أنا أشارك كل الليبيّين والليبيّات مخاوفهم وتذمّرهم وتضايقهم مما يجري الآن في ليبيا، ولكن علينا بأن ننطلق من معطياتنا.
إخوتي وأخواتي أبناء هذا البلد... أنا من بين المتابعين لما يجري في ليبيا وعن كثب منذ آواخر السبعينات، والذي عانيناه من الطاغية القذّافي ومن أزلام حكمه أكبر من أن يتمكّن أحدنا من وصفه أو الإحاطة به لكثرته ولغرابته... وإسمحوا لي القول بأن الكثير الكثير من أبناء الشعب الليبي بصدق كانت قد فسدت أخلاقهم وتغيّرت طبائعهم وأصابهم الجشع والطمع بشكل أبعد من حدود التصوّر.
التعامل مع أي شعب في العالم الثالث حيث يكثر الجهل والتخلّف الإجتماعي والحضاري ليس بذلك لأمر السهل، ومن هنا فعلينا - على الأقل نحن المتعلّمون والمثقّفون والعارفون ببواطن الأمور - أن نحاول رؤية الواقع من خلال مشاعرنا وآحاسيسنا وعقولنا حتى لا نظلم الآخرين.
بكل تأكيد... فإنّ السيّد علي زيدان يحاول جهده للتعامل مع هذه الأوضاع الصعبة والصعبة جدّاً، وبكل تأكيد السيّد على زيدان يتصرّف من خلال إجتهاده ورؤيته للواقع؛ وربّما هو أيضاً يستلم بعض النصائع من جهات أخرى الأغلب بأن تكون أوروبيّة وأمريكيّة.. وربما بعضها عربيّة أيضاً، والسيّد علي زيدان قد يخطئ وقد يصيب مثلنا تماماً فهو بشر كما نعرف. على الأقل الدكتور علي زيدان مازال يحاول رغم كل ما لحق به من إهانات ورغم ما واجهه من إنتكاسات، ورغم تكبيل يديه من قبل أناس هو يعرفهم ويراهم في كل يوم لكنّه لا يستطيع أن يتحدّث عنهم أو يذكر أسماءهم لأنّ ذلك قد يعرّض حياته للخطر.
أنا لا أظن مطلقاً بأن الدكتور علي زيدان يهتم بحياته قدر إهتمامه بما هو بين يديه من مهام وإلتزامات أخلاقيّة ووطنيّة هو أدرى منّا بها وأعرف منّا - بكل صدق - بها أيضاً لأنّه كان إنساناً مناضلاً من أجل ليبيا ومن أجل حريّة أهلها حينما كان غيره يسيرون في ركب الطاغية القذّافي ويعملون على إطالة عمر نظام حكمه.
قد نختلف مع السيّد علي زيدان، لكنّني أجزم بأنّنا جميعاً نجيد الإنتقاد والإستغراب لتصرّفات الآخرين، غير أنّنا لو كنّا أنفسنا في كنّا في وسط المعمعة فإنّنا ربّما سوف نقف عندها عاجزين عن فعل أشياء مختلفة تكون ذات قيمة.
يقول مثلنا الليبي: المتفرّج فارس، ويقول الإنجليز: Retrospective thinking is always clever and wise.... فهل آن لنا بأن ننظر إلى الأشياء بمناظير مختلفة تعتمد على الفهم والتبصّر والعقلانيّة والتدبّر؟.
قد يقدمون على إبعاد السيّد علي زيدان، وقد يأتون بشخص آخر في محلّه - أمل بألّا يكون السيّد قطيط ! - وسوف نصاب بخيبة أمل بالقادم بعد زيدان كما أصبنا بخيبة أمل بزيدان نفسه حينما حل محل الدكتور الكيب.
كان هناك - كما نعرف - من تفاءل خيراً بتعيين الدكتور عبد الرحيم الكيب محل الدكتور محمود جبريل، ولكن كان عدد الذين أصيبوا بخيبة أمل وإحباط من ممارسات الدكتور الكيب أكثر بكثير من أولئك الذين كانوا مستاءون من أداء الدكتور محمود جبريل.
الوضع في بلادنا يعتبر معقّداً وصعباً، وسوف بإذن الله يأتي اليسر بعد كل هذا العسر. أنا أؤمن إيماناً يقينيّاً بكلام الله في كتابه العزيز: { فإنّ مع العسر يسر، إنّ مع العسر يسر} لأنّني بصدق إعتمدت على كلام الله هذا كثيراً، وبالفعل لمست ما أكّده الله لنا على الواقع المعاش.
من وجهة نظري فإن إقتلاع الميليشيات المسلّحة من تمترسهم في وسط المدن يعتبر خطوة كبيرة ومهمّة وقد تكون إستراتيجيّة، أمّا تركهم بالذهاب بسلاحهم فلا أخاف منه كثيراً لأنّني أتذكّر كتائب القذّافي المسلّحة وهي تهرب من مكان إلى مكان بأسلحتها وعتادها لكنّها في نهاية المطاف لم تتمكّن من الهروب من عين الشمس الحارقة والصاعقة.
إن الله أكبر منهم جميعاً، وسوف ينتصر الشعب الليبي عليهم، وانا على كامل الثقة من ذلك رغم كل المحبطات التي أعرفها وأعايشها وأحس بها لأنّني إنسان واقعي وعملي ومنطقي في تفكيري وفي تصرّفاتي بقدر ما أستطيع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق