Translate

الأحد، 1 أكتوبر 2017

مقاتلو تنظيم القاعدة السابقون يحكمون ليبيا

عن: الواشنطن بوست 
 
عبد الحكيم بلحاج 
نشرت صحيفة الواشنطن بوست مقالا بعنوان “مقاتلون سابقون ارتبطوا بالقاعدة يحكمون ليبيا الآن” جاء فيه:
استبدل عبد الحكيم بلحاج ملابسه القتالية بالسترات الرياضية الرمادية والقمصان البيضاء البراقة. وتخلى عن بندقيته لصالح عملية اقتراع انتخابية. فمن كان ذات مرة جهاديا وقائدا ثوريا، أصبح الآن سياسيا ورجل أعمال إسلاميا.
“ما حدث في الماضي ليس انعكاسا للطريقة التي أؤمن بها الآن”، يقول مشيرا إلى أيام القتال في ليبيا. ولكن في الدولة التي قسّمتها الحرب، والتي توغل فيها تنظيم داعش وتكافح الآن من أجل تشكيل هوية جديدة، لم ينس الليبيون من كان بلحاج ذات مرة.
فهم يتذكرون أنه قاتل إلى جانب أسامة بن لادن في أفغانستان. ويتذكرون كذلك أنه قاد الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وهي ميليشيا غامضة مرتبطة بالقاعدة وصفتها الولايات المتحدة بأنها منظمة إرهابية.
واعتُبر بلحاج بالغ الخطورة حتى أنه تم اعتقاله واستجوابه فى موقع سرية لإدارة المخابرات المركزية فى آسيا بعد هجمات 1
سبتمبر 2001. وفي وقت لاحق، تعرض للتعذيب في سجن ليبي.
اليوم، وباعتبارهم لاعبين أساسيين في المسابقة بين الإسلاميين والعلمانيين للفوز بروح ليبيا الجديدة، فإن بلحاج ورفاقه يمثلون حالة نادرة من المقاتلين السابقين المرتبطين بتنظيم القاعدة والذين لا يحققون الشرعية فحسب، بل القدرة على تشكيل مسار البلد بالكامل.
وقالت كلوديا غازيني، المحللة الرئيسية لشؤون ليبيا لدى مجموعة الأزمات الدولية: “هؤلاء الأشخاص يشاركون كثيرا في المشهد السياسي لإدارة الأمور في طرابلس. ويكمن القلق بالنسبة للبعض في: “هل تخلوا بالفعل عن تنشئتهم الجهادية؟”
فالمسار الذي اتبعوه هو متعرج وفريد. ويعود تاريخ المجموعة إلى ساحات القتال في الحرب الباردة وازدهرت تحت قمع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. وخلال الربيع العربي، لعب بلحاج ورفاقه أدوارا حاسمة في الثورة التي أدت إلى الإطاحة بالزعيم وقتله قبل ست سنوات في الشهر المقبل.
الآن، وهو يتنقل مع الانقسامات الإقليمية والقبلية في ليبيا، يتمتع بلحاج بالقوة والنفوذ والثروة. لكنه لا يزال شخصية مخيفة ومثيرة للجدل على نطاق واسع، ينظر إليه على أنه أمير حرب ومدبر إرهابي، رغم أن داعميه يقولون إنه شخص مثالي ويُساء فهمه.
بينما يقول عبد الله بليحق المتحدث باسم البرلمان الليبي الذي يتخذ من شرق ليبيا مقرا له إن “بلحاج يمثل تهديدا الآن وسيفعل ذلك في المستقبل”.
وأضاف ” هناك عدد من الميليشيات المسلحة تتبعه، وسيكون دائما ضد قيامة الدولة لحماية مصالحها”.
التقيت بلحاج لأول مرة ، وهو مهندس مدني من خلال التدريب، في مايو 2010 في العاصمة الليبية طرابلس. حيث أطلق سراحه مؤخرا مع عدد من زعماء الجماعة الليبية المقاتلة من السجن في إطار برنامج لإعادة تأهيل المتطرفين الذي أطلقه سيف القذافي.
وفى المقابل تعهدوا بالتخلي عن العنف والعمل على تشويه سمعة القاعدة.
كان الكثيرون من الليبيين والدبلوماسيين الغربيين متشككين. فبلحاج ورفاقه من بين عشرات الليبيين الذين سافروا إلى أفغانستان لمحاربة القوات السوفييتية المحتلة. والتقوا بن لادن في معسكر تدريب، وقال لي سامي الساعدي، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المقاتلة، في ذلك الوقت إنه معجب بإخلاص بن لادن للقضية.
عاد بلحاج إلى ليبيا في أوائل التسعينات. وحينذاك أطلقت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة دعوة للإطاحة بالقذافي وتحويل ليبيا إلى دولة إسلامية. وتبع ذلك تمرد منخفض المستوى، فضلا عن ثلاث محاولات فاشلة لاغتيال الدكتاتور. وبحلول ذلك الوقت، كان بلحاج معروفا باسمه، أبو عبد الله الصادق.
لكن نظام القذافي سحق الجماعة الإسلامية المقاتلة، وبحلول أواخر التسعينيات هرب بلحاج ورفاقه إلى أفغانستان وباكستان حيث أقاموا تحالفات مع قادة القاعدة وطالبان، وفقا للسلطات. وفي حين اعترف بلحاج بروابطه مع المجموعتين، إلا أنه نفى قربه من أي منهما.
وفى الشهور التي سبقت هجمات 11 سبتمبر، حث بن لادن الجماعة المقاتلة على الانضمام إلى جهوده لاستهداف الولايات المتحدة وحلفائها. إلا أن بلحاج رفض كما يقول. وكانت مهمته الوحيدة التي قام بها في الآونة الأخيرة هي إسقاط القذافي، وليس الهجوم على الغرب لكن الجماعة الليبية المقاتلة انقسمت على هذا الخيار، وانضم بعض كبار الأعضاء إلى بن لادن.
وفي أواخر عام 2001، مع الهجوم على طالبان وبن لادن، هرب العديد من قادة الجماعة المقاتلة من المنطقة. وبعد ثلاث سنوات، ألقي القبض على بلحاج وزوجته الحامل في كوالالمبور، ماليزيا، واقتيد إلى موقع وكالة المخابرات المركزية في تايلاند. وألقي القبض على الساعدي وآخرين في أماكن أخرى في آسيا. وتم تسليمهم إلى الحكومة الليبية. وأصبح القذافي، الذي كان راعيا للإرهاب، حليفا لمكافحة الإرهاب في الغرب.
احتجزوا لمدة ست سنوات في سجن أبو سليم الشهير في طرابلس. وقال بلحاج: “تعرضتُ للضرب، عُلقت على الجدران، وحرمتُ من الطعام وأشعة الشمس.” وقد رفع دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية بتهمة القيام بدور في إعادته إلى ليبيا.
و بتشجيع من دعاة إسلاميين مثل “علي الصلابي” أصدر بالحاج ورفاقه كتاب مراجعات من 400 صفحة تدين معتقدات القاعدة والهجمات على المدنيين الغربيين. مضيفين أن شن الجهاد ضد القوات الأمريكية فى العراق وأفغانستان “عمل مقدس”. وأنه “عندما تغزو أميركا بلدا، فإن التمرد ضدها قانوني”.
وبعد ذلك بعام، بدأت انتفاضة عنيفة، مماثلة لتلك التي تجتاح العالم العربي. واستخدم بلحاج ورفاقه، مؤهلاتهم المعادية للقذافي، للقفز إلى أدوار قيادية في الوضع الجديد.
أصبح بلحاج قائد لواء تحرير طرابلس، وهي “ميليشيات متمردة”، وفي 22 أغسطس 2011 دخل هو ورجاله مجمع باب العزيزية، قلعة القذافي الحصينة وعلى مدى الأشهر التي مضت، ساعدوا في قيادة المعركة ضد قوات القذافي بمساعدة ضربات الناتو الجوية. وفي هذا اليوم، كانوا على وشك السيطرة على طرابلس، وكان القذافي قد فر إلى الشرق.
وجد بلحاج كرسي الدكتاتور وجلس فيه. وأضاف “إن الجلوس في باب العزيزية كان دائما حلم لنا”. كما يذكر. وقال إنه عثر على نظارات القراءة الخاصة بالقذافي. وقال إنه سلمهما في وقت لاحق إلى والد رجل تعرض للتعذيب والقتل في سجن أبو سليم.
عُيّن بالحاج لاحقا رئيسا للمجلس العسكري في طرابلس، اللجنة المسؤولة عن حفظ النظام في العاصمة كما سينضم إلى اللجنة الأمنية العليا للمتمردين. كذلك انضم أعضاء آخرون من الجماعة المقاتلة إلى الحركات الإسلامية ودشنوا معسكرات دينية للشباب، ودعوا إلى تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية الصارمة.
وأسس حزبا سياسيا “الوطن”. وعُين خالد الشريف، نائب أمير الجماعة الإسلامية المقاتلة الإسلامية، نائبا لوزير الدفاع في حكومتين
في عهد ما بعد القذافي.
كما أصبح شخصية مؤثرة متماشية مع حكومة الوفاق الوطنى التى تدعمها الأمم المتحدة وهى واحدة من ثلاث حكومات تتنافس للسيطرة على ليبيا.
وفي عام 2014، دعم بلحاج وأعضاء آخرون من الجماعة المقاتلة الليبية عملية “فجر ليبيا”، وهي مجموعة من الميليشيات الإسلامية التي استولت لفترة وجيزة على طرابلس وأعلنت حكومتها الخاصة. وأدت أعمالهم إلى انقسام الرأي العام في البلاد.
وقالت ماتيا توالدو، المختصة بالشؤون الليبية “هناك عداء عميق الجذور تجاه فكرة الإسلام السياسي”. “إنه إرث من نظام القذافي. وبنى هذا عدم الثقة في الإسلاميين بالقول إنهم عملاء أجانب في ليبيا يستجيبون للقوى الأجنبية والأجندات الأجنبية”.
هذا بالضبط ما حدث لبلحاج وجماعته فقد أعلنت الفصائل المناهضة للإسلاميين في شرق ليبيا، بما في ذلك الجنرال خليفة حفتر، الذي تسيطر قواته على جزء كبير من الشرق.
ويقول آخرون إن بلحاج يقف مع تنظيم داعش لكنه أنكر جميع التهم. واليوم، قام بلحاج باستغلال صلاته الثورية وحوّلها إلى ثروة ونفوذ هائلين. وعلى الرغم من أنه لا يملك أي منصب رسمي في الحكومة فإن مواليه المسلحين جيدا يتمتعون بالسلطة فى العاصمة. ولكن لأنه خرج من دائرة الضوء العام وأبقى تعاملاته السياسية والتجارية سرية، فإنه لا يزال لغزا للكثير من الليبيين.
في حين أن بعض الليبيين ينظرون الآن إلى بلحاج كرجل أعمال، يتساءل البعض الآخر عن هذا الأمر. وقال غازيني من مجموعة الأزمات الدولية إنهم يعتقدون “أنه مجرد التظاهر بأن كل شيء يتعلق بالأعمال التجارية، لكنه لا يزال صاحب قرار في العاصمة.
ووصف المتحدث باسم البرلمان بلحاج بأنه يمارس سلطة هائلة إلى حد كبير من خلال أمواله غير المشروعة، مشيرا إلى أنه في غضون عامين من الإفراج عنه من السجن كان يملك شركة طيران.
وقال بليحق “من أين حصل على هذه المليارات؟” بلحاج، الذي يقسم الآن وقته بين تركيا وطرابلس، ينفي أنه يملك شركة طيران أو أي مصالح تجارية كبيرة. وأضاف مبتسما “ربما يخلطون بيني وبي شخص آخر يحمل اسما مشابها”.
طموحات انتخابية
استقال بلحاج من المجلس العسكري في طرابلس لإطلاق حزبه السياسي، “الوطن”، وقال إنه يؤمن بالديمقراطية، ولم ينجح في الانتخابات البرلمانية في عام 2012. ويصرُّ أنه لم يعد يسيطر على “الميليشيات”.
وقال انه يؤيد الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة، “لأننا لا نريد أن نكون خارج المجتمع الدولى”. وفى الشهور الأخيرة، سافر إلى سويسرا وجنوب أفريقيا لتشجيع عملية السلام في ليبيا.
يأمل أتباعه أن يترشح لرئاسة الوزراء إذا أصبحت ليبيا مستقرة بما فيه الكفاية لإجراء الانتخابات مرة أخرى.
وقال جمال عاشور، وهو مسؤول كبير في “الوطن”: “إن بلحاج عامل جاد، وهو شفاف جدا”. وأضاف “عندما تتحدث معه فإن أولويته هي البلاد”.
ومع ذلك، فإن ماضيه يبقى ملاحقا له. ويقال إن عناصر الجماعة السابقة المقاتلة، هم من اجتذبوا الإرهابي سلمان العبيدي إلى التطرف، وهو الذي قتل 22 شخصا في حفل مانشستر في مايو.
وقال بلحاج إن والد العبيدي لم يكن أبدا عضوا في الجماعة الإسلامية المقاتلة، وأطلق على مانشستر “جريمة”.
وفي يونيو، وضعت السعودية وثلاث دول عربية بلحاج على قائمة الإرهابيين الذين تدعمهم قطر. وجاء ذلك بعد وقت قصير من فرض الكتلة حصارا على قطر واتهمها بتمويل التطرف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق