Translate

السبت، 13 يونيو 2020

إنّها ليست حكومة وفاق، بل هي حكومة نفاق

 أقول هذا الكلام لمن يساند ويدعم ويؤيّد ما يسمّى ب"حكومة الوفاق"... هي حكومة وفاق مع من؟. من هي الأطراف الليبيّة التي
ساهمت هذه الحكومة في التوفيق بينها؟. هل كانت التسمية في محلّها منذ إنتدابها من قبل الأمم المتحدة لتحكم ليبيا وتحل بذلك محل أجهزة الحكم المنتخبة؟. من ذاك الذي إنتخب المجلس الأعلى للدولة؟. أعضاء ذلك المجلس هم يمثّلون من ويحكمون بإسم من، وما هي صلاحياتهم المناطة بهم من خلال الدستور المؤقّت والذي سار عليه حكم ليبيا منذ ثورة فبراير 2011... من أين إمتلكوا شرعيّتهم؟.
هذه أسئلة لابد من الإجابة عليها كي نعرف حقيقة ما يجري في بلادنا "الآن"، ومنذ تأسيس تلك الكيانات البديلة(الدخيلة) في عام 2016. هل إختار الشعب أيّ منها، وهل كانت للشعب فرصة ليقول رأيه فيها أو في المنتمين إليها؟. هذه الأسئلة هي موجّهة لكل الليبيين والليبيّات، وعلى الأخص أولئك الذي صمّوا أذاننا بالحديث عن "الدولة المدنية" المنشودة.
بعد التريّث قليلاً والتفكير في تلك الأسئلة بغرض البحث عن إجابات صادقة عنها؛ أريد أن أنتقل بكم خطوة إلى الأمام.... لمصلحة من هذه الحملة التي تقوم بها مليشيات "الوفاق" المدعومة والمقادة من تركيّاً، وهل فكّرنا فيما بيننا فيما عساه أن يحدث في بلادنا لو أن هذه الحملة نجحت في تحقيق أهدافها المرسومة لها؟. إن المخطّط هو كبير وكبير جدّاً، ومن يقف وراء كل بنوده وحلقاته هم "الإخوان المسلمون" ب"تنظيمهم "العالمي" لمن لم يفهم بعد.
قد لا نختلف بأن الهدف والغرض والغاية من هذه الحملة العسكريّة المدعومة تركيّاً وأمريكيّاً... بأن الهدف الجوهري هو قهر "الجيش الوطني" والإستيلاء على كل ليبيا، وما "المهزوم" خليفة حفتر إلّا "حصان طروادة" بالنسبة لمن يقف عمليّاً وفعليّاً وراء هذه الحملة المبرمجة بكل عناية وإقتدار والتي تدعمها تركيا بالكامل وأمام ما يسمّى بالمجتمع الدولي.
لو إنتصرت مليشيات الصخيرات وفق الخطّة المرسومة، وتمادت في التوجّه شرقاً نحو بنغازي فإنّ أول ردة فعل قويّة وعنيفة ستكون رفض كل سكّان المناطق الشرقيّة بالكامل لدخول مليشيات الصخيرات إلى أراضيهم. سوف يعلنون "الإنفصال" وسوف يجدون من يعترف بدولتهم الجديدة "مملكة برقة"، وعندهم "أمير" ينتظر وما يحتاج إلّا لشيوخ القبائل كي يرفعوه إلى مستوى "ملك" ومن بعدها يتحوّل إلى ملك متوّج على المناطق الشرقيّة بإسم "مملكة برقة".
تلك ستكون أولى نتائج "إنتصار" مليشيات الصخيرات على الجيش الوطني، أمّا بعد ذلك فالحرب الأهلية الحقيقيّة والخارجة عن السيطرة بين الشرق والغرب وقد ينأى الجنوب بنفسه عنها بإعلان الإنفصال تحت أي مسمّى.
أمّا إذا تدخّلت الدول الراعية لهذا الإقتتال الآن (تركيا، أمريكا، روسيا) قبل الدفع بالجيش الوطني شرق سرت وقبل أن يحتدم الصراع المدمّر حول الموانئ النفطيّة فقد "يُفرَض" على الجميع نوعاً من "السلام"، وإذا وافقت قيادة الجيش على ذلك فإنّه يقيناً يعني "إقتسام" الغنيمة على حساب الشعب.... ولا أعتقد بأن قيادة الجيش سوف ترضى بالسلام مع هؤلاء "الخونة".
لو حدث تصالح بأيّ شكل من الأشكال، فإن "الإخوان" هم من سوف يكون المنتصر والمنتصر الوحيد، وإن تركيا هي من سوف تكون الراعية؛ أمّا قطر والإمارات فسوف تحوّل إليهما الفواتير وما عليهما غير الدفع وبدون نقاش.... قطر والإمارات هما "الوصيفتان" في كل ما يجري في منطقتنا العربيّة.
لو إنتصر "الإخوان المسلمون" في ليبيا فقل على بلادنا السلام، لأن إخوان مصر سوف يهددون نظام حكمها الحالي وذلك معناه دماراً بالكامل للمنطقة الشرقيّة وإقتتالات لا نهاية لها، سوف تصب عليها تلك الدول أجود أنواع البنزين والذي يحرق بدون رائحة... ذلك البنزين سوف يكون من إنتاج سعودي وبمواصفات أمريكية ومعايرة "إسرائيليّة".
تفادياً لذلك السيناريو، فقد يتفق "المجتمع الدولي" على تقسيم ليبيا، بحيث تكون مملكة برقة نظيفة من الإخوان وذلك سوف يعتبر سدّاً منيعاً (منطقة عازلة) يفصل بين "الإخوان" في غرب ليبيا وبين مصر بوجود مملكة برقة في الوسط.
ماذا إذاً سوف يحدث في "الجمهورية الطرابلسيّة" ؟. هل فكّرتم في السيناريو المتوقّع؟. سوف تتقاتل الجماعات الدينيّة فيما بينها وبشكل "مدمّر" جداً. فالإخوان المسلمون لا يمكن قبولهم من بقية الجماعات الدينية المتشدّدة (طائفة الغرياني، وطائفة الجماعة الليبية المقاتلة، وبقية السلفيين مع بقايا القاعدة وداعش). الجماعات الدينية المتشددة سوف تعتبر "الإخوان المسلمون" خارجين عن الملّة، فالإخوان الدين بالنسبة لهم هو مجرّد جواز سفر نحو "التمكين"، والتمكين لمن لم يفهمه يعني "الإستيلاء الأبدي على السلطة". الإخوان عندهم دائماً "الغاية تبرر الوسيلة" وهم مثل إخوان تركيا "علمانيين" في التفكير بكل صدق وصراحة. المراقص الليليّة ، والخمّارات، ومواخير البغاء في تركيا لا يوجد مثيلاً لها في غرب أوروبا أو شمال أمريكا، وتركيا تعتبر أكبر دولة في العالم تتعيّش على مردودات محلّات الدعارة(موثّق).
حينما تتقاتل الجماعات الدينية فيما بينها، تلك سوف تكون حرباً ضروساً لن تنتهي. الأمازيغ ليس لهم مصلحة من قريب ولا من بعيد في تلك الحرب "الدينية"، فهم في عقول وتفكير وفتاوي الجماعات الدينية المتشددة من "الخوارج" لأنّهم من الأباضيين. الأمازيغ سوف يعلنوا إنفصالهم عن ليبيا وقد يؤسّسوا لمملكة "أمازيغن" في طرف ليبيا الغربي.
فكّروا في السيناريو جيّداً، وحينها سوف تعرفوا يا أيّها الليبيون والليبيّات إلى أي منعطف أنتم سائرون بتأييدكم لحكومة الصخيرات.
وختاماً أقول... لمثل ذلك السيناريو أنا وقفت وأقف وسوف أقف مع الجيش الوطني، وليقوده من يقوده طالما أنّه ليبي وطالما أنّه وطني. الأفراد يذهبون، والجيش يبقى ما بقيت الدولة. لا يمكن تأسيس دولة بدون جيش، ولا يمكن لجيش أن يصبح قوة وطنيّة ما لم يكون منحازاً للشعب. الجيش الوطني يحرس ويصون ويحمي لكنّه إطلاقاً ومطلقاً لا يفكّر في الحكم. حينما يتحوّل الجيش إلى حامٍ لحاكم - وأيّ حاكم - فإنّه يفقد مصداقيّته كجيش ويصبح عبارة عن مليشيات تقهر الشعب من أجل أمن وسلامة وبقاء الحاكم.
أقول أيضاً في هذا الختام بأنّني وبصدق ومن أعماق قلبي شعرت بخيبة أمل كبيرة وكبيرة جداً من سكّان العاصمة وكيف أنّهم خانوا جيشهم ووقفوا مساندين للطغمة الفاسدة التي إستولت على السلطة في عملية "فجر ليبيا". أنا بالفعل إستغربت كيف أن سكّان العاصمة الذين يفترض فيهم بأن يكونوا من خيرة المتعلّمين والمثقفين والمتحضّرين في الدولة وإذا بهم يقفوا مناصرين لجماعة "الإخوان المسلمون" والكثير منهم يعرف مساوئ هذه الجماعة والفلسفة التي بنيت عليها....  
وختاماً أقول... لقد وقف الجيش على أبواب العاصمة، وأخذ بلطف يدق على الأبواب وبقى ينتظر وينتظر ولكن في نهاية الأمر لم يفتح له أحد الباب. كان الجيش ينتظر على مسافة أقل من كيلومترين من ميدان الشهداء، لكنّه لم يشاء - وكان يقدر - أن يفسد حياة الناس في بيوتهم أو يفسد معالم مدينتهم عليهم. إنتظر الجيش بصبر وبثقة وبمهنية كاملة لأكثر من سنة، وكان يحلم بأيدي ترفع إليه أو أصوات ترحّب بقدومه أو مفارز تتشكّل في أزقة العاصمة وشوارعها لمؤازرته والوقوف معه في حال قرّر الدخول لوسط العاصمة. كان الجيش مهنيّاً وكان صبوراً وكان على قدر كبير من المسئوليّة إحتراماً لأهل العاصمة، لكنّهم وللأسف رأوا كل إحترازات الجيش على أنّها ضعف وعلى أنّها عجز فأداروا ظهورههم له وفضّلوا بأن يبقوا تحت جلّاديهم الذين إستولوا على عاصمتهم ودمّروا معالمها من أمثال مطارها العالمي. لقد أضاع أهل العاصمة فرصة نادرة للتخلّص من المليشيات التي سرقت وإغتصبت وإختطفت وأجبرت الناس على الإستسلام. لقد كانت فرصتكم الذهبية يا أهل العاصمة للتحرر والإنعتاق، لكنّكم أضعتموها فعليكم أنتظار ما تخبئه الأيّام لكم تحت حكم شراذم الأخوان المسلمون ومعهم مليشياتهم التي تحميهم.... وسادتهم الأتراك الذين سوف يحافظون على بقائهم متسلّطين عليكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق