قال وزير خارجيّة قطر الشيخ محمّد بن عبد الرحمن أل ثاني أخيراً في مقابلة له مع وكالة رويترز بأنّ قطر سوف تواصل دعمها لكل المليشيات المناوئة للنظام في سوريا ولو قرّر دونالد ترامب إيقاف المساعدات أو التخلّي عن "المعارضة". وقال وزير خارجيّة قطر: نحن سوف نزوّد "المعارضة" بكل ما تحتاجه من السلاح وقد نضطر لتزويدها بصواريخ حراريّة محمولة على الكتف لمقاومة الطيران الحربي.
المعروف أن إنتخاب السيّد دونالد ترامب لرئاسة أميركا كان قد لخبط الأمور في كل منطقة الخليج التي تحتمي أنظمة حكمها بالدعم الأمريكي المباشر الذي يحافظ على بقاء تلك الأسر التي تتوارث حكم الكويت والسعوديّة وقطر والبحرين وعمان. فالسيّد دونالد ترامب قالها بأنّه يقف ضد الإرهاب ولا يمكن لأمريكا أن تقف ضد الإرهاب وفي نفس الوقت تتحالف من مع يدعمه ويصدّره بعد أن يصنعه وهو يقصد بكل تأكيد المملكة السعوديّة على وجه الخصوص.
تصريحات ترامب تلك مع أنّها لازالت عبارة عن تصريحات إلّا أنّها هزّت منطقة الخليج بشكل كبير جداً وبأكثر ممّا صرّح به حكّام الخليج مع أنّهم غضبوا جداً لإنتخاب دونالد ترامب.
وقبل أن تذهب بنا التخمينات والإستنتاجات بعيداً علينا أن نتذكّر حقيقة مهمّة بدأنا نتناساها عبر السنين مفادها أن ثورة الربيع العربي التي بدأت في تونس كانت ثورة وطنية حقيقيّة تهدف إلى التحرّر من حكم الطغيان وكادت تلك الثورة أن تنتشر في كل العالم العربي لتحرّره من كل الطغاة الذين حكموه بإسم الدين أو الوصاية أو الإيديولوجية المستوردة لولاً جزع دويلات الخليج من تلك الثورة خاصّة بعد أن إمتدت إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا بسرعة فاقت كل التصوّرات والتكهّنات.
كانت دويلات الخليج تخاف على أنظمة حكمها المتعفّنة والتي توارثت حكم تلك البلاد عبر الأجيال بما مكّن كل غبي ومتخلّف عقلي بأن يحكم بلاد الحليج الغنيّة إعتماداً على دعم خارجي مصدره أمريكا في الآساس والكثير من بلاد غرب أوروبا وعلى رأسها بريطانيا. فعبر السنين شاهدنا حكّاماً يعتلون سدّة الحكم في السعودية والكويت والبحرين وقطر وهم إمّا في أعمار الشيخوخة أو أنّهم مصابين بشلل مخّي أو تخلّف عقلي، وبذلك فقد حكم على تلك المنطقة بالتبعية للغير والتخلّف الحضاري بحيث ضل أهلها أسرى لأفكار متكلّسة عفى عليها الزمن لقدمها وعدم صلاحيتها لهذا الزمان بسبب التقدّم العلمي والحضاري الذي شهدته بلاد العالم المتفتّحة والتي تنتهج المسلك الديموقراطي في حكم شعوبها.
دول الخليج العربي تلك كانت أوّل من إرتعب من ثورات الربيع العربي وبذلك فقد تسارعت تلك البلاد لعمل أي شئ من أجل تحييد تلك الثورات عن هدفها الجوهري وهو "التحرّر" وذلك بأن مكّنوا كل الإرهابيين والطغاة الجدد بإسم الدين من السيطرة على عجلة القيادة في تلك البلاد حتى يتم قمع كل فكر تحرّري والتخلّص منه بشكل عبثي وتدميري كما شاهدنا ذلك في ليبيا وفي اليمن وفي سوريا على وجه الخصوص. تونس ومصر ربّما تمكّنتا من عبور تلك المطبّات التي زرعتها دول الخليج أمام ثوراتهما وبذك فإن تونس ومصر قد إنفلتتا من الهيمنة الخليجية ولو بشكل موقّت لكن الأسر الحاكمة في تلك البلاد المتخلّفة سوف لن تسكت ولن تتهاون في مشروع قمع كل توجّه تحرّري في أية دولة عربية وبأية وسيلة متوفّرة ولو أدّى ذلك إلى التحالف مع الصهاينة ومن يساندهم.
إن كم الدمار في ليبيا وسوريا واليمن كان مخطّطاً له ولم يأتي هكذا بالصدفة حتى ترى شعوب الدويلات الخليجيّة بأن الثورة على الحكّام سوف لن تؤدّي إلّا إلى دمار الإنسان ودمار العمران وسوف تجعل حياة تلك الشعوب أسوأ ممّا هي عليه الآن تحت حكم الملالي والمتخلّفين.... وأعتقد بأن تلك السياسة قد نجحت بشكل كبير، فلا يمكن توقّع قيام أية ثورة تحرّرية في أية دولة خليجيّة بعد كل الدمار الذي حدث في بلاد ثورات الربيع العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق