Translate

الاثنين، 17 يونيو 2013

الثورة بين الأمس واليوم

الثورة كانت عفويّة وكانت تلقائيّة وبكل تأكيد كان قد أشعل فتيلها شباب وشابّات ليبيا، ولكن بكل صراحة لم تكن للجماعات الدينيّة يداً فيها بل على العكس تفكير وعقلية الجماعات الدينيّة كان يصب في خانة "عدم الخروج على ولي الأمر، لأنّ ذلك سوف يكون مدعاة للفتنة والفتنة عندهم تعتبر أشد من الحرب، كما لم تكن للمعارضة الليبيّة في الخارج يداً فيها مع أنّها بكل تأكيد باركتها ووقفت معها بعد إندلاعها.
هذه الثورة كانت شبابيّة الإنطلاق ليبيّة المسار... بمعنى أنّها بمجرّد إشتعال شرارتها الأولى إحتصنتها كل مكوّنات المجتمع الليبي، وبذلك أصبحت ثورة ليبية شاملة وكان ذلك من أهم عوامل نجاحها وإنتصارها في نهاية المطاف. الثورة كانت ليبيّة بإمتياز، ومن ثم فلا يحق لأي جهة إحتكارها لنفسها أو إستثمارها لصالحها أو محاولة الإرتزاق منها. الثورة التي قامت بهذا الشكل لم تكن في حاجة إلى قيادة ولم تكن في حاجة إلى إديولوجيّات سياسيّة أكثر من إديولوجيّة عشق الحريّة والموت في سبيل تحقيقها.

الآن وقد إنتهت الثورة بعد أن حقّقت هدفها الوحيد وهو تحرير البلاد من نظام حكم الطاغية القذّافي بدأت الثورة تنحرف عن مبادئها وأهدافها ذلك لأنّها لا تمتلك رؤية مستقبليّة ولا توجد لها قيادة، ومن ثمّ فلم تكن لها رؤية أبعد من التحرّر. هذا يعني بأن الثورة وصلت بعيد التحرير إلى خط النهاية... فبدأت تقرع الباب المسدود لتنفذ إلى ما وراءه لكنّني آتمنّىاه بألاّ يفتح لها أبداً، لأن ذلك بكل تأكيد يعني إعطاء الثورة الوقود الذي تحتاج إليه مما يعني إشتعالها من جديد، وإشتعال الثورة من جديد في عدم وجود هدف وحيد كما كان عليه الحال قبل سقوط الطاغية يعني البحث عن أي شئ يمكن تغييره، وهذا النوع من التغيير تكون نواتجه بلا محالة "التدمير" و"البعثرة" فحين تنعدم الأهداف المحدّدة كما ذكرت فإن النتيجة الحتميّة لإستمرار الثورة تعني يقيناً إستمرار الفوضى ومنع الإستقرار.
من هنا يمكن القول إنّنا الآن في حاجة إلى أساسيّات الحكم المدني المستقر والمؤّطّر، وهذا الحكم لابد وأن تكون له برامج تنمويّة وتفكير مستقبلي وهو ما يعني وجود إستراتيجيّة ووجود تكتّلات سياسيّة لها أهدافها الواضحة ولها برامج عملها المدروسة منها الأحزاب السياسيّة ومنها تنظيمات المجتمع المدني ومنها بكل تأكيد.... الروابط المهنيّة. منها أيضاً مؤسّسات الدولة القويّة التي تشمل بكل تأكيد الجيش والشرطة، وكذلك المحاكم والقونين الصارمة المنظّمة لعملها والتي  يكون هدفها الجوهري الحافظة على أمن المواطن وسلامة ممتلكاته وتمكينه من المزيد من الحريّة حتى يراقب الحكومة ويكون قادراً على محاسبتها بالأسلوب الحضاري المتمدّن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق