Translate

الأربعاء، 25 مايو 2016

هل آن لنا أن نتصافح ونتصالح ؟



قال الشاعر أحمد شوقي من ضمن ما قاله في رثاء شيخ الشهداء عمر المختار:
ما ضرَّ لو جعلوا العلاقة في غدٍ . . . . بين الشعوب مودَّةً وإخاءَ.
وأعيد هذا البيت على مسامع التكفيريين وأعداء البشرية عندنا الذين وللأسف نجدهم يعيشون في عالمهم الإفتراضي ناسين بأن هذا العالم هو ليس لنا وحدنا، بل يشاركنا فيه ما يزيد عن أربعة أمثالنا من البشر الذين لا يؤمنون بديننا ولا يتبعون ملّتنا، لكنّهم يبقون بشراً مثلنا لهم طموحاتهم ولهم آمالهم ولهم تطلّعاتهم... فلماذا نحاول الإستكبار عليهم؟.
علينا أن نتذكّر بأننا ولدنا بشراً بدون دين وبدون لغة، وبأنّنا تعلّمنا اللغة وتعلّمنا الدين من محيطنا ومن بيئتنا ومن قاموا بتنشئتنا وتربيتنا. فلماذا - والحال هكذا - لا نتعامل مع بعض كبشر، ونترك الدين كعلاقة بين الإنسان وخالقه، ومن ثمّ نحترم غيرنا على ما يعتقدون وعلى ما يختارون لأنفسهم ثم نترك الحكم لله يوم الحساب؟.

ففي سابقة هي الأولى تاريخيّاً، قام الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بزيارة لمقر الفاتيكان يوم الإثنين 23 مايو 2016 حيث أجري له إستقبالاً كبيراً كان على رأس مستقبليه فيه البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وذلك بعد سنوات من تجميد حوار الأديان بين الأزهر والفاتيكان منذ سبتمبر 2006. 

وسوف يصدر بياناً مشتركاً من شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان عقب هذه الزيارة، يؤكد على القيم المشتركة والدعوة إلى إرساء السلام والتعايش في العالم وضرورة نبذ العنف والتطرّف. وكذلك، الإعلان عن عودة حوار الأديان، بما يقوم على الاحترام المتبادل، وإعلاء روح التسامح والمحبة بين جميع شعوب العالم بعيداً عن الترفّع والتعالي والنزعة الشوفينيّة التي بدأت تستشري في العالم العربي وربما الإسلامي أيضاً نتيجة لعودة رجال الدين في بلداننا إلى الواجهة ظانّين في قرارة أنفسهم بأنّ ثورة الربيع العربي ما هي إلّا ثورة إسلاميّة أوجدت صحوة إسلاميّة بعد سنين من الغياب بسبب سيطرة "العلمانية" على الحكم في البلاد العربية والإسلاميّة طوال العقود الخمسة الماضية منذ بداية التحرّر من السطوة الإستعماريّة وحتى بداية هذا القرن.
ثورات الربيع العربي - بغض النظر عن النتائج الحالية - ما هي إلّا ثورات تحرّرية قام بها الشباب في بعض البلاد العربية بهدف الإنفكاك من الديكتاتورية العسكريّة والإنطلاق نحو غد مشرق وضّاء تبنى خلاله أسس الحريّة والديموقراطيّة بما يسهّل عملية الإنتقال من الواقع المظلم إلى مستقبل مشرق يساهم في بنائه كل المواطنين بدون إستثناء أو إستعلاء أو تكبّر أو إقصاء. ثورات الربيع العربي كانت صيحة صادقة ومخلصة من أجل الغد، لكن تجّار الدين ما لبثوا أن وجدوها فرصتهم الذهبية فتسارعوا إلى السيطرة على كل شئ والتصرّف في كل شئ والعبث بكل شئ، والنتيجة أننا وصلنا إلى ما وصلنا إليه ليس بسبب أي قصور في ثورات الربيع العربي وإنّما بسبب إستيلاء الحقراء على ما زهد فيه النبلاء.


ونصيحة في هذا الإطار للسيّد المحترم شيخ الأزهر... الخطوة الموالية فضيلة الشيخ هي إيران. نعم إيران هي أولى من الفاتيكان، والإصلاح بين السنّة والشيعة يجب أن يكون أولويّة قصوى حتى نتخلّص من تلك الإقتتالات والحروب والفتن التي يدفع بها ويسعّرها الوهابيّون في السعوديّة.
لابدّ من المصالحة بيننا قبل التحدّث عن المصالحة مع غيرنا إن كنّا بالفعل جادّين فيما نسعى إليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق