Translate

الخميس، 31 ديسمبر 2015

عام جديد وأمل متجدّد

بعد ساعات من الآن سوف تبدأ بعض بلاد العالم إطلاق الأنوار والمقذوفات المضيئة في الهواء إحتفالاً ببداية عام 2016 الذي أسأل الله بأنّ يجعله بداية للخير والمحبّة والتعاون بين البشر، وبداية رحلة البناء والأمن والإستقرار في بلادنا الحبيبة.
أتمنّى بأن تحمل بدايات عام 2016 معها لنا في ليبيا التفاهم والتعقّل والرغبة في السلام من أجل إنهاء كل أنواع الإحتقانات، والإتفاق حول مشروع وطني يهدف إلى الإهتمام بمشاكل الناس وحلّها، والعناية بهموم البلد وتخفيفها من أجل الشروع في بناء ليبيا دولة عصريّة ومتحضّرة تفتح ذراعيها لكل مواطنيها بدون تمييز وبدون تحيّز وبدون مفاضلة إلّا على مبدأ العطاء والتمايز فيه.
أتمنّى بأن تشهد بدايات عام 2016 إنفراجات في كل المجالات تسمح بعودة المهجّرين إلى بيوتهم وخروج المحتجزين من سجونهم، وإعادة الحقوق لمن كانت قد أغتصبت منه. أتمنّى بأن تشهد بدايات عام 2016 أمناً وسلاماً في بلادنا، وتقارباً وتجانساً وتناغماً بين أبناء وبنات شعبنا الذي عانى أكثر بكثير من المتاح وحتى الإستثنائي.
كما أنتهز هي المناسبة العظيمة لأقدّم أطيب التهاني وأزكى التبريكات لكلّ الأصدقاء والأحباب، وكل الذين تعرّفت عليهم من خلال وسائط التواصل الإجتماعي والذين بصدق أفتخر بمعرفتهم وأتمنّى الإستمرار في التعاون معهم من أجل خيرنا في ليبيا وخير غيرنا من يحيط بنا... فنحن برغم كل شئ نعتبر جزءاً من هذا العالم، وعلينا بأن نكون قوة فاعلة فيه، وعلينا كذلك بأن نكون دعاة محبّة وتقارب وسلام بين مختلف شعوب العالم الذين هم بشر مثلنا ولهم تطلّعاتهم وأحلامهم وطموحاتهم التي نحترمها ونقدّرها ونحسّ بأهمّيتها.
وحتى لا أترك هذه المناسبة بدون محاولة لإفادة وتنوير الغير، فقد إخترت بأن أعود قليلاً إلى التاريخ فعسانا نعرف معاً كيف بدأ العالم يحتفل برأس السنة.
في البدء، أقول بأن رأس السنة في الأساس لم يكن في الأوّل من يناير، وإنّما الأوّل من مارس من كل سنة. ولو أنّنا تأمّلنا قليلاً في مسمّيات أشهر السنة الميلاديّة لوجدنا ذلك وقد أنعكس على أسماء بعض الشهور.
دعوني أبتدئ بشهر أكتوبر، ف"أوكتا" هي ثمانية باللاتينيّة. يأتي بعد ذلك شهر نوفمبر وهو كما يوحي إسمه الشهر التاسع من السنة بإعتبار "نوفا" تعني تسعة، وديسمبر بكل تأكيد هو الشهر العاشر، حيث "ديسا" تعني عشرة !!.
هذا يترك يناير في محل الشهر الحادي عشر، وفبراير الثاني عشر، وبذلك يكون مارس هو الشهر الأوّل في السنة، وهو بذلك يكون البداية "الشرعيّة" للسنة الميلاديّة الجديدة.
ولا غرابة في أن الكثير من بلاد الشرق بدءاً بالشرق الأوسط (المسيحي) ومنها إلى بقية بلاد الشرق الأقصى، حيث تحتفل تلك البلاد بمارس كبداية فعليّة للسنة الجديدة. كذلك فإنّنا نجد الكثير من بلاد العالم تبدأ سنتها المالية والإدارية في شهر مارس من كل سنة !.
كان العراقيّون هم أوّل من سنّ الإحتفال برأس السنة في عام 2000 قبل الميلاد، وكان الإحتفال يبدأ كل سنة في ما يعادل مارس حسب التقويم الميلادي الحالي. ظل العالم يحتفل بمارس كبداية للسنة الجديدة حتى قرّر الرومان الوثنيون Pagans الإحتفال بإلاه "المداخل والمعابر والمخارج" الذي كان إسمه "جانوس" أو "يانوس" والذي سمّي عليه شهر يناير January من Janus، وهو إلاه له رأسين واحداً يتّجه إلى الأمام والآخر يتّجه إلى الوراء، وأعتبروا أن ذلك يمثّل السنة المنصرمة والسنة المقبلة. كان ذلك في عام 153 قبل الميلاد، وإستمر الإحتفال برأس السنة منقسماً بين العراقيين والأشوريين ثم الإغريق في شرق العالم، والرومان وبقية الوثنيين في غرب العالم حتى بدأ التقويم الميلادي شبه الرسمي والذي نعرفه الآن في عهد يوليوس قيصر إمبراطور الرومان في عام 46 قبل الميلاد، وسمّي شهر يوليو على إسمه كما كان قد سمّي شهر يناير على جانوس أو يانوس حيث أن حرف "J" ينطق "ج" في غرب أوروبا، وينطق "ي" في شرق أوروبا إلى يومنا هذا والمثال Japan (جابان أو يابان) !!.
ويبقى في نهاية المطاف أن الإحتفال برأس السنة هو بداية "وثنيّة" بإمتياز، حيث كان عبدة الأوثان هم وحدهم من أقرّ وإستمر في الإحتفال برأس السنة الميلاديّة إلى أن نزلت الديانات الإلهيّة على الإنسان فأعتقد كل بما أنزل إليه، وربّما حاول البعض التنقّل بين "الديانات" السماويّة حسب الرغبة والإرتياح ..... كل العام وأنتم بألف خير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق