Translate

الاثنين، 13 أبريل 2020

من الكورونا الفيروسيّة إلى الكورونا الإشعاعيّة

 طالما أننا مشغولين هذه الأيّام بالحديث عن وباء كورونا وما يسببه فيروس كورونا لنا من خوف وذعر وإرتعاب نحن البشر، فدعوني هنا أن أحاول تغيير وتيرة ونوع الحديث من مزري ومروّع ومخيف إلى حديث يمكن إعتباره والإحساس به من حيث الوظيفة على أنه هادئ ومريح ومبهج ومفرح ومطمئن.

أنا اليوم سوف أنتقل بكم من عالم الفيروسات وتأثيراتها المدمّرة إلى عالم الألياف العصبيّة المتميّزة وتأثيراتها الجميلة والرائعة في وعلى حياتنا وكيف أنّنا حينما تتغيّر وظائفها نصاب بأمراض وألام ومآسي من الممكن في المستقبل تجنّبها والإحتياط لها.
قد يكون هنا - والحالة هذه - الإحساس ببعض التشابه من حيث التعرّف والتفكير والتدبّر ومن بعدها البحث والإستنتاج والتوصّل إلى نتائج تنفع البشريّة. هذا المنحى قد يتشابه بين تعاملنا مع الكورونا الفيروسيّة وتعاملنا مع الكورونا الإشعاعيّة؛ ومن هنا كان إختياري لهذا الموضوع حتى أحاول أن أكون مفيداً ولو بذلك القدر البسيط.... أيّ، ولو على "إحتشام" !!.

الكورونا الإشعاعيّة Corona Radiata، هي صفيحة المادّة البيضاء (الألياف العصبيّة) في مخ الإنسان والتي تنقل في جزئها الداخلي(الباطني) ربطة الألياف الداخليّة المسئولة عن الفعل والقوّة والتحرّك والإنتقال، وفي جزئها الخارجي (الظهري) ربطة الألياف المركزيّة البيضاويّة التي تعيد الإشارات الجسمانيّة إلى قشرة المخ بهدف التجاوب معها وذلك بإصدار إشارات كهربائيّة مدروسة ومبرمجة ثم بعد ذلك ردّها على عجل إلى الجهة المرسلة بهدف التجاوب مع الحدث الطارئ ومن ثم القيام بالمهمّة المناسبة وفي الوقت المناسب. وهو ما يوحي بأهميّة وجود صفائح الكورونا الإشعاعيّة في وسط (لب) مخاخنا وما تقدّمه لنا من وظائف حياتيّة جوهريّة قد لا نفكّر فيها حيث أنّها تحدث بعيدة عن أنظارنا وقد نتعامل معها على أنّها "أمر واقع"، وقد لا نحفل في معظم الأحيان بما عساه أن يصيبها فتفقد بأثر ذلك وظائفها ونتحوّل نحن من بعدها إلى كيانات ملقيّة على الأرض بدون حراك ولا تفكير ولا إحساس ولا مشاعر.

هذه الألياف الإشعاعيّة التاجيّة تعتبر أهم وصلة من الألياف المغادرة والألياف العائدة في دماغ الإنسان، والتي تنقل أغلب وأهم إشارات التواصل العصبي من وإلى القشرة المخيّة.... بمعنى آخر، إن الكورونا الإشعاعيّة تعتبر هي المركز الجوهري لحركة النشاط المخّي لكل إنسان وبدونها يصاب الإنسان بالشلل الحركي والشلل العصبي والشلل الإجتماعي.... بمعنى، أن أي شخص بدون الكورونا الإشعاعيّة يتحوّل إلى إنسان مشلول وفاقد الإرادة. من هنا يمكنكم ربّما إيجاد بعض التشابه بين مصاب فيروس كورونا وهو طريح الفراش في غرفة العناية المركّزة بالتنفّس الإصطناعي، وبين مصاب إشعاع كورونا وهو لا يستطيع أن يتنفّس ولا أن يتحرّك ولا أن يفكّر ولا أن يحسّ ولا أن يتأثّر.الكورونا الإشعاعيّة تتركّز في منطقة المادّة البيضاء في مخ الإنسان، وأي خلل يصيب تلك المنطقة قد يؤدّي إلى إختلالات كبيرة وجوهريّة في الوظائف الذهنيّة(الذكاء)، والإجتماعية (التواصل)، وكذلك الوظائف العاطفيّة(الإندماج). من أهم الأمراض التي تصيب المادّة البيضاء في مخ الإنسان:
  1. إعتلال وظائف المادّة البيضاء للمخ بسبب خطأ في التروية الدمويّة مثل ما يحدث في بعض أنواع الجلطات المخيّة أو النزيف المخّي الخطير.
  2. أمراض الفيروسات التي تصيب - عن إختيار - مخ الإنسان (فيروس كورونا ليس من بينها) !!.
  3. مرض التصلّب المتعدّد (التصلّب اللويحي).
  4. مرض الإنحسار اللويحي المتمدّد ADEM.
  5. مرض مادّة المخ البيضاء المتنامي(المتزايد). 
وهي كلّها تعتبر من الأمراض المخيّة الخطيرة والتي تؤثّر في حياة وقدرات الإنسان الذهنية والحركيّة.... ربّنا يعافيكم جميعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق