Translate

السبت، 14 نوفمبر 2015

رسل الشياطين... أعداء البشريّة

يمر العالم الإسلامي والعالم العربي اليوم بمحنة كبيرة وخطيرة، ويتعرّض الإسلام كدين وكإعتقاد اليوم إلى حملة كراهيّة لم يسبق لها مثيلاً في التاريخ منذ وفاة رسول الله عليه السلام.
نحن نعرف جيّداً بأنّ الإسلام كان قد تعرّض إلى الكثير من الحملات المضادّة من قبل الأمم المجاورة في أوّل عهده، وتعرّض إلى المحاربة المباشرة من قبل أتباع ديانات أخرى بعد ذلك بعدّة قرون من الزمان. وبرغم شراسة كل تلك الحملات الكبيرة والجدّية للقضاء على الإسلام، إلّا أن الإسلام واصل تمدّده وتسرّبه إلى قلوب البشر في كل أنحاء العالم حتى أصبح الإسلام في زمن من الأزمان أكثر ديانة إنتشاراً وعلى أي مكان.
فشلت الحملات السابقة كلّها رغم شراستها في الإضرار بالإسلام فما بالك بالقضاء عليه وذلك لأنّها كلّها كانت تهاجم الإسلام من خارجه ممّا وحّد كل المسلمين برغم تعدّد مذاهبهم وبرغم كل الإختلافات التي كانت بينهم في التفكير وفي الممارسة الدينيّة، لكنّهم جميعاً شعروا بأن العدو كان من خارجهم وهو بذلك كان يستهدفهم فتوحّدوا ضدّه وهزموه.
الذي يمر به عالمنا الإسلامي اليوم هو وضع مختلف تماماً، ومهاجمة الإسلام اليوم تختلف عن مهاجمة الإسلام من قبل... وهنا بيت القصيد. إذا أردت أن تهزم أي كيان قوي ومتعاضد عليك أن تهاجمه من داخله وبأناس منه، وتلك هي السياسة الحالية التي ربّما تم إعتمادها في بدايات السبعينات غير أنّها بدأت تعطي أكلها لمن كان قد بكل ذكاء ودهاء قد خطّط لها. الإسلام اليوم يتعرّض لهجمة شرسة وقويّة ومنظّمة بجند من أتباعه وبعبارات من تراثه وبشعارات وأعلام بإسمه، وفي هذا تكمن الخطورة وهنا يمكث الشيطان ويفعل كل أفاعيله.

الذي تتعرّض له أمّة الإسلام وأمّة العرب حامية الإسلام اليوم هو برنامج ممنهج ومخطّط تمت دراسته وتم التخطيط له جيّداً. لقد سلّطوا على الإسلام أناساً من أهله وبذلك فقد إستطاعوا كسر ذلك الطوق الكبير الذي كان يحيط بالإسلام ويحميه ويحافظ على قوّته وعزّته وسرعة إنتشاره. لقد إستطاع الحقراء من "المسلمين" اليوم تقديم خدمة عظيمة لأعداء الإسلام بإستخدام الإسلام نفسه للإيذاء بالآخرين وبذلك فقد وقع الإيذاء الحقيقي على المسلمين أوّلاً وعلى الإسلام ثانياً، وما سوف تحمله السنوات القادمة قد يكون أكبر ممّا يمكننا توقّعه رغم واقعيّتنا والعقليّة في تفكيرنا واليقينيّة في حساباتنا. 
الذي تعرّضت له باريس بالأمس كان شنيعاً وكان مروّعاً وفضيعاً، لكنّه لم يكن أوّل فعل حقير ودنئ قام به "مسلمون" وبإسم الإسلام في هذه المدينة الجميلة وهي عاصمة أوّل ثورة حقيقيّة على الطغيان والعبوديّة، والتي نادت بالحريّة والإخاء والمساواة. كذلك، فإنّ باريس لم تكن أوّل مدينة أوروبية تتعرّض لمثل تلك الحماقات البشريّة ويقيناً فإنّها سوف لن تكون آخر مدينة أوروبية يطالها لظى الإرهاب. نعم، إن الإرهاب هو صناعة سعوديّة بإمتياز كناتج للفكر الوهابي المتخلّف، لكنّ ذلك لم يكن بالإمكان تطويره وتدويله لولا وقوف كل بلاد غرب أوروبا وشمال أمريكا وراء الفكر الوهابي الشوفيني الذي يكره الغير وتشجيعه مع أن القصد كان مهاجمة المفرّخ، لكنّ الرياح عصفت على غير مشتهى باعثها فوقع الداعم في شراك كان قد نصبها بنفسه.
أعود وأقول أنّه برغم شناعة ما حدث بالأمس وبرغم بربرية الجريمة وفضاعتها إلّا أنّني أراها شراً كان لابدّ وأن يحدث بإرادة هي ربّما ليست إرادتنا وبحسابات قد لا نستطيع تقديرها أو تصوّرها.
الكثير من بلادنا العربيّة كانت تتعرّض لأفعال شنيعة يقوم بها هؤلاء الوندال الجدد، وأهلنا كانوا يموتون ويسحلون ويسحقون وتقطع رقابهم ويتم التمثيل بجثثهم ولا أحد من بلاد الغرب كان يحفل بحالنا، بل إنّهم ربّما كانوا في داخل أنفسهم مبتهجون لإنتقال الشر من بين ظهرانيهم إلى موطن الدين الذي كثيراً ما حاربوه ومن لم يحاربه كان يتوجّس من قوّة تأثيره السحرية على قلوب البشر.... لأنّه دين الله. هم في واقع الأمر إنّما يحصدون ثمار ما كانوا قد زرعوا ورعوا بالأمس، ونحن نحصد ثمار ما بذرنا لكن أيّاً منّا لم يتوقّف ليرى ماذا يجري بعيون مفتوحة وبعقول متدبّرة وبإرادات تبحث عن الحل الجذري والحقيقي والفعّال. نحن وقعنا ضحيّة أفعال الحقراء والذين أخذوا يحاربون وجودنا ويقتلون كل أحلامنا في داخل عقولنا، وفعلوا كل ذلك بإسم الدين الذي أمنا به وإخترناه منوالاً نسير على هداه. نحن كنّا نعاني من أفعال هؤلاء خريجي الكهوف من الهمج منذ بديات السبعينات ولم يكن هناك من يصدّقنا أو يحمل همومنا بمحمل الجد. نحن كعرب تم العبث بكل أمانينا وتطلّعاتنا من أجل غد مشرق لأبنائنا وأجيالنا التي ستأتي من بعدنا، لكنّهم هم لم يكونوا يحفلوا بمصائبنا ولم يرحموا أحوالنا، فوقعوا اليوم ضحيّة لأفعال الشياطين الذين دربوهم وسلّحوهم وأغدقوا عليهم بالأموال وأخرجوهم من السجون سامحين لهم بالهجرة العكسيّة إلى ديارنا بعد أن أحتضنوهم وحموهم وتركوهم بكل حريّة كي يتكاثروا بين ظهرانيهم آملين منهم بأن يعودوا إلى بلدانهم ويحملوا معهم ترهاتهم وهمجياتهم وأفكارهم المتحجّرة لكن من يأمن الثعالب هو فقط من لايعرف عنها كثيراً.
لقد بقى لنا في آخر المطاف بأن ننتبه إلى أنفسنا وأن نستفيق من غفلاتنا وأن نعي ونعرف بأن هؤلاء الخوارج هم في واقعهم وحقيقتهم ليسوا من حماة الدين ولا هم من حملة كتاب الله، وإنّما هم عبارة عن عصابات من الأنذال والحقراء علينا نحن أن نكون أوّل من يحاربهم ويعمل على إنهاء وجودهم بيننا إن أردنا لأنفسنا بأن تكون لنا كرامة نصونها وكيانات نفتخر بها... فهم غرباء عنّا وعن ديننا وعن أخلاقنا وعن قيمنا التي تتشرّب من نفحات الدين الذي نؤمن به ونحن نعرف روحه وجوهر
ه.

هؤلاء الغجر هم من خرج ليخرّب كل شئ في حياتنا ووجودنا، فقد دمّروا كل معالم ثقافتنا وحضارتنا... دمّروا كل معالم تارخينا القديم. هؤلاء الغجر هم من أوقف كل مساعي التمدّن التحضّر عندنا، وهم من تعدّى على كل مؤسّسات الدولة عندنا غير عابئين بقانون أو نظام فحشروا أنفسهم في أشياء تهم غيرهم لكنّهم تعدّوا عليها وأفسدوها وفق ما يفكّرون. لقد تدخّلوا في مناهج تعليم أطفالنا، وفرّقوا تلاميذنا في المدارس إنطلاقاً من هوسهم بالجنس وتحجّر كل أفكارهم حوله. هم تدخّلوا في برامج سير مصارفنا، وإعتدوا على مشاهد ومعالم في داخل جوامعنا، ووضعوا أيديهم على كل صغيرة وكبيرة في حياتنا حتى فرضوا علينا التخلّف وأقوعونا في براكين أوساخهم وقذاراتهم، فأطفأوا بذلك كل منارة كانت تضئ الطريق أمامنا من أجل العبور نحو غدنا ومستقبلنا أسوة بمن تقدّم من غيرنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق