Translate

الأحد، 28 مايو 2017

الإسلام دين الرحمة . . . . جملة نكرّرها لكنّنا لا نطبّقها

 الرحمة في مفهومها البسيط هي أن ترفق بمن يحتاج إلى الرفق، وأن تكون حنوناً وطيّباً وخلوقاً ومنسجماً وحليماً.
الرحمة هي خلق حميد يشمل الرأفة والرفق واللين في التعامل مع الكائنات التي يعيش معها الإنسان سواء كانت هذه الكائنات بشراً أو أنّها كانت مخلوقات أخرى تشاركنا هذا الكون فنتأثّر بها وتتأثّر هي بنا. إن كل أشكال الرسالة السماوية تحضّ على التعامل والإتّصاف بالرحمة والتراحم لما لهذا الخُلُق الجميل من آثار إيجابية على الفرد وعلى المجتمع في أي مكان في العالم.
أن تكون رحيماً وحنوناً تعني أنّك ترغب في الرفق بالآخرين، ورفقك بالآخرين يجب أن يعني "كل" مخلوقات الله بدون إستثناء. الرحمة هي صفة وخاصّية قبل أن تكون واحدة من الأفعال التي تقوم بها ثم تنساها.
في هذا الشهر المبارك نحن نصوم ونصلّي ونحاول التقرّب من الله بالإكثار والمبالغة أحياناً بممارسة الشعائر، لكنّنا كثيراً ما نتجاهل "الجوهر" . . . جوهر الدين ومعنى التعبّد.
لقد خلق الله البشر بمشاعر وآحاسيس قد تكون متساوية ولا تخضع تلك الصفات لملامح خارجية(أشكال وألوان وأحجام وأطوال)، وهذا يعني بأنّنا كلّنا بشر أينما كنّا وفي أي عصر وزمان تواجدنا. ومادام الأمر كذلك، فإنّنا كمسلمين علينا بأن نكون رسلاّ لكل البشر كما كان رسولنا محمّد عليه السلام. النبي عليه السلام خرج علينا برسالة من عند الله تبيّن لنا معالم طريقنا وتنصحنا بالسير على هدى تلك الرسالة، أمّا نحن فرسالتنا اليوم هي نشر المحبّة بين الناس من خلال تعاملنا مع الآخرين. تعاملنا مع الناس يعكس مقدار تحضّرنا من ناحية ويعكس أيضاً مستويات إدراكنا وكم تعلّمنا.
النبي محمّد عليه السلام كان قد أرسل لكل البشر بدون إستثناء: {{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}}، وكان رسول الله أيضاً رحمة لكل الناس في تلك الرسالة التي جاءنا بها، وفي تعاملاته أيضاً: {{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}}.
من هنا أنا أرى بأنّه يتوجّب علينا الخروج من شيفونيّتنا والإبتعاد عن عنصريّتنا، والإنطلاق من أنفسنا لغيرنا . . . . غيرنا بغض النظر عن إعتقاداتهم وبغضّ النظر عن إنتماءاتهم، وبغض النظر حتى عن تعاملهم معنا. نحن نحمل رسالة جوهرها الحب والرحمة والتآخي، فعلينا بأن نقوم بالمهمّة. نحن من يجب أن يؤلّف القلوب حولنا، ونحن من يتوجّب علينا التغاضي والمسامحة وعدم المعاملة بالمثل.... فنحن نحمل رسالة، ومن يحمل رسالة يتحمّل في سبيل نشرها التعب والمعاناة.
نحن كلّنا نعرف الطبيب مثلاً.... الطبيب يحمل رسالة إنسانيّة يتوجّب عليه نشرها في كل مكان، ويحمل خلقاً يجب أن يعامل به كل إنسان. الطبيب لا يختار مرضاه، ولا يعاملهم بمثل ما يعاملونه به. الطبيب لا يرفع صوته في وجه مريضه حتى وإن فعل المريض ذلك. الطبيب لا يرد بالعنف على مريضه حتى وإن تصرّف مريضه بعنف. لماذا يفعل الطبيب ذلك ويتنازل في سبيل القيام بمهمّته عن الكثير من "حقوقه"؟. ذلك فقط لأن الطبيب يحمل رسالة إنسانية نبيلة لا تميّز بين الناس. لماذا لا نكون نحن المسلمون مثل الطبيب؟. هل هي مهمّة صعبة أم أنّنا لسنا بجاهزين لها؟.
الطبيب يتم تجهيزه أثناء تأهيله للقيام بمهمّته، فهل نفكّر نحن المسلمون من الآن بتجهيز أبنائنا وبناتنا بتعاليم أخلاقيّة وقيم حضاريّة كي يكونوا مسلمين يحملون رسالة ويقومون بها في المستقبل؟. ما هي تلك الرسالة، وما هي محتوياتها، ولمن يجب أن توجّه؟. تلك أسئلة يجب علينا التوقّف عندها بالتفكير والتمحيص والتدبّر حتى نستطيع من خلال ذلك أن نطوّر طرق تفكيرنا ومكوّنات تعاملنا مع الآخرين.
نحن بالفعل في حاجة لثورة عارمة في داخل أنفسنا، ثورة عارمة في فهمنا لحقيقة وطبيعة ديننا، ونحن في حاجة عارمة لأن ننتقل بصدق إلى الأمام. لا يمكننا التشبّث بالماضي والإنتقال إلى الأمام، فذلك سوف يظهرنا كذلك السائق(سائق السيّارة) الذي ينظر في المرآة الخلفيّة لسيّارته ويحاول قيادتها إلى الأمام... إن ذلك قد يحدث، لكنه سرعان ما يصطدم بكل ما يتواجد أمامه. ذلك ربّما هو ما يحدث اليوم بين المتشدّدين في ديننا من بيننا وبين عالمهم المحيط بهم، وذلك هو سبب عروض الغير عن ديننا ونعتهم إيّاه بالبربريّة والتخلّف. هل نجحنا كمسلمين في نقل الرسالة كما أرادها الله وكما نقلها رسولنا لغيرنا من قبلنا؟. الجواب.....لا. نحن فشلنا، وعلينا بأن نعترف بذلك من ناحية وأن نقوم بإصلاح أنفسنا إن كنا بالفعل نرغب في البقاء والإستمرار مع المحافظة على إحترام الغير لنا والإحتفاظ بكرامتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق