Translate

السبت، 25 أغسطس 2018

الإنسان أينما كان في داخله ملاك وفي داخله شيطان

قرأت هذا الصباح قصّة مؤثّرة جدّاً رأيت مشاركتكم إيّاها نظراً للعظة من ورائها فعسانا أن نتعلّم من دروس الحياة ونتحوّل كلّنا إلى بشر مستقيمون بقدر ما نقدر وبقدر ما نستطيع، فلا يوجد بيننا ملائكة ولا يوجد بيننا شياطين وإنّما نحن بشر وهكذا أرادنا الله بأن نكون خليطاً بين الملائكة والشياطين.
قبل أن أسرد عليكم القصّة أود أن أبتدئ هذه المساهمة المتواضعة بمعارف أراها من الثوابت لكنّها بكل تأكيد ليست من المسلّمات وهي بحكم علمنا وقدراتنا الذهنيّة مازالت خاضعة للنقاش والحوار وسيظل الأمر كذلك إلى أن تنتهي حياة البشر... إلى يوم القيامة.
المعارف التي أراها أقرب إلى الحقيقة هي أن الله خلق الملائكة منزّهين بالكامل وسبب نزاهة الملائكة ونقاوتهم هو أنّهم عباد مأمورين بالكامل. الملائكة لا تفعل أي شئ إلّا بأمر الله... أي أن الملائكة ليسوا مخيّرين، ومن الناحية الأخرى فقد خلق الله الشياطين مذنبين بالكامل. الشياطين عاصوا ربّهم فأعطاهم الله كامل حرّيتهم ولم يثنهم عن خبثهم ومكرهم وإنّما تركهم أحراراً يقترفون ما يشاءون إلى يوم الحساب. الشياطين هم أشرار 100% ولا يمكن إرتجاء الخير منهم على الإطلاق.
من الناحية الأخرى، خلقنا الله نحن البشر لنكون خليطاً بين الإثنين(الملائكة والشياطين)، وحيث أنّنا خليطاً (في صفاتنا بالطبع) فلا ملائكة بيننا ولا شياطين منّا. لا يوجد بشراً هم ملائكة، ولا يوجد بشراً هم شياطين؛ وإنّما نحن في أفعالنا وفي صفاتنا خليطاً بين المخلوقين الآخرين. بمعنى، أنّنا معشر البشر يوجد بدواخلنا واعز الخير ويوجد بدواخلنا واعز الشر ونحن من يقرّر الموازنة بينهما من خلال تصرّفاتنا وممارساتنا وإختياراتنا الحرّة التي وهبها الله لنا إلى يوم البعث ثم الحساب.
القصّة هي مؤثّرة جدّاً لمن يحمل في داخله خواص حميده... في يوم من الأيّام من السنة الماضية كان "جوني بابيت" وعمره 35 سنة يمشي بالقرب من الطريق السريع في فيلادلفيا في أمريكا حين إستوقفته شابّة ثلاثينيّة العمر وكان يبدو عليها التعب والإرهاق والكثير من الضيق فسألها من باب الفضول: ما الأمر؟. أجابته بأن سيارتها توقّفت في الطريق السريع بسبب نفاذ الوقود وبأنّها تريد شراء لترات من البنزين لتواصل رحلتها غير أنّها نسيت محفظتها في البيت ولم تكن معها وسيلة لشراء الوقود لسيّارتها. وضع جوني يده في جيبه وأخرج لها ورقة بقيمة 20 دولار كانت كل ما يملك وأعطاها إياها. شكرته كثيراً وبكل إمتنان وحينما سألته عن عنوانه بحيث يتسنّى لها إرسال القيمة له قال لها بأنّه فقير وبلا مأوى... لا بيت ولا عنوان سكن له(مشرّد). تأثّرت "كيت مكلور" لحالته وسأها أن تأخذ منه العشرين دولاراً لكنّه أصرّ عليها بأن تأخذها لتقضي بها حاجتها وبأنّه "له رب كريم"!!.
إشترت كيت وقوداً لسيّارتها وواصلت الطريق نحو بيتها وهناك حادثت رفيقها في الأمر وما كان قد حدث لها فقرر الإثنان إصدار نداء إستغاثة بعنوان Goandfundme "أعزم وساعدني" ذاكرين في ديباجته حالة الرجل المعوز والذي رغم حاجته تنازل عن آخر ورقة ماليّة بجيبه. نشرت المعلومات على الفيسبوك، وكانت الإستجابة خارقة للعادة Gone Viral . جمع أهل الخير ما مقداره 400,000 دولار أي ما يقارب من نصف مليون دولار أمريكي في فترة زمنيّة قياسيّة.
فاجأت إستجابات أهل الخير وسخيّاتهم كيتي ورفيقها فإنتصر جانبهما الشيطاني على تفكيرهما وقرّرا أخذ نصف الكميّة لأنفسهما محتفظين بالنصف الآخر في محفظة ماليّة بإسم جوني على أن يسلّماها له حينما يتعافى من عاهة المخدّرات "حتى لا يبذّرها" في كل مكان دون أن يستفيد منها. إستمر الأمر كذلك، وكثرت تسويفات كيتي ورفيقها لجوني كلّما طلب بعض المال بحجّة أن ماله في محفظة بإسمه وهي مصانة ويمكنه الإستفادة منها حينما يقلع عن المخدّرات وبأن هناك من يشرف عليها بالنيابة عنه. مضت أكثر من سنة الآن وجوني لم يستلم إلّا النذر اليسير من تلك المحفظة وتحاول كيتي ورفيقها الآن الإستيلاء على تلك المحفظة بحجج لم تقنع المشرفين على المحفظة والموضوع مازال أمام القضاء وتم تعيين محامين لصالح جوني لكن نفقات القضيّة قد تتجاوز كل الكميّة التي مازلت في المحفظة بإسم جوني، وقد يمضي جوني بقيّة عمره في العراء. 
هذه القصّة حقيقيّة وهي منشورة بالصور والدلائل حيث تبدو للوهلة الأولى وكأنّي بها مفبركة بهدف نشر فضيلة ما، لكنّها قصّة حقيقيّة وتبيّن بكل وضوح بأن الإنسان يحمل في كيانه صفات ملائكة ويحمل كذلك صفات شيطان، وهو من يختار الطريق التي يشاء إلأى يوم الحساب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق