Translate

الأحد، 31 مايو 2015

كم أنا سعيد بوجود داعش في ليبيا

 كثر الحديث أخيراً عن وجود داعش في ليبيا، وبدأ الناس يولولون ويشتكون من هذا الوجود. 
وجود داعش في ليبيا هو نعمة وليس نقمة، وأنا أحسّ بالأسف لأن وجود داعش في ليبيا كان قد تأخّر بعض الشئ. فداعش توحّد ولا تفرّق، وهي قادرة على توحيد الليبيّين من جديد، وربّما يكون وجودها في ليبيا مدعاة لتأسيس دولة عصريّة ومدنيّة ومتحضّرة.

حينما قامت الثورة الشعبيّة ضد حكم الطاغية معمّر القذّافي، توحّد كل الليبيّين في جبهة واحدة، ولم ينظروا حينها جانباً ليبحثوا عن الفوارق فيما بينهم. كانوا كلّهم مشغولين بالنظر إلى الأمام تجاه عدوّهم الوحيد حينها وهو معمّر القذّافي.
بمجرّد قتل الطاغية وإسقاط نظام حكمه، لم يعد هناك ما يوحّد الليبيّين، وبدأوا من حينها ينظرون جانباً كلّ يبحث عن عيوب صاحبه ليجد فيها ما يبرّر قتله أو على الأقل محاربته والوقوف ضدّه. تحوّل الليبيّون بعد إنتهاء الطاغية إلى إعداء فيما بينهم، وشرعوا يقتلون بعضهم البعض ويدمّرون كل ما تركه لهم معمّر القذّافي من بناء ومعمار، وشرعوا أيضاً في سرقة تلك الأموال التي وفّرها لهم الطاغية معمر القذّافي والتي وصلت إلى ما يزيد عن 400 مليار دولار أمريكي. بدأ الكثير من الليبيّين يتصيّدون تلك الأموال ويبحثون عن أية وسيلة للإستحواذ عليها وتملّكها أو شراء بها أسلحة وعتاد لقتل المزيد من الليبيّين.
إستمر الليبيون في قتل بعضهم البعض، وأخذت العداوات بينهم تتفاقم في كل يوم، بل إن البعض بدأ يبحث عن أية ذريعة تجيز له قتل المزيد من الليبيّين وتدمير المزيد من ممتلكاتهم وتهجيرهم من بيوتهم أو خطفهم من بين آهاليهم. ظل ذلك الحال على ما هو إلى أن بدأ الليبيّون يشتمّون رائحة داعش وهي تأتيهم من بعيد، ثم ما لبثوا يرون الدواعش يسيطرون على بعض المناطق في درنة، ثم كل درنة ، ثم بعض بنغازي، ثم بعض إجدابيا، ثم بعض صبراته، وأخيراً بعض فكل سرت.
الآن - وفقط - بدأ الليبيّون يتوحّدون من جديد لأنّهم عادوا ليروا عدو يوحّدهم، لكنّه هذه المرّة ليس الطاغية معمّر القذّافي وإنّما الأكثر طغياناً "تنظيم الدولة الإسلاميّة". ومن هنا فإنّني أرى بأنّه لو واصلت داعش الإستيلاء على المزيد من المدن الليبيّة فإن ذلك سوف يكون دعوة ملّحّة لكل الليبيّين كي يتوحّدوا من جديد وربّما يدفعهم ذلك إلى إعادة إستخدام ملكة العقل، وبذلك فقد يروا بأنّ حصنهم الوحيد ضد داعش هو في تكوين دولة مدنيّة ومتحضّرة لها جيشاً وشرطة ولا وجود فيها لمليشيات مارقة.
داعش لا تسطيع أن تبقى في أية مدينة ليبيّة، ولا يمكن لداعش بأن تسيطر على ليبيا أو تكوّن بها "دولة إسلاميّة"، فالشعب الليبي لا يمكنه إطلاقاً بأن يصبح حاضنة لداعش، وليبيا ليست هي المكان الذي سوف تجد فيها داعش الأمان على الإطلاق.
أنا لا أخاف من داعش في ليبيا بقدر خوفي من أولئك الطغاة الجدد الذين بإسم الشيطان - وليس بإسم الله كما تقول داعش - يريدون أن يحوّلوا ليبيا إلى خرابة لاوجود لأي معين للحياة فيها، وعندما يحوّلوها إلى خرابة بعد سرقة كل خيراتها وتهجير أهلها فإنّهم سوف يتركوها إلى مكان آخر يجدون فيه الحماية، وذلك المكان سوف يكون أوروبا الغربيّة وأمريكا الشمالية أو الجنوبيّة... وربما أستراليا أيضاً.
من هنا أنا ارى بأن وجود داعش في ليبيا هو نعمة وليس نقمة، فعسى وجودها يقدر على توحيد الليبيّين من جديد، وعسى ذلك أن يعجّل بتكوين الدولة كما شاهدناه بعد سقوط نظام الطاغية القذّافي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق