Translate

الخميس، 25 يونيو 2015

وَطَنُ النُّعُوشِ (27): لـِمَاذَا قَتَلوك يا سَلْـوى؟

 مقال للدكتور عبد الله كنشيل نشر في الفيسبوك

"فِي وَطَنِِ النُّعُؤشِ ، يَتَحُوَّلُ مُثَقِّفُوهُ وأحراره إلَى مَشَارِيِعِ جَنَائِز مُتَحَرِّكَة, وَتَتَحَوَّلُ شَوَاِرِعِهِ إلَى مَشَارِيعِ مَقَابرِ مَفْتُوحَة، وَيَتَحَوَّل فِيهِ مُتَسَوِّلوا ألسَّياسَةِ إلَى مَشَارِيعِ حُكّام مَمْسُوخَة."

الحرائر في بلادنا كنّ يمُتنَ على فراشهُن كالقدّيسات، فاصبحن في عهد الوحوش وغياب النّخوة هدفا سهلاً لفاقدي نعمة الدّين و العقل، ومتعطّشي السُّلطة والمال.

في مثل هذا اليوم الـ 25 من شهر يونيو 2014، أغتيلت الناشطة الحقوقية والمحامية سلوى سعيد بوقعيقيص من قبل 5 من الملثمين طعنا بالسكاكين ورمياً بالرّصاص.

كانت الجريمة بشعة، وكانت الدماء في كل رُكن من اركان بيتها ، تُلطّخ الجدران والوجوه والساسة والتّاريخ، و في منظر مُرعب لا يمكن للانسان ان يتصوّره.

الرصاص الذي فجّر شرايينك يا سلوى قد فتح شلّالات الدم في طول البلاد وعرضها،و فجّر شلالات الدم في اجسادِ القتلة انفسهم فانتهوا كالكلاب واحدا واحدا وهم ينظرون،

والسكاكين التي مزّقت جسدك البرئ يا سلوى، هاهي قد مزّقت النسيج الاجتماعي في مُجتمع كان رجاله يتفاخرون بالموت في سبيل نسائهم، فهاهم اليوم يعلنون موت النّخوة في نفوسهم والشّهامة.

بعد موتك يا سلوى اصبح و طنك يترنّح وتتقاذفه الارجل والأيادي و الحوارات والغُرباء كالكرة التي تنزف دما حارّا ومسفوكاً. لقد اتسعت بقعة الدم يا سلوى لتشمل كل اركان الوطن ولتملأ كل المُدن ، وكل البيوت والشّعاب .

كان دمك يا سلوى لعنة على الجميع ، وهاهو يطارد شعبا كان يتفرّج عليك وانت تُذبحين في محرابك الخاص ولا يتأوّه ، فمنهم الشّامت و منهم المُتاجر ،و منهم الغير مُكترث.

ليبيا لم تعد ليبيا يا سلوى، وانما اصبحت مُجرّد دارا للموتى يحكمها الصعاليك ويدوس على ترابها القتلة والسّفّاحين والسّرّاق، وشعبها بين خائفٍ وخانعٍ وخائر وحائر ، وآخرين من دونهم نازفين ولاجيئ في مُخيّمات العازة والفاقة والذّلّ.

لقد تحولت شوارعُنا يا سلوى الى مقابر مفتوحة، واصبح اهلنا جنائزا مُتحرّكة، واضحى المُتسوّلون والمُجرمون مشاريع حُُـكّامٍ ممسوخة، يتقاسمون رغيف السُّلطة ليغمسوه في دمائك ودماء الالاف من امثالك ، وهم فرحون. وان لم تُصدّقي يا سلوى ، فاسألي برناردينو ليون فعنده الخبر اليقين

رحم الله السيدة سلوى سعيد بوقعيقيص وادخلها فسيح جنّاته، ورحم الله كل ضحايا الغدر والسادية في بلادنا ، والذين يدفعون من دمائهم ثمن تعطّش اقلّية للمال والسّلطة.

وإنّا لله وإنّا اليه راجعون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق