Translate

الجمعة، 9 أكتوبر 2015

بين الأحلام الورديّة تختبئ الخيارات الواقعيّة


الآن وقد هدأ غبار المعركة وأصبح بوسعنا أن نفكّر ونتأمّل ونتدبّر.... أقول بأنّه قد حان لنا بأن نكون قادرين على إتّخاذ مواقفاً إيجابيّة من ذلك الحراك الحواري الذي إستمر لأكثر من سنة جال خلالها عواصم عديدة، ثم إذا به يتوّج الليلة البارحة في الصخيرات المغربيّة بتعيين رئيساً لحكومة توافقية ومعها مشاريع وزراء لهذه الحكومة ومجلس دولة وهيئة للأمن القومي.
وإذا نظرنا إلى الخلاصة التي توصّل إليها مسلسل الحوارات ذلك بنظرة خاطفة، فإن أوّل ردة فعل سوف تكون "الرفض"، ولكن ببعض التأمّل والتفكير وبعمل بعض الحسابات يمكنني القول بأن ما تحصّلنا عليه هو في واقع الأمر ما يمكننا أن نحصل عليه ليس إلّا.
لابد لنا يا إخوة ويا أخوات أن نعود بالذاكرة إلى الوراء... إلى السنتين الماضيتين حيث مرّت ببلادنا خلالهما فترات عصيبة ومشاكل وأزمات لم تكن في الحسبان عندما خرج الشعب الليبي بكل عفويّة وهو يبحث عن الحريّة ويتوق إلى الإنعتاق الحقيقي واليقيني من حكم الطاغية وسيطرة الطغيان. 
كذلك فإن العقل والمنطق والعقلانيّة .... كل هذه الأمور تقول لنا بأن ننظر حولنا بعيون مفتوحة وبعقول متدبّرة كي نرى الواقع كما هو مجرّداً وبدون رتوش أو ديكورات أو أصباغ وإكسسوارات. الواقع الذي تعيشه ليبيا اليوم هو ليس أقل سوءاً من ذلك الذي عاشته بلادنا منذ يوليو 2013. الواقع الليبي اليوم هو ردئ وسيئ ومقرف، فالجيش في بنغازي لم يحقّق أية إنتصارات ذات قيمة، والجيش الليبي لم نلمس منه على أرض الواقع أكثر من الكلام في الإعلام، ومجلس النوّاب هو بدوره برهن على أنّه في كل يوم يمر يزداد إنقساماً ويكبر تفرّقاً ويتضخّم عجزاً. الوضع في طرابلس لا يوجد فيه ما يسر النظر ولا ما يطرب الأذان ولا ما يطمئن الخائف الوجل. لو أنّنا ذهبنا جنوباً أو غرباً فإنّنا يقينا سوف لن نكون أكثر حظّاً ولا أريح بالاً. 

إذاً.... لم تكن أمورنا حسنة ولم نتمكّن من العثور على البدائل الأفضل ولم نمكّن الأمل بأن ينمو ويكبر بداخلنا لأنّ ذلك كان هو الواقع الذي كان معاشاً وللأسف.
من هنا فإنّني أرى بأنّ ما تم الإعلان عنه في الليلة الماضية في الصخيرات المغربيّة كان أفضل ما يمكننا الحصول عليه، وعلينا بأن نعيش الواقع ونؤمن بالخيار ونرضى بالإختيار. ما تم الإعلان عنه في الليلة الماضية كان أحسن ما يمكن الحصول عليه في ليبيا بأوضاعها التي نعرفها جميعاً، وهو برغم كل شئ لم يوصد الأبواب أمامنا كي نبحث عن الأفضل طالما أن بحثنا كان من خلال الواقع ومن خانة المتيسّر.
أنا أرى بأن إعلان الليلة الماضية كان الأفضل والممكن والمتيسّر، فعلينا أن نستبشر به خيراً وأن نرضى به خياراً وأن نعمل كلّنا من خلاله واضعين الخطوط العريضة لبرنامج الفترة الإنتقالية الأخرى والتي نتمناها بأن تكون الأخيرة.
علينا بأن نعتمد هذا الإتفاق وأن نرضى بمكوّناته، وأن نعمل جماعة على الإستفادة منه ومن كل المنتمين إليه بدون إستثناء وبدون إستياء وبدون تقليل من شأن أو قيم أحد، فكلّنا أبناء وبنات الوطن وعلينا بأن نعمل معاً من أجل إعادة بناء هذا الوطن وترتيب أموره وصيانة قواعده بهدف البناء على ما ننجزه كي ننتقل إلى الأمام وكي نعيد لأنفسنا ولبلادنا ما كنّا قد فقدناه خلال العامين الماضيين. علينا بأن نرى هذا الإعلان بمثابة الدرس الأوّل الذي تعلّمناه من فوضى السنتين الماضيتين، وأن نرى فيه المحفّز الذي يمنعنا من تكرار الأخطاء والدافع الذي ينأى بنا عن الأسباب التي أدّت إليها. 
اللهم يا رب وفّق ولاة أمورنا إلى ما فيه خير وصلاح بلدنا وأهلها، واللهم يا رب إننا عزمنا على المضي قدماً فكن عوناً لنا وأهدنا دوماً يا ربّنا إلى طريق الصواب..... آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق