، وغيرها التي حولت المرأة من جديد الى مركز الإهتمام ولكن بفكرة وهدف مختلف هذه المره؛ إذ لم يعجب أغلب أولئك بقاء المرأة معزوله عن الرجل حسب مفاهيمهم بسبب "قدسيتها" فعملوا على "تدنيس" تلك القدسيه وبأي ثمن. إستخدموا الموسيقى، والرقص، ثم الخمر، وبعدها أجازوا اكبر المحاذير (المخدرات) ولم يمنعهم أحد من كل ذلك. كانت دعوتهم الى "الإنعتاق" تجد صدى على كل المستويات الإجتماعيه وحتى الحكوميه ولما لا فكل الاعيان في الدوله ـ وأي دوله ـ هم من الرجال، وكل وجد غايته ولأول مره فقد فتحت بوابات المرأه، وبدأ عالمها السحري ينكشف تدريجيا أمام "العموم"، ولم يجد رجال "الباب العالي" وقتا لتطبيق القوانين؛ فلحقوا هم أنفسهم بجمهور الشباب الحالم بالدخول الى جنة الدنيا التي كانت تتمثل في عالم حواء الممنوع الممتنع.
وقعت المرأه الحنونه الرقيقه، الإنسانه الطيبه الخلوقه ضحية ذلك الرجل الآناني الذي لايرى إلا مصلحته. الرجل الذي ظن وعبر كل العصور والأجيال، بأنه هو الأفضل، وهو الأكثر ذكاء، وهو السيد؛ ونظر الى المرأة على أنها إنما خلقت فقط لخدمته والإمتثال لتنفيذ رغباته. قالوا إن المرأة ما هي إلا إحدى ضلوع الرجل أخذت من قفصه الصدري عند نشوء الخلق، وإتفقت ربما كل الديانات والمعتقدات البشريه على هذا الروايه؛ ومن ثم ربما شعرت هي أيضا بأنها إنما خلقت من ذلك الرجل ومن ثم فمن الطبيعي أن تظل جزءا منه، وبذلك يكون من حقه عليها أن تمتثل لرغباته. صدقت المرأة دعوة الرجل لها في التحرر والإنعتاق، وبطيبتها ـ وربما سذاجتها أيضا ـ دخلت ذلك العالم الذي ظنته رحبا، وتحررت من "القيود" ففتحت أبواب عالمها على مصارعها ولم تنتظر إقدام الرجل على الدخول، بل دعته إليها مرحبة به؛ ولم يتأخر الرجل لحظة فأندفع اليها كالعطشان في وسط الصحراء يعثر على شربة ماء منعشه.... فقضى وطره منها، وأخذ منها ما أراد؛ ثم بعد ذلك ذهب عنها الى غيرها وتركها تذرف الدمع نادمة على مافعلت، متتوقة بكل لهف الى إعادة ما فقدت؛ ولكن هيهات.. كان ما فقدته المرأه أكثر مما توقعت، وما بلغته أقل مما توهمت، ووجدت نفسها ضحية لكذبة نسجها لها ومررها عليها الرجل. تنازلت المرأة عن عزتها وغرورها الأنثوي، فقدت عذريتها، وتركت ذلك الرجل الغجري يدوس بقدماه القذره فضاءها الذي وللأمس القريب كان من خصوصياتها تفتحه بإذنها متى تريد ولمن تريد ، وكان حراما على من لايمتثل لغرورها وكبريائها؛ لكنها اليوم تجد نفسها وقد أصبحت مطية لكل من يريد أن يركب.
دعى الرجل المرأة إلى بيته فولجت، وفتح لها ذراعيه أن أدخلي فدخلت، وطلب منها أن تمكنه من نفسها فقبلت، وبعد أن قضى وطره منها قال لها لم أعد في حاجة اليك؛ إن غيرك ينتظر خارج الباب. بكت، وحزنت على نفسها، وندمت على ما فعلت، وعرفت عندها بأنها كانت ضحية مؤامره فحاولت أن تنقذ ما تبقى من كرامتها ولكن بعد فوات الأوان. لقد خطط الرجل لكل شئ، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وحسب لها حسابها؛ فقد كان الرجل يفكر في أكثر من ذلك. أقفل باب الرجوع عليها حين همت بالإنصراف؛ قال لها إن باب الدخول ليس كما هو باب الخروج.. قال لها إن باب الدخول لايسمح إلا بالدخول فقط، وبأن هناك من ينتظر دوره، وطلب منها أن تبحث عن باب الخروج إذ لم يعد يهمه شأنها. جمعت أغراضها وهي لا تكاد تصدق ما رأت وما سمعت، لكن الوقت المتاح لها كي تخرج لم يكن ليمهلها كي تتدارك نفسها وتسترجع نضوجها وعمق تفكيرها.. كان عليها أن ترحل الآن، ولتذهب الى "الجحيم". خرجت المسكينه تلملم بقايا خصوصياتها، ووقع بصرها على باب الخروج فهرعت اليه مسرعه عساها أن تسترجع أنفاسها بعيدا عن هذا الجوء الخانق. خرجت مسرعه لاتعرف الى أين تذهب، وإلى من تشتكي، ومن عساه أن يساعدها على تضميد جراحها، ويجبر كرامتها التي إنكسرت. خرجت وهي تحس بأنها وحيدة ضعيفه وكانت في داخلها تبحث عن من عساه أن يحتضنها بحنانه الصادق هذه المره. ما إن شرعت الباب ورائها حتى وجدته.. مد يده لمصافحتها باسماً، قدم نفسه اليها على أنه رجل أعمال له من الثروه ما لا يتوفر لغيره، وعلى أن بإمكانه أن يساعدها، ويفتح أبواب الحياة "الحرة، الكريمه" أمامها. قال لها بأنه يفهم حاجاتها، ويعرف متطلباتها، ويحس بأوضاعها.نعم إنه بقادر على إيجاد عمل لها تقتات منه، وتبني من خلاله مستقبل حياتها. كانت المسكينه لازالت لم تخرج بعد من هول ما حدث لها، لكنها لم تسترجع بعد مقدرتها على التركيز والتفكير السليم، وكانت جائعه، عطشاء، مرهقه، ومحطمه فقبلت ما عساه أن يقدم إليها. قالت له وهي تتحامل على الإبتسام.. أشكرك، ثم تبعته حيث تقدمها مشيرا اليها أن تلحق به. أدخلها الى مكتبه الانيق، والموسيقى الهادئه تضيف الى الأناقه شيئا من "الطمأنينه" كانت هي في أمس الحاجه اليها. جلست والخوف في عينيها وهي تتأمله يتحدث لبعض مستخدميه طالبا فطورا "راقيا" لإثنين؛ وكان ما أراد في ثوان. تناولت المسكينه فطورها وهي لازالت مشدوهة متشردة الفكر؛ وبعد الإفطار يحين وقت "البزنس". سألها عن مؤهلاتها فأجابت بأنها لازالت في مقتبل العمر، قالت بأنها طالبه في الثانويه، وليست لديها مؤهلات، ولاتوجد لديها خبره أكثر من الطبخ والغسيل. قال لها مبتسما لاتهتمي بذلك؛ فنحن توجد لدينا مهن تليق بكل المستويات.. ويكفي بأنك صغيرة وجميله. إبتسمت المسكينه بشئ من التفاؤل منتظره بقية كلامه. قال لها توجد لدينا مؤسسه تهتم برفاهية الناس وتسهر على راحتهم، وبإمكانك العمل في هذه المؤسسه. قالت وهو كذلك؛ وإنتهت المسكينه باغية تبيع جسدها لمن طلب، ثم تحولت مع الزمن الى"رجلة" أعمال هي بدورها فأنشات "مؤسسه" خاصة بها تقوم بالعمل على تلبية طلبات الرجل، وسرعان ما إمتلآت مؤسستها "بالبضاعه المطلوبه" من الفتيات المغرر بهن في تجارة إحتكرها الرجل كانت سلعتها دائما من النساء.
هكذا هي الحياة.. كل شئ يبدأ بتجربه، ثم تتكرر التجربه، وسرعان ما تتحول التجارب البسيطه ـ والتي قد تكون بريئه في بعض الأحيان ـ الى نمط حياتي يجيز المرء لنفسه ممارسته خاصة إذا كان المحيطون به يباركون ما يفعل، أو على الأقل يسكتون عليه. يبدأ إدمان الخمر بمذاق "إستكشافي" دافعه عادة الفضول وغريزة التعرف على "المجهول"؛ ولكن عند غياب الممانعه، تتكرر التجربه، ويتحول الفضول الى رغبه، وتؤدي الرغبه الى إقدام، ويتحول الإقدام الى إصرار، ثم يتحول الإصرار الى إدمان، ويتحول الإدمان أخيرا الى مرض؛ وذلك تحديدا ما يعلمه الله سلفا، لكننا نحن البشر لانعلم علم الغيب. تحررت المرأه في أوروبا وأمريكا، وتشبهت بها أو حاولت نساء بقية العالم كل على سجيتها؛ وبما أتيح لها من حرية. بدأ جنون "التحرر" يدب في كل مكان، ويفرض وجوده في كل موضع، وبدأت بالفعل خطوط الحريه تتداخل، ولم يعد هناك من يأبه لذلك فقد نست الناس خصوصياتها، ورأى الكثيرون بأن " الخصوصيات" أصبحت تمثل عبئا يقف في سبيل التقدم؛ وبذلك سمح البعض للغير بأن يستبيحوا "مقدساتهم" فهي لم تعد مقدسه أمام الرغبه في "الوصول الى الأحسن".
في إستقراء عشوائي تم عام 2002 في بريطانيا شمل حوالي 12,500 متزوج من الرجال والنساء، تبين أن 95% من هؤلاء كان قد مارس تواصلا جنسيا قبل الزواج. وتقول الإحصائيات أنه بالنسبه للرجال والنساء تحت سن 20 سنه مالا يقل عن 75% منهم كان قد تواصل جنسيا قبل الزواج.
في إحصاء صدر عام 2004 في بريطانيا تبين أن نسبة 41,4% من النساء المتزوجات كن أنجبن أطفالا غير شرعيين نتيجة لممارسات جنسيه خارج عصمة الزواج.
القضيه بالطبع لم تتوقف عند ذلك ـ فكما هو شرب الخمر، أو تعاطي المخدرات حيث تكون النهايه الوقوع في براثن المرض والعلل ـ كانت تلك الحريه "الجنسيه" ليست بريئه ابدا، وإلا لما كان الله قد حذرنا منها ومنعنا من الولوج فيها بتلك الشده. كان ثمن تلك "الحريات" باهضا جدا، وكانت الخسائر أكثر وقعا.... نعم إنها تبدأ بالأمراض الساريه؛ ففي كل سنه في أمريكا وحدها ما يزيد عن 3 مليون مراهق ( دون سن 18) يصابون بالأمراض التناسليه، وهذا هو عدد المراهقين فقط، أما العدد الإجمالي للحالات المصابه بالأمراض التناسليه في أمريكا كل سنه فقد بلغ 12 مليون مصاب.
في بريطانيا قام الأطباء بتحليل معلومات مسجله تم جمعها من مراهقين ومراهقات تحت عمر 16 سنه من بين أولئك الذين تم الكشف عنهم في إحدى عيادات الأمراض التناسليه في لندن في فترة 8 أشهر؛ تبين أن متوسط العمر لأولئك المعايدين كان 15 سنه، ولكن كان هناك من بين الفتيات المصابات بالأمراض التناسليه من كان عمرها 12 سنه.
تبين من معلومات نشرت في مايو 2002 في إنجلترا وحدها بأن مالا يقل عن 50% من الرجال والنساء تحت عمر 40 سنه هم مصابون بالأمراض التناسايه. وتبين أنه يتطلب 200 مليون جنيه إسترليني للقضاء على هذه الأفات التناسليه في إنجلترا وحدها.
القضيه تجاوزت الأمراض الساريه الى عمليات الحمل، والولاده، والإجهاض، وإختلاط النسب، وزيادة نسبة الطلاق، وعمليات الغش في الحياة الزوجيه، وما إليها. بلغ عدد حالات الحمل الغير قانونيه ( تحت عمر 18 سنه) بين المراهقات المسجله في أمريكا عام 1990 (1,012,260) حاله، منهن 27,830 حاله تحت عمر الرابعه عشر. أما في بريطانيا حيث كان السبق عن بقية أوروبا في هذا المجال فلم يكن الأمر محتلفا؛ إذ بلغ عدد حالات الحمل المسجله من بين المراهقات تحت عمر الثامنه عشر 39,286 حاله في عام 2002 وحده؛ من بينهن 8,100 تحت عمر 16 سنه، و 390 حالة حمل لفتيات لم يبلغن الرابعه عشر من عمرهن بعد. نحن هنا نتحدث عن حالات حمل غير شرعيه حتى حسب قوانين بريطانيا.. إنه لأمر مخيف فعلا.
في شمال إيرلندا؛ لم يكن الأمر مختلفا كثيرا حيث أكدت التقارير بأنه في كل سنه ما يقارب من 1,700 فتاة مراهقه تضع حملا في المستشفيات هذا بالطبع بالإضافه إلى ما لايقل عن ضعفي هذا العدد من تتم لهن عمليات إجهاض في كل سنه.
نحن هنا نتحدث عن حمل وولاده وإجهاض تحدث سنويا في جزء صغير من إيرلندا حيث الكاثوليكيه تعتبر من أكثر المعتقدات السائده؛ والكاثوليكيه تتميز بإلتزام المؤمنين بها بتعاليم الدين التي بالطبع تمنع الممارسه الجنسيه قبل الزواج.

ماذا قدم الإسلام المرأة ؟
الإسلام إحترم المرأة (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِين) سورة آل عمران؛ آية 42، وركز كثيرا على المرأة كأم ومربيه فأعطاها من الإحترام والتقدير ما لم تتمكن أية ديانة أو حتى ثقافه أخرى من تقديم نظيرا له. قال الله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) سورة لقمان؛ أية 14.
أهتم الإسلام أيما إهتمام بالعلاقه بين البشر، وتمثَل ذلك في أرقى مظاهره في شأن الزواج وعلاقة الأبناء بالآباء. جعل الإسلام رابط الزواج من الأمور المقدسه (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )سورة النساء؛ آية 25، وحذر من الجري وراء الغريزه، وأمر المسلم بالتهذب في المعامله وإحترام المرأة كأم وكزوجه على وجه الخصوص (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا )سورة الإسراء؛ آية 23. نظر الإسلام الى المرأة على أنها إنسانه لها إعتبارها، وحذر من مغبة التعامل معها كسلعه تتبادل بغرض المتعه وإشباع الغرائز؛ المرأة في الإسلام سواء كانت أم، أو أخت، أو إبنه لها من الحقوق ما للرجل، بل كأم أعطاها الإسلام بأكثر مما أعطى للرجل. قال الله تعالى في كتابه العزيز: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى )سورة الطلاق؛ آية6 ، وقال أيضا: (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ )سورة الطلاق؛ آية236. أما في باب الممارسات خارج نطاق العصمه الزوجيه فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) سورة البقره؛ آية 235. وبذلك فقد قفل الباب على كل ما من شأنه أن ينجم عن ممارسات بين الرجل والمرأه خارج إطار الزواج ( لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا) سورة الأحزاب ؛ آية 51 ، وقال أيضا (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) سورة البقره؛ آية 235.. ومن ثم فلا يوجد في الإسلام مكان لكل آفات العصر التي نراها في العالم الذي تنكر لهذا الدين السمح. في العالم الإسلامي السوي، لايوجد مكانا للأمراض التناسليه، ولا يوجد مكان للحمل بدون زواج، ولا يوجد خلطا للأنساب، ولا توجد خيانه زوجيه، ولاتتعذب فتاة في الرابعه عشر من عمرها ذلك بأنها أصبحت حاملا أو بأن أصابتها عاهة منعتها من التمتع بحياتها كأم ذلك لأنها وفي ذلك العمر الطري، وجريا وراء عادة أهلها كانت قد سمحت لغيرها من الرجال بأن ينتهك مجال حرمتها فيفقدها عذريتها التي حباها الله بها ومن بعدها عواقب تلك العلاقه من حمل وآفات التناسل وغيرها من المشاكل كما يحدث في عالمهم المتقدم. في العالم الإسلامي السوي لايوجد طلاق إلا ما ندر، ولا تعاني المرأة المطلقه من الفاقه والحرمان لأن الله مع أنه سمح بالطلاق لأمور حياتيه قدّرها جل جلاله، إلا أنه جعل لهذه الأريحيه ضوابط وشروط ، ونظر الى الطلاق على أنه آخر المبيحات ( أبغض الحلال)، كما أنه جعل للطلاق ضوابطا وشروطا، وسن للمرأة حقوقا تفوق حقوق الرجل حماية وصونا لها (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) سورة الطلاق؛ آية 1، وقال الله تعالى أيضا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيرًا) سورة الأحزاب؛ آية 52. كما أنه في عالم الإسلام النقي لايسمح بعلاقه تناسليه بين رجل ورجل ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ) سورة الأعراف؛ آية 81.
ولم ينسى الإسلام المرأة في حالة النكبات مثل الحروب حيث يكون الموت عادة من نصيب الرجل الأمر الذي يترك من اليتامى من الفتيات ما يدفع الى العوز والحرمان كما يحدث الآن في العراق، وكما يحدث في أفغانستان، والصومال، وفي العديد من دول العالم. الإسلام سمح للرجل وبشروط غاية في الصعوبه بأن يتزوج بأكثر من واحده، وذلك لإعالة المعدومه والتي لايوجد لها أب يحميها ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) سورة النساء؛ آية 3. لقد إشترط الله على المسلمين لكي يتزوجوا بأكثر من واحده لأسباب حددها أن يضمنوا العدل بين الزوجات، فإن تعذر العدل فواحده. ذكر الله بأن العدل بين البشر يعتبر من أصعب الأشياء، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء. الرجل من الممكن أن يعدل في الإنفاق، وقد يعدل في الكساء، والمآكل؛ لكن هل يعقل أن يعدل الإنسان في الحب؟. .. قال الله تعالى ( وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) سورة النساء؛ آية 129 . لا يمكن أن يكون للإنسان قلبان في جوفه، ولا يمكن للقلب في أن يحب أكثر من واحده.. نحن هنا نتحدث عن الحب الحقيقي؛ فقد قيل لنا بأن نبينا محمد عليه السلام لم يكن يعدل في الحب بين زوجاته؛ فقد كان يحب عائشه رضي الله عنها بأكثر من جميع نسائه الأخريات، وقيل أيضا بأن النبي عليه السلام كان يحترم ويقدر السيده خديجه بأكثر من الأخريات؛ لكن النبي تزوج بكل أولئك إستجابة لأمر الله الذي كان له أهدافا يعلمها هو وحده لعل منها ـ كما ظننا ـ المساعده على نشر رسالة الإسلام حين كان النبي عليه السلام يحتاج الى من يؤازره ويقف معه في حين عاداه الجميع بما فيهم رجال عشيرته. تزوج الرسول من كل الطبقات والفئات من أجل لم القلوب، لكنه لم يتزوج من أجل المتعه، ولم يبحث عن مبررات لنكح كل ما طاب له من النساء كما يفعل المسلمون هذه الأيام.
الإسلام أيضا إحترم حرمة المرأة ودعاها للمحافظه على قدسيتها ونفاستها بدون السماح للرجل في أن يدنسها بأن طلب منها الحياء، وأن لا تترك للرجل مبررا لإستغلالها، أو المتاجره بجمالها كما يحدث هذه الأيام في عالم الغرب الذي أصبحت فيه الدعايه أهم تجارة تجلب الربح بدون تعب والذي تكون فيه المرأة وللأسف من أهم عناصر هذه التجارة. آمر الله المرأة بالتستروالإحتشام حتى لايكون جمالها محط أعين النخاسه.. قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) سورة الأحزاب؛ آية 59، لكن الله جعل الستر بما أمر من اللباس وسيله فقط من أجل درء الخطر؛ ولم يكن التحجب غاية في أمر الله الذي حولناه نحن المسلمون الى غاية بل والى طقوس ملزمه.

ماذا قدم المسلم للمرأة؟
ذكر الله الرجل قبل المرأة في كل آيات الكتاب التي عنت بالنصيحه، أو التحذير وذلك ليس لأن الرجل أكثر شأنا من المرأة كما يريد أن يقنعنا به المتشددون ذوي العقول المتحجره؛ وإنما فقط لأن الرجال هم الخطاءون. فكل الجرائم التي نسمع عنها هي من فعل الرجل.. فالسرقه، والمشاجره، والإعتداء على الغير، وكذلك عمليات الإغتصاب التي تكون المرأة فيها دائما الضحيه؛ فهل يمكن لمرأة أن تغتصب رجلا؟. بالفعل لاتستطيع المرأة أن تغتصب رجلا؛ وعلى كل من يشك في هذا أن يتصور بأن الرجل يستطيع ـ وهو ما يفعله على أرض الواقع ـ أن يغتصب المرأة وهي نائمه، مخدره،غائبه عن الوعي، ومكبله بالحبال، ومغررا بها، وتحت أثر الخمر والمسكرات الأخرى، وتحت تأثير العقاقير، وغيرها في حين أن المرأة لايمكنها أبدا أن تفعل ذلك بالرجل ولو حاولت. إذا من هنا ـ على حسب ما أظن ـ وجه الله كلامه للرجل، لكنه لامحاله لم يترك المرأه أو يعفيها بل ذكرها في كل مره ذكر فيه الرجل. ذكرت المرأة بعد ذكر الرجل حتى لاتعفى من المشاركه في فعل الخطيئه؛ حيث أنها في كثير من الأحيان تستطيع أن تقول "لا". قال الله تعالى ( الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )سورة النور؛ آية 3، وقال أيضا (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا )سورة الأحزاب؛ آية 73، وقال (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )سورة الفتح؛ آية 6... والأمثله كثيره في كتاب الله.
هناك فرق كبير بين المسلم والإسلام. فالإسلام هو دين الله كما أنزل، وكما أراده الله؛ أما المسلم فهو ذلك الذي يقوم بمهمة حمل الدين وتطبيقه. هل يتبع مسلم اليوم أمور دينه كما أرادها الله، أم أنه طوّع دينه، وكيّفه بما يتلاءم ورغباته؟. ظن الرجل في بلاد الإسلام بأن المرأة هي سبب البلاء، وهي سبب كل المشاكل؛ وتحوّلت العلاقه بين الرجل والمرأة تتمحور حول شئ واحد وهو "الجنس".. نعم إنها كذلك ولأشد الأسف. قالوا إنه ما إجتمع رجل وإمرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما؛ وهنا هم يعنون تحديدا بأن إجتماع رجل وإمرأة غير محرّمه عنه لابد وأن يكون الشيطان معهما ليغريهما ببعض، ولا بد حسب رأيهم من أن يكون بينهما تواصل وإتصال، وممارسه، وما إلى بقية القصه. أغلب شيوخ الدين يرون ذلك الرأي، وهم يرون المرأة دائما على أنها هي التي سوف تهمّ بالرجل؛ الأمر الذي يدفعه للهمّ بها.. ومنها يقع الإثنان في المحظورات. إنهم وللأسف يحصرون تفكيرهم في هذا الشأن، ويرون الرجل على أنه مخلوق لا إرادة له، ويرون المرأة على أنها مطيّة سهله لاتعرف أن تقول "لا". إنهم ينظرون الى الرجل على أنه لادين، ولا عهد له؛ وينظرون الى المرأة على أنها خادمة الرجل المطيعه، والتي لاترفض له طلبا.. إنهم بذلك يظلمون الرجل، ويظلمون المرأة، ويساوون بينهما والبهائم... وفي ذلك إهانه للعقل البشري.
الرجل في نظرهم يخاف على نفسه من المرأة، ولايستطيع أن يقاوم "جمالها" وكأني به لايمتلك كوابح ولا إراده. قال "شيوخ الدين" عندنا إن المرأة هي سبب البلاء، وأنها سبب الفتنة، وأنها من يغري الرجل ويدفعه الى فعل الرذيله وكأني به حيوانا لايعرف أن يميز بين الحق والباطل. قالوا بأن حواء كانت قد أخرجت آدم من الجنه، وعلى منوالها تفعل نساء اليوم. خوّفوا الرجل على دينه وإيمانه منها؛ وغرسوا في عقله وتفكيره على أنها من يتربّص به من أجل إيقاعه في شباك غرامها... نعم إنهم لخصوا العلاقه بين الرجل والمرأة في موضوع حياتي وحيد وهو "الجنس"، ولم يتمكنوا من الرؤيه لأبعد من ذلك؛ وتلك هي بداية مسلسل الهروب من المرأة، والتخفي عنها وراء الموانع والسواتر. فرضوا على المرأة أن تلف جسدها بالخرق السوداء، وألبسوها الهركه، والجلابيه، وغطوها من قباعة رأسها وحتى أخمس قدميها بالنقاب، وبحثوا في القرآن ، وفي الحديث، وفي كتب السنه ، وفي أروقة المذاهب المختلفه عن كل شئ يدعمون به دعواهم، وفسروا الآيات كما يحلوا لهم بحيث فرضوا إرادتهم في نهاية المطاف وهي ليس بالضرورة من إرادة الله . لقد فرضوا على المرأة إرتداء كل تلك "التلابيب" غير عابئين بمقدار الهم والمعاناة التي أوقعوها فيها. نعم لقد تضررت المرأة في كل شئ في حياتها... إبتداء من حرارة الجوء والرطوبه الخانقه، ومرورا بالحد من حركتها، وإنتهاء بالطبع بتكبيل حريتها في عملها اليومي سواء كان ذلك في البيت كما أرادوها، أو في مكان العمل كما فرضته هي ؛ أو ربما فرضته لوازم الحياة العصريه عليهم . كانوا يرون دائما الحجاب أو النقاب أو أي نوع من أنواع "اللف" الأخرى لجسد المرأة على أنها الغايه أو الهدف وبذلك أوجبوها وجعلوها من "الطقوس" التي لايكتمل الإسلام إلا بها؛ حتى أنهم حرموا على المرأة أن تكشف عن قيد أنمله من جسدها بالنسبه للمتشددين في الدين، أو غير وجهها وكفيها لمن كان منهم يتحلّى ببعض المرونه في فهمه لما ورد في كلام الله. في نظر هؤلاء وللأسف لايهم ما تعمله المرأة تحت الحجاب طالما أنها تستتر وراء "الجلابيب".
لم يكتفي الكثير من علماء المسلمين بذلك فقط، بل ظلت ظنون "السوء" بالمرأة تتربّص بهم أينما حلوا وحيثما إرتحلوا، وخافوا عليها منها بشكل إرتيابي أو ربما "هلوسي" فمنعوها من السفر بدون محرم متجاهلين أو ربما جاهلين بأن السفر هذه الأيام بالطائره يعد من أأمن أنواع الإرتحال نتيجة بالطبع لإنتشار ظاهرة "تفجير الطائرات"، وبقية الإعمال التخريبيه... فليقل لي هؤلاء "المتكلسون" في الفكر والعقيده لماذا تشترطون على المرأة إصطحاب محرما معها إذا أرادت السفر من هذا البلد الى آخر؛ علما بأن أحد أفراد أسرتها يصطحبها الى سلم الطائره قبيل الصعود، ثم يستقبلها أحد أفراد أسرتها بعيد الهبوط ؟.
منعوها من العمل بحجة الإختلاء برجل في مكان عملها، وعندما فرض العصر أمره بحثوا في كتبهم "الصفراء" حتى وجدوا وصفة العلاج التي بها يمكن للمرأة أن تختلط بالرجل في مكان عملها.. طلبوا منها أن ترضع كل رجل يشتغل معها من ثديها كي تحرم عليه، ومن ثم فلا جناح ـ حسب رأيهم ـ عليها في أن تختلط أو تختلي به؛ فقد أصبحت بذلك "محرّمة" عليه. بالطبع لم يشرحوا لنا كيف تتم عملية الإرضاع... هل في وجود شهود أم في خلوة؛ لكنهم حددوا عدد "المصّات" التي على الشاب أن يمصّها من ثدي الفتاة بأنها ثلاثه.. ربما ظنوا بأن الثلاثه مصات من ثدي الفتاة لاتوصل الشاب الى درجة الإثارة الجنسيه.. الله ما أقبحكم أيها الحقراء، وما أقبح تفكيركم يا من لاتفكرون إلا بأصلابكم. نعم إنه الهوس بالجنس هو ما دفع هؤلاء "العلماء" إلى هذا "الإختراع" الغير مسبوق.
حرّموا على المرأة التعليم في أفعانستان ( أغبياء الطالبان)، وحرموا عليها قيادة السياره في السعوديه ( جهلاء آل سعود)، ومنعوها من الترشيح وحتى من الإنتخاب في دول الخليج. الغريب في الأمر أن الطالبان أيام ولايتهم لأفغانستان قالوا بتحريم تعليم المرأة على أيدي الرجال، ومنعوا المرأة من أن يعالجها رجل وكأني بهم لم يحسبوها قبل إصدار تلك الفتاوي... إذ كيف بهم سوف يتمكنون من إيجاد المدرّسة لتعليم بناتهم، والدكتوره لتطبيب نسائهم إذا منعوا المرأة من التعليم؟. سؤال لم أتمكن من إيجاد جوابا له لأنه ببساطه يقع خارج نطاق العقل والمنطق.
لماذا لايحق للمرأة أن تقود السياره؟... أيضا هذا السؤال لم أتمكن من التخمين في الإجابه عليه؛ لكنني قلت في نفسي... حيث أنهم يريدون من المرأة أن تلف كل جسمها بالعباءة أو النقاب، أو الهركه، أو غيرها من التلابيب فإنه بالطبع سوف تتعذر عليها قيادة السياره لأن ذلك من شأنه أن يتتطلب الإنتباه وسرعة التصرّف عن الضروره والمرأة المغلّفة من رأسها الى قدميها بقطعة كبيرة من القماش تجلس على مساحة كبيرة منها كيف لها أن تتمكن من ذلك؟. ربما نظروا الى قضية قيادة السياره بالنسبه للمرأة وفق تلك الضروف من نواحي أمنيه فحكموا على أن منعها من قيادة السياره ربما يعد أقل ضررا من تعريضها لخطر الحوادث المروريه !!. قد يكون ذلك هو التفسير المنطقي ، أو ربما توجد مبررات أخرى لم أتمكن من العثور عليها.
في بريطانيا تركت فتيات "مسلمات " العمل كمحاميات في المحاكم لأنهن أصرّين على لباس النقاب، وكذلك تركت فتيات عملهن كمدرسات لأن ظروف العمل لم تتناسب مع لباس النقاب لأسباب عمليه محظه. قررت تلك الفتيات ترك العمل، والبقاء في البيوت حيث يمكنهن الحفاظ على إرتداء تلك التلابيب ونسبوا ذلك الى "أوامر الإسلام". ترك العمل لأمثال هؤلاء والتضحيه بمهنه سعين من أجل الحصول عليها، وتعبن من أجل التأهل لها ليس بالأمر المهم، ولكن ما كان مهمّا في الواقع لأمثالهن هو المحافظه على "الطقوس" والسبب ربما لأن أمثال هولاء لم يجربن الجوع، ولم يحسسن بالحاجه بعد، وحين يحسسن، أو يحس أهلهن بالجوع فسوف نراهم جميعا يتدافعون في كل مكان يبحثون عن عمل، وأي عمل يسترزقون منه؛ وعندها فسوف يقبل أمثال هؤلاء العمل في أي مكان، وبأي صفة وقد يسبون الإسلام حينها ظانّين بأنه كان السبب في ما لحق بهم.
الرجل تجاهل نفسه، ونسى بأنّ الله كان قد زوده بكوابح ميَزه بها عن البهائم وطلب منه إستخدامها، بل وأمره بذلك؛ لكنه تحايل على الأمر، وبدل أن يلوم نفسه ويهذبها صب لومه على المرأة المسكينه، ونعتها على أنها هي سبب "البلاء" الذي يصيبه حيث أنها حسب زعمه كانت من أغراه وجرَه الى فعل الخطيئة؛ فقرر أن يغلّفها بالخرق السوداء، وأن يلفّها مثل زجاجة "العطر" ليس حماية لها من الإنكسار، بل حماية لنفسه من الإنجرار وراء أنوثتها لإشباع غريزته. وضع الرجل كل اللوم عليك سيدتي، وبذلك برر إخضاعك لكل آوامره فمنعك وسمح لنفسه، ولم يسمح لخياله يوما ما بأن يتصورك في مكانه. نعم؛ ماذا لو أن زوجة شاركت زوجها مع رجل آخر.. إنه سوف يقتلها بدون تردد. لماذا هو إذا يسبح ويمرح كيفما شاء، وكما إرتضى؟. أليست هي الآنانيه المفرطة التي تربى عليها الرجل؟.
قرر رجل الدين في بلاد الإسلام بأن المرأة لايحق لها بأن تحكم، ولا أن تكون قائده للرجل، ولا أن تتقدم الصفوف؛ بل إنه إعتبرها أقل منه كإنسانه، وإستغل ذلك أيما إستغلال.. فهي الجاريه، وهي الحرمه، وهي الشغاله، وهي المسبيّه، وهي من ضمن ما طاب له من النساء.
قالوا بأن المرأة ( ناقصة عقل ودين) ونسبوا ذلك الى النبي عليه السلام بأن صنفوه من آحاديثه؛ وعندما سوئلوا عن تفسير ذلك لم يتمكنوا لأنهم أرادوها كذلك حتى لايسمح لها بتقدم الصفوف. قالوا إن المرأة ناقصة عقل لأن حجم دماغها أقل من حجم دماغ الرجل، وإستندوا في ذلك الى علوم التشريح؛ لكنهم بالطبع نسوا علوم الوظيفه ( الفسيولوجيا) التي تقول بأن الحجم لي هو الأساس في تحديد الفعاليه، بل الوظيفه هي من يحدد ذلك. علماؤنا المسلمون لايهمهم ما تقوله كتب الفسيولوجيا فهم لايفقهون ذلك لأنه ليس من شأنهم، وهم بالطبع من لايستمع الى الغير حيث هم من يجب أن يستمع إليه لأنهم يحكمون بالتفويض الإلهي.
سوئل علماء الدين: وما المعني ب " ناقصة دين"؟.. فلم يجدوا تفسيرا منطقيا لذلك، ولم يذكر الله لهم بأن المرأة ناقصة دين إلا ما إيتدعوه من الآحاديث التي نسبوها ظلما إلى النبي محمد عليه السلام. قالوا إنها ناقصة دين حيث أنها تأتيها الدوره الشهريه، وتحمل وترضع، وفي كل هذه الأحيان فهي لاتصلي ولاتصوم وفسروا وأضافوا ذلك الى نواقص المرأة وكأني بهم لم ينتبهوا الى أن الله كان قد كرّمها بأن عفاها من كل ذلك أثناء وجود الموانع الوظيفيه المذكوره. لم يكتفي علماء الإسلام بذلك بل إنهم ذهبوا للإستدلال بآيات من القرآن التي سوَت الرجل بإمرأتين مثل قوله تعالى (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيمًا ) سورة النساء؛ آية 11، (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ) سورة البقرة؛ من الآيه 282.
إن تفسيرهم لكلام الله بمثل ما تقوّلوا به ليعني لكل قاص ودان بأن الله كان قد قلل من شأن المرأة وجعلها تساوي نصف الرجل. تلك هي الصوره التي قدمناها لغيرنا عن مكانة المرأة في الإسلام، وقلنا لهم بأن المرأة لها مكانه خاصه في الإسلام... هل هناك إزدواجيه في المعايير أكثر بلاغة من كل هذا؟.
لماذا إشترط الله أن يستعاض بإمرأتين بدل رجل في أمور ذكرها، ولماذا حكم الله بإعطاء الرجل مثل حظ الأنثيين في الميراث؟.. هذه أمور يجب إعادة النظر في فهمنا لها وتفسيرها بحيث يقترب فهمنا من الواقع الذي قصده الله، فنحن لامحاله لانعرف تأويل كلام الله لكننا نجتهد وقد نخطئ وعلينا إستدراك الخطأ وتصليح مفاهيمنا المغلوطه حين تقتضي الحاجه. ذلك بدون شك يفتح الباب واسعا وراء البحث والإجتهاد، وليس بالضروره أن يحتكر الإجتهاد على من يسمون أنفسهم " بعلماء الدين" أو " علماء الشريعه". الحياة تطورت وتشعبت مقتضياتها ولم يعد بإمكان عالم الشريعه الإلمام بكل أطرافها، وبذلك فإنه يتوجب إشراك أناس آخرين من تخصصات حياتيه أخرى ليكونوا جزءا مكمّلا " لهيئات الإفتاء" في بلاد الإسلام.
هل يمكن لنا القول مثلا بأن الرجل بحكم طبيعته يكون دائما في الحدث شاهدا عليه، أو مشاركا فيه ومن ثم فشهادته تكون قانونيا أكثر إستدلالا على ما حدث أمام القاضي الذي أسند اليه الفظ في القضيه.. ربما يكون ذلك تفسيرا لإشتراط وجود مرأتين بدل رجل في حالة تعذر وجود الرجل كشاهد على ما حدث. أما قضية أن الرجل له مثل حظ الأنثيين من الميراث فلا تعني حسب ما أفهم إنتقاصا من قيمة المرأة، أو رفعة في قيمة الرجل؛ بقدر ما تستند الى الآيه التي تقول (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) سورة النساء؛ آية 34... فتلك الآيه لايمكن الإستناد إليها على أنها تعني قوامة الرجل "المطلقة" على المرأة وإنما إشترط الله لتلك القوامه أن تكون مرتبطة بالإنفاق.. فإن أنفقت المرأة من أموالها على الرجل تنتفي قوامته عليها آليا. إننا حين ننادي بقوامة الرجل المطلقه على المرأة مستندين الى تلك الآيه؛ فإننا نظلم أنفسنا، ونظلم المرأة لامحاله بحيث أننا نأخذ مقدمة الآيه ( فعل الشرط) ونترك بقيتها (جواب الشرط)... فحين نقول ( الرجال قوامون على النساء) وننتهي عند ذلك؛ فإننا كمن يقول مثلا ( ولاتقربوا الصلاة) ونغفل بقية الآية ( وأنتم سكارى)؛ فالآيه بقيتها تقول بكل وضوح (وبما أنفقوا من أموالهم).
الرجل المسلم أيضا أهان أخته المسلمه بأن نظر إليها على أنها إنما خلقت فقط لخدمته وإمتاعه؛ فبالإضافه الى الحكم عليها بالبقاء في البيت، ومنعها من التعليم، أو إن هي تعلمت منعها من الذهاب الى العمل في مجالها الذي رغبته وتخصصت فيه.. بالإضافة الى كل ذلك بحث الرجل عن مبررات للتمتع بأكثر عدد من النساء. هذه أمثله حيه منقوله عن محطات فضائيه تعني بشئون العلاقات الإجتماعيه والزواج لمن يريد أن يتدبر:
من قناة "رابط الخير" الفضائيه نقلت لكم هذا الإعلان: مطلقه من السعوديه عمرها 28 سنه، حريصه على دينها، وذكيه؛ تبحث عن رجل أعمال بغرض زواج مسيار.
ومنها أيضا: شاب وسيم متزوج من السعوديه عمره 35 سنه؛ يبحث عن فتاة جميله بغرض زواج مسيار.
من قناة " العفاف" الفضائية نقلت لكم الآتي: شاب متزوج من الأردن عمره 28 سنه يحبها أنيقه، ورومانسيه بغرض الزواج.
ومن نفس القناة: رجل متزوج من مصر عمره 45 سنه مقيم في السعوديه.. يريدها متدينه، وتخاف الله بغرض زواج مسيار. ومن قناة "زفاف" الفضائيه نقلت لكم الآتي: متزوج من السعوديه عمري 38 سنه.. أعشق المرأة المتحجبه الأنيقه زواج مسيار.
ومن نفس القناة: متزوج من السعوديه عمري 23 سنه.. أريدها حلوة وجميله؛ زواج بأسرع ما يمكن.
هذه أيها الإخوة والآخوات نماذج بسيطه لكنها عشوائيه ربما تعكس جزءا كبيرا من حالنا كمسلمين " مساكين" في عالم اليوم الذي يتسابق فيه الناس من أجل العلم والمعرفه... نحن وللأسف نقضي فيه وقتنا في البحث عن المتعه. المزعج حقا، والمقرف في نفس الوقت أن هؤلاء الباحثون عن "الهوى" كلهم متزوجون ويبحثون عن المتعه بإسم الإسلام. أرادوها أن تكون تحت بند "الزواج المسيار" وهو ما كان يطلق عليه سابقا " زواج المتعه" حب علمي.
نعم.. لقد تزوج "المسلم" مثنى، وثلاث، ورباع بناء على ما سمح الله له به بالطبع دون مراعاة الشروط المرفقه؛ لكنه لم يكتف بذلك فبحث في الكتب الصفراء عن "أذونات" تمكنه من نكاح مزيدا من النساء؛ فإكتشف الفتوى التي تجيز له الزواج المسيار، وفي هذا يمكنه معاشرة النساء أينما حل ونزل دون ممارسة "الزناء" المحرّم صراحة؛ وحتى هذه الفتاوي لم تشفي غليله، فإهتدى الى الآيه التي تقول (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) سورة النساء؛ آية 3، والآية التي تقول (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ) سورة النساء؛ من الآية 24.. التي فسرها على أنها تعني كل من خضعت لكم ولو من باب الفاقة والإحتياج؛ الأمر الذي تطلب إنفاقكم عليها ومن ثم تدخل في نطاق ما ملكت أيمانكم. يقال أن هناك مبررات أخرى للنكاح خارج إطار الزواج المتعارف عليه وهي كثيرة جدا يجيزها علماء الشيعه، وبعضها بالفعل يدعو الى القرف والشعور بالغثيان وأخجل من التعرض إليها هنا. المهم أننا نحن كمسلمين نجيد عملية البحث عن المبررات عندما يتعلق الأمر بالنساء، وهذا بالطبع يعني الرجال فقط؛ فالنساء لاتشملهن قوانين المتعه هذه اللهم إلا في ما يتعلق بأمرهن "كمفعول به"، أو "متمتع به".
هل للمرأة "الزوجه" في عالمنا الرجالي من رأي في موضوع زواج زوجها من إمراة أخرى؟. بالطبع لايحق لها أن ترفض، أو تعترض على زواجه من أخرى، أو حتى أخريات؛ فهي مهدده بالطلاق إن هي رفضت في أحسن الأحوال، أو بالضرب والتشهير إن هي إعترضت في أحوال أخرى. إذا هكذا نحن نقدم ديننا الى الغير، وهكذا نبرهن لهم على إهتمام ديننا بالمرأة، وبالمساواة في الإسلام، وغيرها من العبارات التي لايعكسها الواقع المعاش في عالمنا الإسلامي.
أختي المرأة المسلمه، وأخص هنا بالذكر الشابه اليافعه التي مازالت في بداية الطريق... أنظري أختي الى نفسك جيدا في المرآة وتدبري من أنت.. أنت بقدر ما أنت أنثى، فإنك إنسانه لك حقوق بقدر ما عليك من واجبات. إنك إنسانه ويجب أن تقوليها عالية في وجه الرجل الذي لا يرى فيك إلا "الأنثى"، والذي لايهمه الباقي.
أنا شخصيا أرى بأن اللوم يقع عليك أنت، وأنت وحدك في كل ما يحدث لك معه... لماذا؟. ألست أنت من رضيت بالزواج من رجل وأنت تعرفين بأنه متزوج من أخرى ولديه منها أطفالا؟. كيف تسمحين لنفسك بأن تنامي في سريرك وحيده؛ بعد أن تركك وذهب لينام معها وتمضين ليلتك ساهره تفكرين في الليلة القادمه فعساه أن يعود اليك بعد أن يكون قد قضى وطره منها؟. ألست أنت سيدتي من يلام في كل ما يفعله الرجل بك؟... ذلك فقط لأنك تنازلت عن كبريائك، ورضيت بأن تشاركك واحدة أخرى في زوجك. كان بإمكانك أن تقولي لا، لكنك ما فعلتيها لأنك إنسانه ضعيفه، وثقتك بنفسك مهزوزه، وغالبتك عقدة "الدونيه". يعلم الله بأني أحترمك، وأقدّرك، وأعرف قيمتك الحقيقيه كإنسانه وإلا لما قسوت عليك.. فأعذريني، لكني أسألك بأن تفوقي لنفسك.
كيف تسمحي لنفسك بالإهانه بحيث تبقين مع رجل لايحترم مشاعرك كأنثى فيتزوج معك أو عليك من إمرأة أخرى وأنت من أنجب له الولد، وفتح له عينيه على العالم، وأنت من علمه جميع أصول "الإتيكيت". ربما كنت أنت أيضا من قدم له تلك الفتاة الجميله صاحبتك في يوم من الأيام، وفي مناسبه من المناسبات. نعم إنها هي نفسها من قمت بتقديمها إلى زوجك مفتخرة بها كصديقه ودوده ، أو قدمت زوجك لها فخورة مفتخرة به؛ فإذا بزوجك النبيل "يقع في حبها"، ومن ثم يذهب الى أهلها يطلب يدها، وإذا بها تصبح زوجته؛ أي أنها في لمحة بصر تتحول من صديقة حميمة لك إلى "ضرّة" منافسة لك عليه. وكما وقعت أنت ضحية طيبتك ونقاء نفسك وثقتك المطلقه به، سوف تقع هي أيضا فريسة لنفس ذاك الرجل الذي يسمح لنفسه بالزواج بمثنى، وثلاث، ورباع... ولن يكتفي بذلك أبدا؛ فمثل هؤلاء الرجال لايفكرون بأدمغتهم التي هي في رؤوسهم، وإنما يفكرون بأصلابهم التي هي في أحواضهم.لن يتوقف زوجك عند حد الظفر بصاحبتك الودودة التي نالت ثقتك، بل إنه سوف يكرر نفس المسلسل مع كل واحدة يقع عليها بصره وتقول له نعم. وسوف يستكمل الثلاث والرباع التي "سمح الله له بهن"، وسوف يبحث في الآحاديث النبويه، وفي السنه، وفي الإجماع عله يجد "نصوصا" تسمح له بمعاشرة مزيد من النساء. سوف يعاشر إمرأة في كل بلد يحل به، بل وفي كل مدينه تطاها قدماه عند ترحاله متسلحا بوثيقة "الزواج المسيار"، أو إباحية "زواج المتعه"، أو أي من المسميات الأخرى التي وجد فيها مبررا ـ ولا يهمه إن كان واهيا ـ لإشباع شهواته "الحيوانيه". هذا الرجل الآناني لا يرى إلا نفسه، ويظن بأنه الرجل الوحيد في هذا العالم، وبأن رجولته تتحدد بعدد "الحريم" اللائي رضين بالعيش تحت كنفه... هذا هو حال الرجل المسلم في بلاد الإسلام، وذلك هو حاله في خارج بلاد الإسلام.


خلاصة القول.. إن الإسلام كان بالفعل قد أنصف المرأة، ووضع لها إعتبارات لم تتمكن من مجاراتها الثقافات وحتى الديانات الأخرى؛ لكننا نحن المسلمون ولغاية في أنفسنا غيرنا تلك المفاهيم وطوعناها بما يستجيب لرغباتنا وغرائزنا وفي هذا الكثير من الظلم والإجحاف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق