Translate

السبت، 7 أكتوبر 2017

لو أنّني لا أعرف الحقيقة لكنت عشت في حلم فريد

 
كنت أتفرّج هذا الصباح على إحدى القنوات المصريّة (On Live) وبصدق هالني ما شاهدت. كانت القناة تتحدّث عن "إنتصارات" أكتوبر الباهرة، وكانت كبقيّة إعلامنا المتخلّف تضخّم وتكبّر إنجازات الجيش المصري في حرب أكتوبر عام 1973 لدرجة أنّك تحسّ وأنت تتفرّج بأن ذلك العالم الذي يتحدّثون عنه كان على كوكب آخر.
أنا كنت من المعاصرين لحرب أكتوبر، وعرفت حينها وأثنائها وبعدها كيف آلت الأمور في نهاية المطاف. لو أنّني لم أكن هناك ولم أكن مطّلعاً حينها لكنت بصدق عشت في حلم فريد من نوعه... حلم يحسسني بأنّنا ك"أمّة عربيّة" نمتلك قدرات فريدة على تسيير أمورنا والتحكّم في شئوننا دعك من ريادتنا للعالم من حولنا.... وحتى البعيد عنّا.
شاهدت فيلماً معدّاً لهذه المناسبة وهو يتحدّث عن ذلك الكم الرهيب من جنود المشاة والمدرّعات والصواريخ والقوارب المطّاطيّة والطائرات والرادارات التي جهّزت لبدء العبور يوم السادس من أكتوبر 1973، وواصل ذلك الشريط المصّور رسم الأحداث بشكل أكثر من درامي وأكبر من خيالي مبيّناً كيف أن قوّات العدو تمت إبادتها بشكل تجاوز سحقها مع إستسلام قائدها وغنم 7 دبّابات متطورة وسليمة لصالح الجيش المصري، وكيف تم بعد ذلك العبور الفريد من نوعه. الشريط المصوّر وللأسف توقّف عند نقطة العبور ولم يصمد لعدّة ساعات أخرى حيث تم حصار كل الجيش المصري( 6 فرق كاملة) وبكل معدّاته شرق القناة ممّا أدّى إلى إستسلامه بالكامل وبقاء قوّات العدو الصهيوني غرب القناة... ومن هناك تحوّلت إنتصارات أكتوبر إلى هزيمة كانت تقترب من هزيمة يونيو 1976 التي أفلحنا في نقلها للناس الغلابة على أنّها كانت نكسة ولم تكن هزيمة نكراء.
"إنتصارات" أكتوبر 1973 الباهرة سرعان ما تحوّلت إلى هزيمة كبيرة أدّت إلى خضوع مصر وللأسف للأمر الواقع بما دفع مصر إلى توقيع معاهدة إستسلام مع "إسرائيل" كان من بين شروطها المرّة والمذلّة "الإعتراف" بتلك الدولة اللقيطة، والقبول بعلاقات إقتصاديّة وثقافية وإجتماعيّة معها ولصالحها على كل الأصعدة. رضيت مصر بتصدير غازها لتلك الدولة وبسعر مخفّض جدّاً يتوافق مع ما فرضته "إسرائيل" كشرط من بين شروط "إستسلام" مصر بعد إنتصاراتها الباهرة التي لم تتجاوز ال6 ساعات.
أنا عربي وأعتز بعروبتي ولا يهمّني بصدق غير أن نكون نحن العرب في مقدّمة شعوب العالم، لكنّني أيضاً أعتبر نفسي إنساناً واقعيّاً وعقلانيّاً ولا أمتهن قط في حياتي التعامل مع ربع الحقائق أو نكران المآلات مهما كانت قاسية.
أنا أعتبر بأنّ إعترافنا بالهزيمة وقبول مسئوليّتنا عنها من خلال تحديد مواقع الخطأ.. أنا أعتبر بأن ذلك هو الطريق الأصلح نحو غد أفضل ومستقبل أنبل لنا ولأجيالنا القادمة. إن من لا يعترف بأخطائه لا يمكنه إطلاقاً إصلاحها، فالخطوة الأولى نحو إصلام الخطأ تكمن في الإعتراف به وتحمّل المسئوليّة عنه. بعد ذلك يدخل العقل ويضاف المنطق وتخلق الخبرة التي تدفع بعجلة الحياة إلى الأمام ولكن في هيئة أكثر نجاعة وبحركة أكبر ثبات وشجاعة.... أشرق صباحكم وطاب يومكم.... وعوفيتم من كل مكروه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق