Translate

الخميس، 26 ديسمبر 2013

أكاد أجزم بأنّنا في حاجة إلى ثورة دينيّة عاجلة



إستمعت كعادتي إستماعاً سلبيّاً (يعني أنا لم أقصد بأن أستمع، لكنّ الصوت وقع عليّ وأنا أتعاطى مع شبكة المعلومات في مكان قريب من جهاز التلفزيون !)... إستمعت إلى هذا "الشيخ" وهو يتحدّث عن عذاب الآخرة. قال.... وقال... وقال... وهو يشدّد ويتشدّد ويعد وينذر ويخيف لأكثر من 30 دقيقة حتى وصل به المطاف إلى الحديث عن 10,000 حجرة في الآخرة يوجد بكل منها ملاك، فيخرج الملاك من كل حجرة ليسألك عن أعمالك في الدنيا... وويلك لو غضب عليك الملاك. 

بعدها تحدّث "الشيخ" عن الجلوس في مكان لا يذكر فيه إسم الله فقال: "الجالسون في مكان لا يذكر فيه إسم الله هم كالجالس على روث حمار..." >>  أكرمكم الله. 
حينها فكّرت في نفسي وأنا أجلس لأكثر من ساعتين في كل مرّة لأناقش طريقة معالجة مرضاي في المستشفى مع فريق المعالجة اليوميّة من ممرّضات وأخصّائيّات في العلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، والصيدلانيّة، والأخصّائيّة النفسانيّة بدون أن يذكر إسم الله في ذلك المكان... فقلت في نفسي وهل كنّا بالفعل نجلس على "روث حمار؟".. أكرمكم الله.
بعد ذلك إتجه حضرة "الشيخ" إلى ردهة العلماء ( وهو يقيناً يقصدهم هم وحدهم دون سواهم... وأيّ علماء؟... "علماء" الدين حصريّاً بالطبع، فغيرهم ليسوا من العلماء في قواميس شيوخ الدين) حيث صرخ للمرّة الثانية قائلاً: العلماء ورثة الأنبياء فمن سبّهم أو إستهزأ بهم فهو كمن سب أو إستهزأ بالنبي عليه السلام. وواصل "الشيخ" حديثه عن العلماء قائلاً: لحوم العلماء مسمومة... وحينها بصدق شعرت بالإمتعاض، فتركت المكان لأستنشق بعض الهواء النقي علّه يبعد عنّي الإحساس بالتقيئ.

هذا الشيخ أخذ أكثر من 60 دقيقة من وقت القناة التي كان يتحدّث منها، وحين خاطبه المخرج طالباً منه التوقّف لأنّ وقت البرنامج "إنتهى"... تحسّر كثيراً على إنتهاء الوقت، وقال بأنّ لديه الكثير من الكلام "المهم" كان عليه أن يقوله، وبأنّه لا يحس بالإرتياح من تدخّل المخرج. في واقع الأمر إستمر يتحدّث لأكثر من 5 دقائق إضافيّة إلى أن حسب ظنّي رفعوا له النبرة فتأسّف لمشاهديه على التوقّف ووعدهم بأنّه سوف يطل عليهم من جديد في أقرب وقت..!.

تذكّرت حينها ثورة المسيحيّين في القرن الخامس عشر الميلادي على كهنة الكنيسة وشيوخ الدين الذين كانوا يسيطرون على شئون البشر ويتدخّلون في كل صغيرة في حياتهم، وكانوا في واقع الأمر يصوّرون أنفسهم للرعيّة على أنّهم هم - وهم وحدهم - من يعتبر صلة الوصل بين الناس وبين الرب، وبناء على ذلك فقد باشروا ببيع صكوك الغفران لمن إمتلك المال ليشتري له مكاناً في الجنّة. بكل تأكيد كسب رجال الدين حينها الملايين من تلك التجارة الرابحة، فتحوّلوا إلى ملاّك للأرض والعقار، وأصبحوا هم الأغنياء؛ بينما غيرهم من البشر البسطاء ظلّوا يعانون من فقرهم حتى دفعهم الفقر إلى الثورة على من كان يستغلّهم بإسم الرب، وكانت تلك هي البداية لما تشهده أوروبّا وشمال أمريكا اليوم من إزدهار وتقدّم وتحضّر وإنسانيّة أيضاً. 
أعتقد بأنّنا على شفى ثورة مماثلة نتخلّص عن طريقها من أمثال هذا "الدجّال" الذي خرج علينا "يدجّل"... وأقولها يدجّل بدون تردّد، لأنّه كان يحدّثنا عن أشياء لا يعلمها حتى رسول الله عليه الصلاة والسلام. إختار هذا "الشيخ" أن يحدّثنا عن أمور غيبيّة إحتفظ بها الله لنفسه ولم يطّلع عليها حتى أقرب البشر إليه وهو سيّدنا محمداً عليه الصلاة والسلام.
قال الله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}... صدق الله العظيم.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق