Translate

السبت، 27 سبتمبر 2014

النتائج المتوقّعة لعملية "قسورة"


لا أعتقد بأن أي عاقل ليبي أو عاقلة ليبيّة سوف يختلفوا في أن الذي يجري في ليبيا الآن هو بكل المعايير والحسابات يعتبر ضرباً من ضروب الجنون، وبكل تأكيد سوف لن يكون فيه أي طرف من الرابحين حتى وإن تمكّن طرف من تحقيق إنتصار مرحلي ولو أعتقد بأنّه يحتسبه "ساحقاً. 
السؤال الذي يطرح نفسه الآن وبكل قوّة على كل العقلاء في ليبيا هو: كيف يمكننا الخروج من هذا المأزق... كيف يمكننا إيقاف هذه الحرب المدمّرة والتي نعرف بأنّها بدون أية أهداف للدولة الليبيّة؟. 
 أنا عرفت من مصادر قريبة من الحدث بأن أهل مصراته في العموم كانوا معارضين وبقوّة لعمليّة "فجر ليبيا" حينما كانت في لحظاتها الأولى، إذ تمكّن بعض الحالمين بالسلطة من أمثال السيّد عبد الرحمن السويحلي، والسيّد صلاح بادي والآخرين الذين كانوا يفكّرون بنفس طريقة تفكيرهما من تأليب مشاعر بعض المراهقين وأشباه الثوّار في درع الوسطى (أغلب المنتمين إليه هم من مصراته) كي يتحرّك بإسم "أهل مصراته" نحو مطار طرابلس العالمي بحجج كانت واهية منذ بدايتها، لكنّهم ( أهل مصراته) الآن يجدون أنفسهم مضطرّين لدعم أبنائهم في القتال، وهم بدأوا يرون هجوم قسورة على الكثير من المدن الليبيّة هو بمثابة "رد إعتبار" لهم، أو ربما من باب الإنتصار "لكرامتهم"... والكرامة المقصودة هنا هي "كرامة أهل مصراته" لأنّ الكثير منهم بدأوا يحسّون بأن أغلب المدن الليبيّة هي الآن ضدّهم ويحقد أهلها على مصراته وأهل مصراته ككل، وبمجرّد هزيمة درع الوسطى ( وهي أكيدة) فإنّ أهل مصراته سوف يدفعوا الثمن والذي سوف يكون مرتفعاً جدّاً. 

أنا شخصيّاً لا أظن بأن الحقد على مصراته وأهلها سوف يكون قويّاً لو تمكّن العقلاء في مصراته من التدخّل الآن وبكل قوّة للطلب من أبنائهم بإيقاف هذه الحرب الغبيّة فوراً والعودة إلى مصراته. 
أنا أرى بأن هجوم قوّات القسورة على مدن الغرب الليبي يجب أن يتوقّف حالاً، وبأن من يروّج للحرب والتدمير ويينتشي بذلك  يجب أن يتم ردعه وإيقافه حالاً من أجل صون الدم الليبي، وصون الروابط الإجتماعيّة المتداخلة بين الليبيّين. علينا بأن ننسى شمّاعة "الأزلام" وبأن ننسى وإلى الأبد نظام حكم الطاغية القذّافي. 
على من يقف وراء عملية القسورة أن يعود إلى رشده ويقنع نفسه بهذه الطريقة أو تلك بأنّه سوف لن يكسب هذه الحرب وسوف لن يحكم ليبيا، فلا يمكن حكم الشعب بقهره وتسكيته ومنعه من التعبير عن رأيه بقوّة الحديد والنار وفرض الطغيان. ذلك كان إسلوب الطاغية القذّافي، وبالفعل حكم القذّافي ليبيا لأكثر من 40 سنة لكن نهايته كانت شنيعة، وتلك النهاية بصدق لا يوجد في كل الدنيا ما يبرّرها، فما بالك بسلطة مدتها 4 عقود من الزمان. 
على هذه الحرب أن تتوقّف، وعلى كل الليبيّين والليبيّات الوقوف بكل قوّة وراء مجلس النوّاب ( وهو سلطة مؤقّته على أية حال) من أجل الإنتقال إلى المرحلة الثابتة والتي سوف تعطي الفرصة لكل من يرغب في حكم ليبيا من الليبيّين والليبيّات أن يحكمها ولكن فقط من خلال العمليّة الديموقراطيّة. 
هناك نقطة مهمّة أريد أن أشير إليها هنا وهي مصير مصراته كمدينة، ومصير أهل مصراتة كمواطنين: أنا أعتقد بأن كل المدن والمناطق الليبية سوف تتصالح مع بعضها بهذا الشكل أو ذلك، لكن مصراته سوف تكون الخاسر الأكبر ممّا يحدث الآن. مصراته كمدينة سوف تخسر كثيراً وكثيراً جدّاً ربما إلى درجة التهميش، وأهل مصراته المقيمون بداخلها سوف يعانون كثيراً، أمّا من يحمل لقب مصراته، أو ينتمي إلى مصراته لكنّه يقيم في مدينة أخرى فإنّه كذلك سوف يحسّ بكراهية عالمه المحيط به له وفي أي مكان في ليبيا. 
أعتقد بأن أهل مصراته لم يفكّروا في مثل هذه الأمور، وربما موقف صارم من أعيان مصراته والنافذين فيها في هذا الوقت يقومون من خلاله بردع "الفوضويّين منهم" ويعيدوهم إلى جادّة الصواب أو ربما من خلال إتخاذ موقف جماعي منهم بما يليق وجرائمهم التي إرتكبوها في حق الآخرين من أبناء وبنات البلد. موقف مثل هذا قد يترك بعض الأثر الجيّد عند بقيّة الليبيّين والليبيّات لصالح الطيّبين من أهل مصراته ..... ولكن يجب أن يحدث مثل هذا قبل فوات الآوان. 
على جميع الليبيّين والليبيّات أن يعوا بأن هذه الحرب سوف لن تدوم طويلاً، وبأنّ المشاركين فيها سوف يعودوا إلى بيوتهم في نهاية الأمر أحياء أو أموات، وبأن ليبيا ليس لها من خيار غير الإستمرار في بناء الدولة وفق الأسس العصريّة من خلال إختيار الناس عن طريق صناديق الإقتراع. ذلك هو الطريق الوحيد المسموح به دوليّاً، ومن ثم فيتوجّب على من يقود مليشيات القسورة أن يتنبّه قبل فوات الآوان من أجل الحفاظ على مصراته وأهلها بدون معاناة على المدى الطويل. 
مجلس النوّاب والحكومة المنبثقة عنه سوف يمضيان قدماً بمباركة دوليّة تتعاظم في كل يوم، أما بقايا "المؤتمر الوطني" مع حكومتهم الصوريّة ومن يسمّون أنفسهم بالثوّار وكل من يقف وراءاهم فسوف لن يجدوا من يعترف بهم أو يتحاور معهم أو يناصرهم. 
أنا أرى بأن توقّف مليشيات القسورة الآن عن القتال والقيام بإنسحاب منظّم هو خير مخرج لهذه الحرب، وسوف يحفظ لمصراته وأهلها بعض من حياء الوجه والذي قد يكون له الأثر الجيّد في المرحلة القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق