Translate

الأربعاء، 29 نوفمبر 2017

ذكرى المولد النبوي الشريف... كل عام وأنتم بخير

 
يصادف يوم غد الخميس 12 ربيع الأوّل 1438هـ الموافق 30 فبراير 2017 الذكرى 1446 لمولد الرسول عليه الصلاة والسلام، وبهذه المناسبة يطيب لي أن أتقدّم بأحرّ التهاني والتبريكات لكل الأصدقاء والأحباب راجياً من الله بأن يجعل هذه المناسبة العطرة فاتحة خير علينا جميعاً كمسلمين ومسلمات، وعلينا خصوصاً كليبيّين وليبيّات.

تاريخ مولد النبي
تتضارب الأقوال حول التاريخ الدقيق لمولد الرسول صلى الله عليه وسلم. وليس غريبا إختلاف المؤرّخين المعنيّين في موضوع تحديد تاريخ مولده بالضبط، فلا أحد كان يعلم ما سيكون لهذا المولود من شأن في المستقبل، ولا أحد كان يتوقّع ما سوف يصير إليه هذا الوليد في تاريخ الكون والبشرية جمعاء. فقد ظل بعيدا عن الأضواء إلى حين بعثته، وبقي مغموراّ إلى أن جاءه الوحي في غار حراء، ليبدأ الناس من حينها الإهتمام بتاريخه الشريف، من خلال رواياته الشخصيّة للأحداث التي عايشها في فترة نشأته الأولى، ومن خلال ما رواه أهله وأصحابه والمقرّبون منه عن تلك الأحداث. وبناءً على ذلك، فإن الشائع لدى المعنيين بالتاريخ الإسلامي أن محمّد بن عبد الله كان قد ولد يوم الإثنين 12 ربيع الأول من عام 571م وهي السنة التي وقعت فيها حادثة الفيل وسمّيت من حينها بعام الفيل.

حُكم الإحتفال بالمولد النبوي
إنقسم رجال الدين في مسألة جواز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بين من يرى فيها تعارضاً مع ما جاء في الكتاب والسنة وأنها فعل مستحدث يدخل في باب البدع التي نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن إتيانها وأخبرنا أن عقوبتها النار، وبين من يرى فيها بدعة حسنة لا تخالف الكتاب والسنة والإجماع، وأنه لا حرج في الاحتفال بها لتذكُّر الرسول صلى الله عليه وسلم وإستحضار مساره الفكري والدعوي، وإستكشاف سيرته النبوية العطرة. وهنا تقرأون سرداً لرأي كل طرف:

1- رأي المؤيدين للاحتفال بالمولد النبوي:
يستند المؤيدون للاحتفال بذكرى المولد النبوي على أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الصحابة. فمن القرآن الكريم يستدلّون بقوله تعالى في سورة يونس: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}. وبما أن النبي رحمة للعالمين، فلا حرج في الفرح والاحتفال به وبذكرى مولده. ومن السنّة النبوية يستدلّون بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه حينما سئل مرة عن سبب صيامه يوم الإثنين قال: لأنّي فيه ولدت. فإذا كان النبي نفسه يحتفل بيوم مولده بالصيام، فما المانع من إحتفال المسلمين به؟. ومن أقوال الصحابة يستدلّون بقول الخليفة عمر بن الخطّاب عندما جمع الناس لقيام رمضان في المسجد رغم ترك النبي لذلك: "نَعِمَت البدعة". فهي بدعة حسنة مادام الهدف منها تذكُّر النبي وسيرته والصلاة عليه وإطعام الطعام وإخراج الصدقات.

2- رأي المعارضين للإحتفال بالمولد النبوي:
يعتمد المعارضون للإحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف على ما جاء في بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والإجتهادات الفقهية، فمن القرآن الكريم يستدلّون بقوله تعالى في سورة المائدة: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}. ويعتبرون الإحتفال بالمولد النبوي من باب الزيادة في الدين بعدما أكمله الله تعالى. ومن السنّة النبوية يستدلّون بقول النبي في الحديث الذي رواه مسلم: (إيّاكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار). ويشيرون إلى أن الإحتفال بالمولد النبوي بدعة أحدثها الفاطميّون بعده ولا أساس لها في الشرع. ومن الإجتهادات الفقهية يستدلّون بما يراه بعض شيوخ الدين من أن الإحتفال بمولد النبي فيه تشبّه بالنصارى وهو من باب الغلو في حب الرسول ومدحه، وقد يترتّب عن ذلك فساد في الدين وإختلال في العقيدة.
ومن المتفق عليه تاريخيّاً، فإنّ الفاطميين كانوا هم أوّل من إحتفل بذكرى ميلاد الرسول في القرن الرابع الهجري.

أمّا من وجهة نظري كمسلم وكإنسان يعيش في هذه الحياة بكل أمل وبكل تفاؤل، ويعشق المرح والفرح والإستبشار... من وجهة نظري النقيّة والبريئة أقول بأنّه لا يوجد إطلاقاً ما يمنعنا من الإحتفال بعيد ميلاد نبيّنا، ولا يوجد في مبرّرات المعترضين ما يقنعني على الإطلاق بغير ذلك. 
نحن نعيش في زمان غير ذلك الزمان، وفي زماننا وجدت الملايين من المستحدثات في حياتنا ونحن جميعاً بدون إستثناء نتعامل معها ونقتنيها ونمارسها ونفرح بها. نحن نتفرّج على التلفزيون، ونتواصل بالهواتف النقّالة، ونركب السيّارات والطائرات، ونذهب إلى المدارس والجامعات، ونتعالج في المستشفيات، ونضع أموالنا في المصارف، ونستخدم الصكوك والبطاقات الذكيّة في عمليات البيع والشراء، ونسكن بيوتاً مكيّفة ونشتغل في مكاتب فاخرة، ونزرع ونحصد بإستخدام الآلة، ونطبخ أكلنا على أفران الغاز والكهرباء، ونذهب إلى الصيدليات لشراء الدواء الذي نتعالج به.... كل هذه الأشياء تعتبر "مستحدثة" ولم تكن موجودة في عهد الرسول ولم يستخدمها عليه السلام لأنّها فقط لم تكن موجودة في ذلك الزمان؛ فهل نحرم أنفسنا منها لمجرّد أن الرسول عليه السلام لم يكن حينها يستخدمها أو يتعامل بها؟. هل نعتبر كل ما نقوم به اليوم في حياتنا ولم يمارسه الرسول عليه السلام "بدعة"؟.ألسنا نحن بمثل هكذا تفكير نغلق الأبواب علينا ونعزل أنفسنا عن بقيّة البشر، وألسنا بمثل هكذا تفكير نرفض التقدّم ونرفض الإبداع ونرفض الإنتقال إلى الأمام؟. 
دعونا نبدأ في التفكير المغاير، ودعونا ننظر إلى الحياة بمناظيرنا نحن وليس بمناظير من عاش في زمان هو غير زماننا في مكان هو ليس مكاننا. دعونا نفتح أعيننا على العالم من حولنا فعسانا أن نرى الدنيا كما هي وليس من وراء ضبابيّة إسمها "فتاوي شيوخ الدين" وإجتهادات الكثير من الموتورين الذين رأوا الدنيا بمناظيرهم هم وإعتبروا أنفسهم على حق ففرضوا أرائهم وطرق تفكيرهم علينا، بل إن الكثيرين منهم تمادى إلى أكثر من ذلك فعمدوا على تكفير كل من خالفهم الرأي أو حتى حاول مناقشتهم باحثاً عن برهان واقعي لوجهات نظرهم أو طرق تفكيرهم دعكم من البحث عن مصادرهم التي إستقىوا منها أسانيدهم وأفتىوا بناء عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق