Translate

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

هم يصنعون الحياة ونحن نصنع الموت

No automatic alt text available.
العالم من حولنا يفكّر ويتدبّر وينظّر ويبحث ويتوصّل إلى نتائج عمليّة يطبقها لتحسين مجريات حياته، ونحن نبقى في آماكننا نتفرّج حتى يلزمنا غيرنا بتطبيق ما توصّل إليه من نتائج وإستنتاجات.
نحن في المقابل مازلنا نضيّع أوقاتنا وثرواتنا وأعمارنا في الإستشهاد بما قاله أبو حنبل وإبن العثيمين والشنقيطي والألباني والبيهقي والنقشبندي غيرهم ممّن نظّروا في زمانهم ولم يتواجد حينها من يقدر على مناقشتهم أو الإعتراض على أرائهم وأفكارهم وإجتهاداتهم التي تحوّلت بفعل الأمر الواقع إلى فتاوي ملزمة على من لا يقتنع بها بعد أن يتم نعته بالكفر والإنكار والخروج عن الملّة وما إليها من وسائل الإقصاء وفرض الأمر الواقع بفعل جلابيب التقوى وأسمال التديّن. هذا الوضع خلق بشراً في عالمنا الإسلامي ممّن يتوجّب عليهم الطاعة العمياء ويحرمو من إستخدام عقولهم في التفكير أو الإستدراك أو التخيّل أو التصور والإبداع، وبذلك فنحن اليوم نعاني من إنحسار ثقافي وإنغلاق فكري وشخصيّة شوفينيّة تظن بأنّنا نحن من خيرة شعوب الله على الأرض وبأنّ كل غيرنا هم من الكفّار الذين سوف يذهبون إلى جهنّم.
تلك هي نفس النغمة التي عاش عليها اليهود المتشدّدين الذين أقنعوا من ينتمي إلى ملّتهم بأنّهم شعب الله المختار، وكانت النتيجة أن تحوّل اليهود إلى شعب منبوذ ومكروه من كل شعوب العالم والدليل هو مقدار الأذى الذي لحق باليهود في إسبانيا وفي ألمانيا وفي الكثير من بلاد العالم الأخرى بحيث أصبح الناس في بقاع كثيرة من بلاد العالم وهو يتندّرون باليهود ويحتقرونهم.
في المقابل نجد أن الصينيين واليابانيين والكوريين يتواضعون في كل شئ ويعتبرون أنفسهم مثل غيرهم من بقية شعوب العالم، وبذلك فهم يتمتّعون اليوم بإحترام بقية شعوب العالم لهم، ويحظون بحب وإحترام بقية البشر الذين يعيشون على هذا الكوكب الذي نشترك كلّنا في المعيشة على سطحه والمشاركة في الإستفادة من خيراته.
نظرة العالم إلى الأمام ورغبتهم في دفع شعوب الأرض إلى المضي قدماً من أجل الرفع من قيمة وسعادة الإنسان هي ما دفع الولايات المتحدة الأمريكيّة إلى إعتبار أن شبكة المعلومات الشاملة Broadband Internet بأهمّية بقية ضرورات الحياة العصريّة، فقرّرت الولايات المتحدة الأمريكيّة أخيراً إعتبار شبكة المعلومات التي نتحصّل عليها بإستخدام أليّة التواصل المعتمدة على نظام "الحزمة العريضة" في خانة "ضرورات الحياة اليوميّة" شأنها في ذلك شأن الكهرباء والماء والغاز حتى تستفيد منها كل طوائف المجتمع بغض النظر عن خلفيّاتها الثقافية أو العرقية أو المالية أو المعيشية الأخرى.
لقد حان لنا الوقت معشر العرب والمسلمين أن ننظر حولنا ونفتح عيوننا على غيرنا فعسانا أن نرى الدنيا بمناظير بقية البشر على هذا الكوكب. علينا أن نعي ونعرف بأنّنا لا نمثّل أكثر من 23% من كل سكّان المعمورة، وبأننا أصبحنا نعتمد على غيرنا في كل ضرورات حياتنا من مأكل ومشرب وكساء وحماية ووقاية وتطبيب وغيرها. لقد حان لنا بأن ننتبه إلى أنفسنا وأن ننظر حولنا لنرى واقعنا ونحسّ بأخطائنا فعسانا أن نسترشد بغيرنا من شعوب العالم التي سبقتنا في كل شئ بما في ذلك القيم والأخلاق والمعاملة الإنسانيّة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق