Translate

الجمعة، 3 أغسطس 2012

المجلس الأعلى للإفتاء..... مشروعية وجوده ومستقبل مهامه

تشكيل هذا المجلس بشكله الحالي، وسيطرة رجال الدين عليه حصريّاً بالكامل سوف يعطئ الإحساس بأن هذا الجهاز ربّما يكون في المستقبل بمثابة "جهة تأسيسيّة" أخرى في ليبيا قد تعتبر نفسها أعلى من سلطة الحكومة وأعلى من سلطة البرلمان (أعلى من سلطة الشعب الحقيقيّة). 
تنظيم الإخوان كما نعرف - ومعه بدون شك كل الجماعات الدينية المتشدّدة – يطالب بأن يكون الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع في ليبيا بل إنّهم يقترحون بأن تكون هذه العبارة بمثابة مادة في الدستور الجديد لليبيا وأن تكون هذه المادة أبديّة ولا يحق تعديلها أو إعادة النظر فيها أو حتى تنقيحها بما يتناسب مع مقتضيات الزمن (خط أحمر !).
عندما يصدر الدستور الليبي بمادة دستورية تقول إن الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع في ليبيا يكون للمفتئ حينها الرأي الفصل في جميع شئون الحياة في ليبيا، وسوف يكون ذلك بالطبع من خارج البرلمان على إعتبار أن وظيفة المفتئ غير خاضعة للإنتخابات وغير خاضعة أيضاً لسلطة البرلمان؛ ومن ثمّ سوف يكون المجلس الأعلى للإفتاء بمثابة "المرشد الروحي" الذي يستطيع رفض وتغيير قرارات مجلس النوّاب كما يحدث الآن في إيران.
السؤال الذي يحق لكل الليبيّين طرحه: ومن ذاك الذي سوف يقرّر الأهليّة... أهليّة الشخص ( المفتي) للإفتاء؟.
الحياة تغيّرت وتنوّعت وتشعّبت، ولا يمكن ترك موضوع الإفتاء لشخص واحد، أو فئة تنتمي إلى طائفة واحدة. لا بدّ أن يتم إستحداث مجلساُ للإفتاء يشمل في عضويّته علماء في كل مجالات الحياة بما في ذلك علماء نفس، وعلماء إقتصاد، وخبراء في العلاقات الدوليّة حتى لا تكون الفتاوي ناقصة أو نابعة عن جهل في قضيّة ما، كما يجب أن يحتوي هذا المجلس على عناصر نسائيّة في مختلف التخصّصات.
أنا أقترح بأن يتكوّن المجلس الأعلى للإفتاء من 100 شخصيّة وطنيّة تكون على الوجه التالي:
  1. كبار علماء الدين 10 أعضاء.
  2. كبار رجال القضاء 10 أعضاء.
  3. كبار رجال القانون بما في ذلك القانون الدولي 10 أعضاء.
  4. كبار رجال السياسة والسلك الديبلوماسي 10 أعضاء.
  5. كبار آساتذة الجامعات 10.
  6. كبار رجال الأعمال وخبراء الإقتصاد 10 أعضاء.
  7. كبار رجال الجيش والشرطة 10 أعضاء.
  8. كبارعلماء النفس وعلم الإجتماع 10 أعضاء.
  9. كبار الإعلاميّين ورجال الصحافة 10 إعضاء.
  10. كبار المهندسين ورجال الصناعة 10 أعضاء. 
إخوتي أخواتي.. لقد إختار شعب ليبيا النهج الديموقراطي كأساس للحكم في بلدنا، فلا يجوز وفق الأسس الديموقراطيّة بأن تتواجد في الدولة جهات تصدر الفتاوي خارج المنظومة الديموقراطيّة مهما كانت المبرّرات.
في خضم التغييرات الكبيرة التي يشهدها العالم من حولنا في مختلف مجالات الحياة، وفي وجود تشعّبات حياتيّة كثيرة وتخصّصات مهنيّة رفيعة، وفي وجود عقول في بلادنا تعيش العصر وتعمل على التأثير إيجابيّاً في متغيّراته... هل تتفقون معي بأن المجلس الأعلى للإفتاء بشكله الحالي لم يعد بقادر على تلبية متطلّبات العصر، ومن ثمّ فقد حان الوقت لنا في ليبيا بأن ننشئ مجلساً أعلى للإفتاء يكون بمثابة هيئة إستشاريّة تصدر أرائها في القضايا الحياتيّة المتشعّبة، بينما يتفرّغ رجال الدين للوعظ والإرشاد في المساجد ومن خلال منابر الإعلام المختلفة بشرط عدم تسيس الدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق