Translate

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

شرق ليبيا يخضع لسيطرة عناصر اسلامية متطرفة تثير مخاوف الاهالي من الاغتيالات وعمليات الخطف

 نشرت صحيفة "واشنطن بوست" اليوم الاثنين تحقيقاً عن ليبيا تقول فيه ان المتطرفين الاسلاميين يسيطرون فيها على شرق البلاد وان عناصر منهم قريبة من "القاعدة" وايديولوجيتها تثير الخوف في ذلك الجزء من ليبيا. وهنا نص التحقيق الذي كتبته مراسلة الصحيفة ابيغيل هاوسلوهنر:
" يقوم متطرفون اسلاميون مسلحون يعملون في الظل بترويع مدينة درنة الليبية الشرقية، بعد ستة اسابيع من الهجوم الدامي على البعثة الاميركية في بنغازي والذي سلط الضوء على التطرف الديني المتنامي في ليبيا.
ويتم تحميل المسؤولية عن حملة من التفجيرات والتهديدات بالقتل الموجهة الى اهداف حكومية ليبية لمتطرفين اسلاميين مسلحين، من بينهم الميليشيا الاكثر نفوذا في المدينة، كتيبة شهداء ابو سليم، والتي يقول السكان ان افكارها قريبة لتنظيم "القاعدة".
وما يتكشف هنا قد يكون المثال الأكثر تطرفا على المواجهة الجارية في ليبيا، ما يؤكد مدى عمق زرع الأصوليين لبذورهم في الفراغ الأمني الذي تتسم به ليبيا منذ سقوط القذافي معمر في ايلول (سبتمبر) الماضي.
وواصل المتطرفون العمل هنا على الرغم من رد الفعل الشعبي التي أعقب هجوم الشهر الماضي في بنغازي، 156 كيلومترا إلى الغرب، بالرغم من المخاوف من انتقام محتمل من قبل الولايات المتحدة التي يمكن سماع ازيز طائراتها من دون طيار تحلق كل يوم تقريبا.
وفي الوقت الحالي، فإن المسلحين اتخذوا في ما يبدو غطاء في البيوت والمزارع الحضرية في الجبال الخضراء النائية التي تحيط بالمدينة. لكن مسؤولين يقولون ان الحكومة المحلية لا تزال عاجزة عن وقفهم، حتى في الوقت الذي يدفع المتطرفون أيديولوجيتهم قدما بقوة كما كانوا سابقا.
وقال فتح الله العوام، رئيس المجلس المحلي الضعيف: "لا أحد سيمنع أي شخص من القيام بأي شيء"، والنشطاء أحرار في الذهاب والإياب من المدينة والمناطق المحيطة بها كما يشاؤون. "لا توجد شرطة ولا جيش ولا ميليشيات. لا شيء. انها مدينة مفتوحة من الشرق والغرب.''
ويقول بعض الليبيين ان وجهات النظر المتطرفة يتم اعتناقها على نطاق واسع ليس فقط بين الميليشيات الاسلامية نفسها. وهذه حقيقة قالوا ان الولايات المتحدة فشلت في فهمها في أعقاب هجوم بنغازي. وقالوا ان ليس كل المتطرفين في درنة أو في أي مكان آخر في ليبيا ينتمون إلى مجموعة واحدة. واشاروا الى ان أولئك الذين يشاطرون تنظيم "القاعدة" ايديولوجيته كثيرون، وهذا يخلق فرصة كبيرة للتجنيد.
وقال سعد بلقاسم، الذي كان يعمل موظفاً بيروقراطي في المحكمة المنحلة في درنة "إنها طريقة في التفكير". واضاف: "انهم يخطفون الناس كما يفعلون في أفغانستان. يخدعون الشباب ويرسلونهم لتفجير انفسهم ".
ومن عدة نواح، فان سيطرة الإسلاميين هنا ليست مفاجأة. فقد وقفت درنة المهملة والمحافظة والفقيرة جدا في عهد القذافي، بمقاومتها الاسلامية الشرسة للنظام القديم - وبإرسال المزيد من الجهاديين إلى العراق خلال الاحتلال الأميركي اكثر من أي مكان آخر في ليبيا.
ووقع الانفجار الأخير هنا في وقت مبكر من صباح الخميس، عندما هز انفجار مبنى على مشارف المدينة الشرقية كانت السلطات المحلية تأمل باستخدامه لدعم قوة أمنية جديدة. ويقول سكان محليون ان الهدف في كثير من الاحيان هو سيارة تابعة لمسؤول أو صحافي تجرأ على تحدي الميليشيات. وقد قتل قائد الشرطة المعين حديثا في وضح النهار في أذار (مارس) الماضي بوابل سريع من الرصاص في الظهر بينما كان يملأ خزان مركبته في محطة وقود.
وأوضحوا ان الذين ينتمون إلى فكر الميليشيات أهدافهم بسيطة. وقال طارق الشرقي، وهو إمام أصولي في درنة يقول سكان انه يحافظ على علاقة وثيقة مع "أنصار الشريعة"، انهم يريدون تطبيق القانون الإسلامي أو الشريعة، ويريدون طرد الولايات المتحدة من الأراضي الاسلامية. واعترف فقط أن "كل شيء متصل في درنة".
وقال ان السكان المحليين يعتبرون الطائرات بدون طيار التي يسمعونها الآن تزن في السماء "شكلا من أشكال الاحتلال"، وقال ان الليبيين سيشنون "الجهاد" لاجبارهم على الانسحاب.
وحتى قبل شهر واحد، احتلت كتيبة شهداء أبو سليم المباني وحرست نقاط التفتيش حول المدينة، وكانت تعمل إلى جانب الجماعات ذات التفكير المماثل، بما في ذلك الفرع المحلي لجماعة أنصار الشريعة، المشتبهون الرئيسيون في هجوم بنغازي.
وقال حسين المساري، وهو صحافي محلي: "كانوا هم الشرطة والمجرمين في نفس الوقت". ودفعوا بقوة لتطبيق لشريعة الإسلامية، وهددوا أولئك الذين يحبذون رؤية طرابلس للحكومة المركزية والدستور. وقال انهم نشروا قوائم القتل على صفحات الفيسبوك الجهادية المجهولة.
واشير الى المشاهدة الأولى لطائرة أميركية بدون طيار هنا كانت في تموز (يوليو)، في ما وصفه مسؤولون اميركيون بأنه محاولة سبقت هجوم بنغازي لجمع معلومات استخباراتية عن الجماعات المتطرفة في ليبيا. وقال المساري انه يبدو ان تلك المشاهدة هي التي دفعت المسلحين من "أنصار الشريعة"، التي يرأسها السجين السابق في غوانتانامو أبو سفيان بن قمو، الى الاختفاء من منزله على الشاطىء في درنة إلى الجبال، بينما لم يتراجع أعضاء كتيبة شهداء أبو سليم حتى أواخر ايلول (سبتمبر)، بعد هجوم بنغازي وفي رد واضح على تحذيرات الولايات المتحدة من الانتقام.
وقالت السلطات المحلية ان الاختفاء في البداية بدا مثيرا للأمل. ومع تراجع كتيبة شهداء ابو سليم، سيطر المجلس المحلي المنتخب على قاعدتهم الرئيسية في المجمع القديم بهدف جعلها مقرا للشرطة.
وبعد ايام، هز انفجار عند منتصف الليل مقر القاعدة. واستهدفت تفجيرات اخرى سيارات صحافي ومسؤولين محليين كانوا قد دافعوا علنا عن حل المليشيات في ظل هجوم بنغازي. وتراجعت السلطات المنتخبة.
وقال العوام، من المجلس المحلي: "الامر يبدو وكأن المليشيات قد تم حلها، ولكن الواقع ما يزال على حاله".
وقال العوام ان المجلس حاول مرارا، قبل اختفاء الميلشيات وما بعد ذلك، تشكيل قوة شرطة محلية. 
الا ان كل رجل عُين لرئاسة الامن نكص على عقبيه امام التهديد بالقتل او تفجير السيارات التي نسبها الضحايا الى الميلشيات. 
وكانت النتيجة وجود فراغ امني حتى قال الاهالي انه السبب في تحول درنة الى أن تكون اكثر الاماكن في ليبيا التي فقدت الاستقرار. وقال عوام ان المجلس لا يملك اي وسيلة لمصادرة الكميات الكبيرة من الاسلحة الثقيلة، وتشمل مدافع مضادة للطائرات وصواريخ حرارية واطناناً من المتفجرات، وقد حصلت عليها الجماعات خلال الثورة الليبية. والوسيلة الوحيدة التي يعتقد انه يمكنها ايجاد حل لمشكلة التطرف هي في اعطائهم ما يطالبون به.
وقال "اعتقد انه اذا وافقت الحكومة على العمل وفق الشريعة الاسلامية، فان ذلك قد يؤدي الى التوصل الى اتفاق مع هذه الجماعات". واضاف ان ذلك قد يؤدي على الاقل الى نبذ العنف.
ويقول مسؤولون انه كان لا مفر، في اعقاب سقوط القذافي وغياب القانون، من ان تصبح درنة مقصد المتشددين. ويمكن رؤية السبب في ذلك من خلال موجات العواصف التي تهب بعد الظهر. فالمباني الصفراء المتهالكة ترتكز على تلال رملية في مواجهة بحر ازرق اللون لا يسبح فيه احد. ورغم ان هناك عددا قليلا من المطاعم، الا انه ليست هناك حدائق عامة.

لقد تضاءل عدد سكان المدينة في السنوات الاخيرة بعد ان غادرها من وجد منهم الفرصة المناسبة له، حسب قول المجلس المحلي.
وقالت ابتسام استيتة، عضو المؤتمر الوطني العام عن درنة "انه الفراغ هنا – فهناك الكثير من وقت الفراغ. ومعظم الناس يشعرون كما لو ان حياتهم مقيدة، وعلى ذلك فانهم لا يفكرون الا في الخطوط الامامية والموت والجهاد".
وقالت استيتة انها قامت بحملة خلال العام الفائت للضغط بقوة على السلطات الوطنية في طرابلس من اجل فتح ابواب الفرص لتطوير درنة لدرء انزلاق المنطقة المحتمل الى ما يشبه يمنا او افغانا جديدة.
وقالت مشيرة الى كلمة القتها عبر شاشات التلفزيون: "قلت للوزراء في الاجتماع ان على ليبيا ان تتعامل مع هؤلاء المتشددين اولا. ما الذي يدعونا الى انتظار ردود فعل العالم؟". غير ان الوحيدين الذين استجابوا لدعوتها كانوا سكان بلدتها من دون غيرهم.
وقالت "تلقيت تهديدات بالقتل على الفور".
وقال بلقاسم، وهو من بيروقراطيي درنة سابقا، وقال غيره ايضا انهم يعتقدون انه لا يزال بالامكان انقاذ درنة. غير ان الانتخابات الاميركية وتعهد الرئيس اوباما بـ"أن يسعى للقبض على" الذين قاموا بهجوم بنغازي، يخيم على الحياة هنا كثيرا هنا. 
فقد قال كثيرون انهم يخشون الضغوط الاميركية للانتقام من عملية بنغازي وان يؤدي ذلك بالوضع القلق الان الى حافة الهاوية. وقد توقع الشرقي ومسؤولون محليون آخرون ان يؤدي قصف الطائرات بلا طيار الى انضمام المزيد من الاصدقاء وليس الاعداء الى صفوف الجهاديين، بحيث يدفع ذلك جهاديين اجانب للمشاركة في قتال يسهل الوصول اليه، ويحول الجبال الخضراء الليبية الى باكستان جديدة.
وقالت استيتية: "اذا وقع قصف بطائرات تعمل بلا طيار، فان الناس سيعتبرون ان السيادة الليبية هي التي تواجه التهديد. وقد تدفع اناسا الى الانضمام الى هذه المجموعات بدلا من النأي عنها".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق