عمليّة ضم بني وليد لركب الثورة أعتقد أنها لا يختلف عليها إثنان من الليبيّين الذين يحبّون ليبيا، فلا يعقل أن يبدأ القطار في السير
إلى الأمام وهناك من يحاول شدّه إلى الوراء. الطريقة التي تمّت بها العمليّة، والكيفيّة "المستعجلة" التي أصدر بها القرار رقم
"7"، وتلك الأخبار المشوّشة والتصريحات "الكاذبة" التي صاحبت بداية عمليّة دخول بني وليد... هذه الأمور في حاجة ملحّة إلى
التوضيح والتفنيد والإعتبار.
بالنسبة لأخوتنا في بني وليد... أود أن أذكّرهم - وهم خير العارفين - بأن الحياة لا يمكنها إلاّ أن تسير إلى الأمام ولا يستطيع أحد
إيقاف سيرانها أو عكسه لأنّها تستجيب لإرادة الله، وبأن كل شعوب العالم مرّت بنكسات وإنتكاسات لكنّها تغلّبت عليها مع مرور
الوقت.
الذي حدث في بني وليد - رغم قسوته - لا يمكن تشبيهه بما حدث في آماكن أخرى من العالم عبر العصور، وعلى إخوتنا في بني
وليد أن يلوموا أنفسهم أوّلاً فيما حدث لهم ولمدينتهم. لماذا رضى أهل بني وليد لمدينتهم بأن تتأخّر عن اللّحاق بركب التغيير الذي
حدث في ليبيا والذي كان بكل المعايير والمقاييس كبيراً جداً وخطيراً جدّاً، ولماذا سمح المثقّفون والمتعلّمون من آهالي بني وليد لفئة
"ساذجة" وسطحيّة التفكير كي تختطف هذه المدينة من أهاليها والسير بها بعيداً عن سريان الحياة في ليبيا الجديدة؟.
هل حاول مثقّفوا بني وليد الأخذ بزمام المبادرة والمسك بعجلة القيادة في هذه المدينة التي ضحّت أكثر من غيرها بخيرة شبابها
مقاومة لنظام الطغيان والديكتاتوريّة في وقت كان فيه أغلب الليبيّين يسيرون في "ركب القائد الملهم"؟.
بني وليد ثارت قبل كل المدن الليبيّة الأخرى بما فيها مصراته نفسها ضد الحكم الهمجي، وكادت بني وليد في عام 1993 أن
تقضي على ذلك النظام لولا بعض الخيانات... لماذا أساء أهالي بني وليد للشهداء من أبنائهم بحيث سمحوا ل"سالم الواعر" بأن
يسئ إليهم من خلال مواقفه المتشنّجة والتي لم تكن في صالح بني وليد ولا في صالح سكّانها؟. أنا أظن بأن "سالم الواعر" هو
نسخة أخرى من "عبد الله ناكر" وأمثال هؤلاء الناس لا يختلفون من حيث التفكير والممارسة عن الطاغية المقبور معمّر القذّافي
في شئ. فالطاغية القذّافي كما نعرف بدأ ضابطاً مغموراً في الجيش لم يكن يعرفه أحد في ذلك الوقت، وكان قد بدأ متواضعاً
وخلوقاً فأحبّه الليبيّون الذين كانوا يطمحون إلى تغيير أوضاعهم التي كانت أكثر من رديئة إبّان العهد الملكي الخانع المتخلّف
فوجدوا سلواهم في شخص الملازم المفوّه معمر القذّافي فأحبّوه وساندوه وساروا وراءه، لكن سرعان ما بدأ الغرور يتسرّب إلى
نفسه نظراً لإنحسار مداركه وربّما لضحالة تفكيره ورداءة تركيبته النفسيّة فأخذ يتعاظم ويتعاظم إلى أن أصبح ملك الملوك.
لو أنّني أنا من بني وليد لكنت دعوت أهلي فيها إلى التحلّي بالشجاعة والبدء في جلد النفس قبل الشروع في لوم الآخرين. أنا أظن
أن من حق أهالي بني وليد أن يتساءلوا عن حيثيات القرار رقم "7" والمشاكل التي ترتّبت على محاولة الشروع في تنفيذه بما في
ذلك تلك الأخبار المشوّشة، لكن على أهلنا في بني وليد أن يعتبروا أن ليبيا هي بلدهم وأن بقيّة أبناء وبنات الشعب الليبي هم أهلهم
وذويهم وبأن هذه الضبابة يجب أن تنجلي وبأسرع ما يمكن حتى تعود ليبيا موحّدة من جديد بدون ضغائن وبدون منغّسات بإذن الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق