Translate

الأحد، 8 يوليو 2012

ماذا بعد العرس ؟

 
 بنغازي تبتهج بعرس الإنتخابات رغم محاولات الإنفصاليّين المستميتة لمنع أهلها من الإنتخاب

شهدت بلادنا يوم أمس عرساً غير مسبوق من نوعه؛ فلم يسبق لهذا الشعب أن  شارك في إنتخابات حرّة بمثل ما فعل بالأمس. الإنتخابات الوحيدة التي كانت في بدايتها حرّة ونزيهة ومع أنّها كانت مفتوحة لكل الليبيّين، لكنّها كانت إنتخابات محدودة قياساً بعدد المقاعد الممنوحة لها وهذه الإنتخابات رغم محدوديّتها تم العبث بنتائجها بعدما تبيّن فوز الجانب الغير منحاز للنظام الملكي الذي كان يفضّل بقاء الوجود الأجنبي على التراب الليبي بحجة الحفاظ على الملكيّة من إنقلاب الناس عليها حيث كان الشعب الليبي في أغلبه ضد الملكيّة كنظام حكم في ليبيا.
 تلك الإنتخابات كما نعرف حدثت بعد صدور قانون الانتخابات الذي أقرّته الجمعية التأسيسية التي حدّدت 19 فبراير 1952 كموعد للإقتراع العام في أول إنتخابات برلمانية بعد الاستقلال، و أخذت الأحزاب و الهيئات السياسية تسعى للحصول على تأييد الناخبين فجرت الانتخابات في جو صاخب ثم أسفرت النتائج حينها عن فوز الأحزاب الوطنيّة من بينها حزب المؤتمر بأغلبية ساحقة أزعجت المقرّبين من الملك؛ فقرّرت "أجهزة الدولة" التدخّل المباشر في هذه الانتخابات بعد إعلان النتائج بما حقّق لها الأغلبية، فغيّرت بعض شيوخ القبائل الموالين للحركات الوطنيّة وأتت بمن يضمن أصوات الناخبين لمرشحي الحكومة الذين 
ينتمي أغلبهم لحزب الإستقلال المؤيّد لبقاء القواعد الأجنبيّة في ليبيا.... لقد تم تزوير نتائج الانتخابات بشكل مباشر في بعض المناطق. 
كان واضحاً لمعظم الليبيّين حينها أن التيار الموالي للدول الغربية و التبعية لها قد تمكّن من تحجيم التيار الوطني الرافض للقواعد الأجنبية. على إثر ذلك حدثت إضطرابات كبيرة في كل من طرابلس و مصراتة والزاوية، وبقية المناطق المناطق المجاورة لطرابلس، فواجهتها قوّات البوليس التابعة للحكومة بعنف مما أدّى إلى مقتل عشرة أشخاص و جرح حوالي 110 من المواطنين. وضعت الحكومة على إثر ذلك المناطق المضطربة تحت رقابة البوليس، وإتهمت قيادة "حزب المؤتمر الوطني" بتحريض القبائل على انتزاع السلطة فقامت بنفي السيّد "بشير السعداوي" إلى مصر؛ فوجّه المؤتمر الوطني في طرابلس بعد ذلك نداء للملك قال له فيه "إن الشعب الليبي يرى في هذه الحقائق تأكيدا للنوايا السيئة لتلامذة النظام الفاشي وعصر الامبريالية السابقين الذين عانت البلاد من حكمهم الآلام و الحرمان على مدى ثلاثين سنة".
بعد ذلك التزوير في الإنتخابات تم حلّ جميع الأحزاب السياسيّة وتم منعها من العمل السياسي فجرت ثاني إنتخابات برلمانيّة في عام 1956 لكنّها كانت على مستوى الأفراد، وكان قد سمح بالمشاركة فيها للموالين للحكومة فقط. بعد ذلك جرت آخر إنتخابات مزوّرة في عام 1965، ولم يذهب بعد ذلك الليبيّون إلى صناديق الإقتراع حتى يوم 7\7\2012.
من هنا نرى بأن الليبيّين لم يتمكّنوا في ماضيهم البعيد ولا القريب من المشاركة في الحياة السياسيّة في بلادهم وبذلك كان إقبالهم على هذه الإنتخابات كبيراً، وكان حماسهم لها غي مسبوق رغم كل العقبات والمصاعب ورغم غياب الأمن وغياب سلطة الدولة على مجريات الحياة اليوميّة منذ إعلان التحرير في 20\10\2011.
خرج أغلب الليبيّون يوم الأمس بعيد إنتهاء عملية الإدلاء بأصواتهم في أغلب المدن الليبيّة ليعبّروا عن فرحتهم الكبيرة بأن تمت الإنتخابات بدون مشاكل أو إضطرابات؛  فقد كان أغلب الليبيّون يتوقّع حدوث مشاكل أثناء عمليّة الإنتخاب حكماً بما كان يحدث في الأيّام السابقة للإنتخابات.
عبّر الليبيّون عن مشاعرهم بهذه المناسبة من أمثال: "عرس إنتخابي" و"يوم عيد" و"حلم جميل". زغاريد النساء وأبواق السيّارات تملأ شوارع طرابلس ومراكزها الانتخابية، وفرق من الشباب تتولى توزيع الحلوى والعصائر على مرتادي المراكز الانتخابية، وحتى في الشوارع العامة. حدثت مشاهد شبيهة في بنغازي، والبيضاء، ودرنة، ومصراته، وغيرها من المدن الليبيّة الأخرى.
عندما تسأل أي ليبي في طرابلس عن هذا اليوم (يوم الإنتخابات) فإنّه يقول لك على الفور إنه كان يوم فرح وحبور، يوم مسرة وهناء.
في عادة الأعراس الليبيّة تصل مراسم الإحتفال قمّتها في "ليلة "الدخلة" ثم تخفت بعد ذلك قليلاً لتتكرّر– ولكن بأقل شموليّة وسخب – في اليوم الثالث، وبعدها يذهب الأصدقاء والأقارب إلى بيوتهم ويترك العروسان ليبدءا التفكير في مستقبل حياتهما، والتخطيط العقلاني لها. هذا تحديداً ما نريده أن يحدث بعد هذا العرس الإنتخابي بحيث أنّه بمجرّد إعلان النتائج يتوجّب على الليبيّين الذهاب إلى أعمالهم ليفسحوا المجال لممثّليهم ليبدأوا التفكير في مستقبل البلاد والبدء في عمليّة الإنتقال إلى الأمام.... قيادة سفينة التغيير.

ماذا يتوجّب على الليبيّين والليبيّات عمله بعد الآن؟
بدون شك أنّه بعد إختيار ممثّلك عليك أن تتركه ليقوم بالمهمّة نيابة عنك؛ لكنّنا في ليبيا علينا أن نظل على يقظة تامّة وأن نستمر في مراقبتنا لمن إخترناهم ليمثّلونا أو يحكموا بالنيابة عنّا. نحن عانينا كثيراً من سيطرة الفرد الذي ظلّ يكذب علينا لأكثر من 42 سنة فعلينا أن نتعلّم من تاريخنا، وعلينا أن نكون على حذر مستمر.

ماذا علينا أن نعمله ؟
1-أن نستمر في البحث الجدّي عن هويّة وممارسات أعضاء المؤتمر الوطني علّنا نعثر على خفايا فنقوم بكشفها.
2-أن نستمر في مراقبتنا لكل تصرّفات أعضاء المؤتمر الوطني وأعضاء الحكومة وطاقم الموظّفين الذين سوف يختارونهم.
3-أن نقوم بطرح الأفكار الجديدة ووجهات النظر وأن نعمل على إيصالها لصنّاع القرار.
4-أن نكون على إستعداد للخروج والإعتراض والإعتصام متى إقتضى الأمر ذلك على أن نكون واقعيّين وعقلانيّين في ذلك.
5-أن نستمر في تشكيل وتوظيب وتطوير منظّمات المجتمع المدني، والجمعيّات الأهليّة.
6-أن نحافظ على تواصلنا مع بعض ومع بقيّة أفراد الشعب الليبي عن طريق وسائط الإعلام المتوفّرة وهي كثيرة ومتيسّرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق