Translate

الأحد، 24 ديسمبر 2017

أمير من وأمير على من؟


خرج علينا هذا الصباح السيّد محمّد الرضا السنوسي تحت لقب "الأمير"، وخاطب الشعب الليبي وكأنّه أميراً بحق.
أنا أحترم كل شخص في موقعه، وأحترم إختيارات الناس لأنفسهم لأنّني أعتبر أن ذلك من حقّهم ومن بين حريّاتهم التي يتمتّعون بها كبشر وكمواطين، وأنا أحترمها وأقدّرها بل وأشجّع عليها. الذي شد إنتباهي في الخبر الذي رأيته "عاجلاً" في شريط الأخبار هذه الظهريّة على بعض القنوات هو أن يخاطبنا (الشعب الليبي) شخص بلقب "الأمير" وكأنّنا قطعاناً من المواشي يتسيّد علينا من شاء ويحلم بأن يصبح علينا ملكا من رغب.
لا... وألف لا، فنحن ما تحرّرنا في 17 فبراير 2011 وتحمّلنا كل المشاق وعانينا كل تلك المعاناة حتى يركب على ظهورنا من جديد من يريد أن يحكمنا بدون رغبتنا(غصباً عنّا) ويريد أن يورّث حكمنا من بعده لأولاده أو أبناء عمومته إن هو لم يرزق بأولاد كما حدث للملك إدريس رحمه الله.
لا.. يا سادتي، فالعالم بدأ يسير إلى الأمام وسوف لن يرضى عالمنا الجديد بأسر تحكم الناس بدون أخذ رأيها وبدون إنتخابات. ذلك الزمن كان قد ذهب وولّى منذ إنهاء حكم الوراثة في ليبيا عام 1969 وسوف لن يعود من جديد لليبيا.
أنا أعرف يقيناً بأن الحسن الرضا (الذي كان أميراً منيباً للملك الذي هو بدوره لم يكن في البلاد حينها) كان قد خرج على وسائل الإعلام وأعلن بكل وضوح وبكل صراحة بأنّه "تنازل" عن الحكم، وبأنّه بارك ثورة الجيش وأعلن بكل جلاء بأنّه أصبح فرداً عادياً مثل غيره من أبناء وبنات الشعب الليبي. كان السيّد حسن الرضا حينها مستريحاً وهادئاً وكان يمتلك كل قواه العقليّة حينما أعلن تنازله عن العرش.
من هنا إسمحو لي بأن أقول للسيّد محمد الحسن الرضا (إبنه)... كيف أصبحت أميراً وكان والدك قد تنازل عن الحكم وعن الوراثة، وبأي حق تطلق على نفسك "أميراً على ليبيا"؟. هل فوضّك الشعب الليبي أو إختارك(دعك من رشّحك) لأن تكون أميراً عليه، ومِن مَن ورثت الإمارة حضرة السيّد المحترم؟.
أنا أعرف بأنّ هناك من سوف يقول بأن والد السيّد محمد الحسن الرضا كان قد أُجبر على التنازل على الحكم من قبل "الإنقلابيين"، وأرد على أولئك مسبقاً بأنّه كان بوسع الأمير (حينها) الحسن الرضا أن يرفض التنازل. نعم.. كان بوسعه أن "يرفض التنازل"، وإنّه لو فعلها حينها لأصبح بالفعل بطلاّ في عيون كل الليبيّين ولنال إبنه من بعده لقب "الأمير" بكل جدارة وعن إستحقاق لأن ذلك سوف يتماشى مع الدستور الذي كان يحكم به الملك إدريس السنوسي.

هناك من سوف يقول: وهل يستطيع الأمير الحسن الرضا رفض التنازل عن العرش؟. وأجيب أيضاً، أنّه بكل تأكيد وبكل قوّة كان بوسع الأمير الحسن الرضا أن يرفض التنازل عن العرش وأن يتمسّك بالنظام الملكي من الناحية الدستوريّة(حينها). لماذا لم يفعل حضرته وقتها، ولماذ إختار أن يسلّم الحكم لضبّاط في جيشه قاموا بإنقلاب عسكري على عرش عمّه؟. ألم يقسم بالله على أنّه سوف يصون العرش ويحمي البلاد ويحافظ على ممتلكات الليبيّين والليبيّات؟. لماذا أخلّ بالقسم(حنث) أما كل الليبيّين والليبيّات؟. ألا يعتبر نفسه قد خذع الشعب الليبي، وسلم البلد بدون أية مقاومة أو إعتراض لمجموعة من الضبّاط الصغار كي يفعلوا بها ما أرادوا؟.

قديقول قائل من أنصاره والمتحمسّين له: إنّه إن رفض حينها التنازل على العرش لكان الجيش قد قطع رقبته؟. وأجيب على أولئك - إن وجدوا - أليس هو قائد البلد، وأليس هو من أقسم على أن يضحّي في سبيل الوطن والشعب؟. ألم تكن تلك من أساسيّات حكمه لليبيا وقيادته للشعب الليبي؟. هل يرضى الشعب الليبي بخانع كي يحكمه ويسلّمه مع بلده لكل من حاول فرض التنازل عليه؟. هل يثق الشعب في شخص مثل ذلك كي يحكمه ويحمي بلده ويحافظ على مستقبله بعد ذلك التنازل المهين؟.

لقد إنتهى العهد الملكي في ليبيا يا من مازلتم تحلمون بعودة الملك كما إنتهى نظام معمّر القذّافي، وسوف لن تعود ليبيا إلى الوراء. الشعب الليبي هو مقبل على إنتخابات عامّة في صيف السنة الجديدة لإنتخاب برلماناً ورئيساً للدولة بعد أن يشرّع للدستور الجديد لليبيا من خلال صناديق الإقتراع. ليبيا سوف لن تكون ملكية مرّة أخرى إطلاقاً، فقد عانى الشعب الليبي من 18 سنة تعيسة من تسلّط نظام الوراثة الذي لولا ضعفه ونخر الفساد في كل أركانه لما إستطاع ضبّاط صغار"مغامرين" من تغيير نظام حكمه في أقل من 24 ساعة بدون أن يجد من ينصره أو يدافع على نظام حكمه. بل على العكس تماماً، فقد شهدنا بأعيننا كيف خرجت جماهير الشعب الليبي في كل أنحاء البلد للترحيب بسيطرة الجيش على الحكم وتغيير النظام الملكي. كان وقوف الشعب مع التغيير العسكري قد برهن على أن الشعب حينها كان قد بلغت به المعاناة تحت سلطة الملك الضعيف والمحتمي بالقواعد الأجنبية مبلغها بما دفعه للترحيب بالإنقلاب العسكري وحتى قبل أن يعرف أسماء أعضائه ومن كان يرأسه.
أتمنّى من السيّد محمّد الحسن الرضا السنوسي أن يصون كرامته وأن يعيش الواقع كما هو وأن يحاول إبعاد نفسه عن الأوهام، فإنّه سوف لن يكون ملكاً على ليبيا وسوف لن يورّث الحكم لأي من أفراد أسرته. أتمنّى من السيّد محمد الحسن الرضا السنوسي أن يخرج على المحطّات الفضائيّة وأن يقول للشعب الليبي بأنّه ليس أميراً ولا يحلم بأن يكون ملكاً وما هو إلّا فرداً من أبناء الشعب الليبي له من الحقوق وعليه من الواجبات مثله في ذلك كمثل أي مواطن ليبي. حينها سوف يصبح من حق السيّد محمد الرضا السنوسي أن يترشّح لحكم ليبيا من خلال صناديق الإقتراع، وحينها سوف أرضى به حاكما على ليبيا وقد أصوّت له على ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق