بعض الناس يعيشون بقلوب قاسية، ولا يحملون إنسانيّة في أحاسيسهم، فعندما تتبلّد آحاسيس الإنسان يتحوّل إلى حيوان كاسر لا يهمّه إلاّ الصيد الثمين، ولا يحفل بما يحدث بعد ذلك.
الذي يحدث في بنغازي يمكن معرفته بكل سهولة لو كان هناك من يبحث عن الحقيقة وبجدّية. دعونا نحاول تشخيص الحالة.... الأعراض: عمليات إغتيال وإختطاف وتفجيرات كلّها متشابهة وربّما تترك وراءها نفس البصمات.
بعد أن عرفنا ما يحدث (الأعراض)، دعونا نحاول الوصول إلى الأسباب: هناك ثلاثة إحتمالات لا رابع معهم.
1- أن يكونوا من أزلام الطاغية القذّافي.
2- أن يكونوا من المجرمين الذين أخرجهم الطاغية من السجن قبل التحرير.
3- أن يكونوا من المتشدّدين الإسلاميّين.
دعونا الآن ننظر إلى هذه المجموعات الثلاثة كلّ على حده:
** أزلام القذافي يحتاجون إلى دعم قوي وقاعدة شعبيّة للقيام بمثل هذه المهام.. وهذه من المؤكّد بأنّهم يفتقدونها. أزلام القذّافي يعتبر همّهم الأوّل الآن وقد قتل زعيم عصابتهم أن ينجوا برقابهم، والحاذقين منهم أن يهرّبوا معهم أموالهم كذلك، ثم يبدأون في البحث عن مكان آمن يعيشون فيه خارج البلاد. ما حاجة هؤلاء لهذه الإختطافات والتفجيرات والإغتيالات؟.
** عصابة المجرمين: هؤلاء الناس هم مجرمون إجتماعيّون ( لا سياسيّون) وهمهم الوحيد هو العودة إلى مهنتهم بعد أمن "تحرّروا" من السجن. المجرم الإجتماعي لا يتعلّم ولا يتوب مثله في ذلك مثل شارب الخمر أو المدخّن (مع إحترامي للمدخّنين). الهم الوحيد للمجرم الإجتماعي هو النصب والإحتيال والبحث عن غنيمة كبيرة تستحق التضحية في سبيلها. المكان المفضّل لهؤلاء هو الموانئ أو المخازن أو الشركات الكبرى. هؤلاء الناس لا يذهبون إلى بيوت الغير ولا يحتاجون لإغتيال أي شخص، وهم عادة لا يلجأون إلى القتل وإستخدام العنف إلاّ يضبطون متورّطين في جريمة سرقة أو إحتيال.
** المجموعة الثالثة وهي الجماعات الإسلاميّة المتشدّدة (وأنصار الشريعة على رأسها). هؤلاء الناس لهم أحلام سياسيّة، ولهم قاعدة شعبيّة في بنغازي ودرنة ومعظم مدن الجبل لأخضر لأسباب تاريخيّة.... أي أن لهم من يحميهم ويأويهم ويتستّر عليهم. هؤلاء الناس أعلنوها صراحة بأنّهم ضد الدولة، وضد الإنتخابات، وضد الديموقراطيّة على إعتبار أنّها بدعة. هؤلاء الناس كانوا أكثر من تأذّى من قوّات الأمن والشرطة والمحقّقين في عهد الطاغية القذّافي، بمعنى أنّهم كان قد تكوّن لديهم إحساساً بالإرتياب والإرتعاب من كل شئ إسمه أمن أو شرطة أو محقّقين. هؤلاء الناس معروفين بإنتهاج العنف كوسيلة لبلوغ أهدافهم ولا يحفلون مطلقاً بالنتائج لأنّهم لا يحسبون. هؤلاء الناس يرون الوضع الحالي في ليبيا قضيّة حياة أو موت بالنسبة لهم نظراً لأن المجتمع الليبي في العموم ينبذهم وسوف لن يرضى بهم يحكمون ليبيا، وبذلك فإنّ العنف والترهيب بالنسبة لهم يعتبر سلاحاً قويّاً وربّما وحيداً.
وختاماً ربما يتذكّر الكثيرون منكم ذلك العرض العسكري "المتبجّح" الذي أقامته جماعة "أنصار الشريعة" في بنغازي في بداية العام الماضي والذي إستعرضت فيه قوّتها بكل تحدّ.
من كل ما سبق أنا أرى بأن الجماعات الجهاديّة ( وأنصار الشريعة على وجه الخصوص) هم من يقوم بكل الأعمال التي تحدث في بنغازي.... ومن يبحث عن الحقيقة عليه أن يتتبّع أولئك فقد يصل إلى تفسير ما يحدث في بنغازي وما جاورها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق