Translate

الجمعة، 22 يوليو 2016

الذكرى السنوية لثورة الحريّة

 
يوم غد الثالث والعشرون من شهر يوليو 2016 يمثّل الذكرى الرابعة بعد الستيّن لثورة مصر وثورة العرب... ثورة يوليو 1952 المجيدة.
كانت مصر تقبع في دهاليز الظلام والتبعيّة في عهد عميل الإستعمار الملك فاروق آخر سلالة الأسرة العلويّة التي لم تعرف غير التعامل مع المستعمر والإحتماء به.
تربّى فاروق بن فؤاد مرفّهاً في بيت أبيه، وعيّن وليّاً للعهد وهو مازال طفلاً لم يبلغ العاشرة. قامت بتربيته شابّة إنجليزية إسمها الآنسة إينا تيلور التي علّمته كل أبجديات الثقافة والإتيكيت الإنجليزي، وما إن بلغ عمر السادسة عشر حتّى إحتضنه الضبّاط الإنجليز الذين كانوا يحتلّون مصر ويحمون عرش والده، وطلبوا من والده بأن يرسله إلى بريطانيا ليتعلّم المزيد من الثقافة الإنجليزية التي سوف تتحكّم في مسيرته السياسية كملك مستقبلي لمصر.
ذهب فاروق المراهق وهو في عمر 16 سنة إلى بريطانيا، وقد رافقت الأمير فاروق خلال سفره بعثة برئاسة أحمد حسنين باشا ليكون رائداً له - والذي كان له دوراً كبيرا في حياته بعد ذلك - بالاضافة إلى عزيز المصري الذي كان نائباً لرئيس البعثة وكبيراً للمعلمين بالإضافة إلى عمر فتحي حارسا للأمير وكبير الياوران فيما بعد، وكذلك الدكتور عباس الكفراوي كطبيب خاص وصالح هاشم أستاذ اللغة العربية بالاضافة إلى حسين باشا حسني كسكرتير خاص. وقد كان وجود أحمد باشا حسنين كمرافق للأمير في رحلته عاملاً مساعداً للأمير على الانطلاق والإنفتاح ثم التفسّخ، فقد شجّعه على الذهاب إلى المسارح والسينما ومصاحبة النساء وكذلك لعب القمار.
نصّب فاروق ملكاً على مصر ولم يبلغ سن الرشد، وبذلك فقد بقى تحت الوصاية حتى بلغ عمر 18 سنة، ولم يكن لفاروق أي أثر في حكم مصر، فقد كانت الحاشية الفاسدة المحيطة بفاروق هي من يحكم مصر، بينما كان فاروق غارقاً في الشجون منغمساً في الملذّات التي كان من بينها النساء والخمر والقمار. عانت مصر في عهد فاروق أتعس أيامها، وبلغت الطبقية مبلغها وشعر أغلب المصريون بأنّهم كانوا مهمّشون في بلادهم وبأن خيرات بلادهم كانت تذهب إلى قصر الملك وحاشيته لتنفق على ملذّاته البذخة.
قام الضابط الصغير جمال عبد الناصر ورفاقه في الجيش المصري بالثورة على عرش فاروق ونجحت الثورة المصرية التي كانت بصدق رائدة في كل شئ، وكانت أولى إنجازاتها رد الإعتبار والإحترام للشعب المصري الغلبان. ألغت الثورة المصرية الحكم الطبقي في مصر، ومكّنت المواطن المصري من العيش بخيرات بلاده بعد أن إستلّتها من بين فكوك مغتصبيها من البهوات والملوك والأمراء الذين لم يكن يهمّهم غير مصالهم الآنيّة... وكذلك هم الملوك في كل مكان في العالم يفعلون.
حقّقت الثورة المصرية بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر منجزات ضخمة للشعب المصري مازالت أثارها باقية حتى يومنا هذا. فمع تأميم قناة السويس، ومع إنشاء السد العالي، تم بناء الجامعات وتم بذلك بناء الإنسان المصري الذي كان مهمّشاً. إزدهرت في مصر كل مناحي الحياة من علوم وثقافة وأدب ومسارح وموسيقى وسينما، وبدأت مصر تتألّق في منطقة الشرق الأوسط وفي أسيا وأفريقيا وحتى أمريكا اللاتينية.
ساهمت مصر في تأسيس وتنمية الجامعة العربية، ومنظّمة الوحدة الأفريقية ومؤتمر عدم الإنحياز، ووصل نفوذ التحرّر المصري إلى اليمن وسوريا والعراق والسودان وليبيا، وكان عبد الناصر زعيم كل العرب بإمتياز. لم يتغنّ كل العرب في كل بلاد العرب بزعيم قط مثل تغنّيهم وحبّهم لجمال عبد الناصر.
إن حب الشارع العربي لجمال عبد الناصر جعل كل من حاول منافسته على الزعامة يظهر للشعب العربي على أنّه لا قيمة له، وبالفعل دخلت كل صراير التديّن والنفاق في جحورها وظلّت مختفية خائفة ومذعورة إلى أن كاد من كاد بعبد الناصر، وما إن غاب الآسد حتى خرجت الخراف وهي تتمختر وتخدع الشعوب العربية بثقافة الوهابيين المتخلّفة بعد أن غلّفوها للناس بلفافات دينية وتعاويذ قالوا لهم بأنّها سوف تجلب لهم الحظ وتبعد عنهم السحر وتأثير الجن.
بقدر هزيمة عبد الناصر في عام 1967 بقدر قضائه على تنظيم الإخوان المتلوّن والمنافق، وبرغم كل المؤامرات التي حيكت في الخفاء وبالتعاون مع الإنجليز والأمريكان واليهود فإن الوهابيين الحقراء في السعودية وما حولها لم يتمكّنوا من رفع رؤوسهم فوق الرمال وبقوا كالنعامة يطمرون رؤسهم في الرمال إلى أن شعروا وتيقّنوا من زوال الخطر فخرجوا متبجّحين بعد أن أيقنوا بأن الأسد كان بالفعل قد غاب عن الساحة بعد أكثر من عقدين من الخوف والذعر والمذلّة التي فرضوها على أنفسهم ولم يفرضها عليهم الزعيم الخالد بصدق... جمال عبد الناصر.
عاشت الثورة المصرية الرائدة وعاش زعيمها في قلوب كل العرب الأوفياء، وسوف بإذن الله يستعيد العرب أيام عزّهم وكرامتهم من جديد بعد أن يتخلّصوا من هؤلاء الحثالة المشعوذين الذين مازالوا يعيشون بثقافة الكهوف.
مبروك على مصر بذكرى ثورة 23 يوليو العظيمة بصدق، ومبروك على كل العرب الشرفاء الذين مرّغ تجّار الدين كرامتهم وأذلّوهم وعادوا بهم إلى عصور ما قبل التاريخ بسبب العقلية المتخلّفة والقصور الذهني الغير قابل للتجديد أو التطوير أو الإنفتاح على الغير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق