لقد حان الوقت لكي ينعم كل
الليبيّين بخيرات بلادهم، وآن لكل الليبيّين أن يخضعوا جميعاً لسلطة الدولة وسلطة
القانون. نعم... إن الإستثمار في الجنوب الليبي هو واجب لا يمكن الهروب من
مسئوليّة تحقيقه. إنّها مسئوليّة كل المثقفين الليبيّين بأن يركزوا على جنوبهم
الليبي وأن يساهم كل منّا في إعمار الجنوب وتعليم وتثقيف الجنوبيّين ليس من أجل
منعهم من الهجرة إلى الشمال وإنّما يجب أن يكون هذا إحساساً منّا كليبيّين
وليبيّات بأنّنا قصّرنا في مساندة أهلنا في الجنوب الليبي وبأنّنا أجحفنا في حقّهم؛
فعلينا بالوقوف معهم ومساعدتهم.
من وجهة نظري علينا أن
نفتح أفاق تفكيرنا وأن نسمح لأخيلة الإبداع والتصوّر في أن تتحرّر. كانت سياسة
الطاغية القذّافي تمارس لعبة الكراسي الموسيقيّة !. تحويل "أمين" من هذه
"الأمانة" إلى تلك، وجلب ذلك من تلك إلى هذه، وظل يلعب هذه اللعبة
الخسّيسة لأكثر من 4 عقود من الزمان لأنّه لم يكن يقصد خدمة البلد.
أيّها السادة والسيّدات....
توزيع المؤسّسات على مختلف مناطق الدولة ليس هو الحل، فنحن الآن نعيش عصر التقنية
الحديثة والإنترنت، والكثير من مؤسّسات الدولة تناقش الآن موضوع الحكومة
الإليكترونيّة وإمكانيّة البدء في تأسيسها في ليبيا. الذي يجب توزيعه هو المشاريع
الإنمائيّة والمرافق الإنتاجيّة والحرفيّة وليس المكاتب والإدارات؛ فيمكنك اليوم
أن تدير شركة من الهند أو أستراليا أو من كوبا ولكن لا يمكنك عمل مشروع تربية
الأغنام في أستراليا ثم تقول بأن مردود هذا المشروع سوف يعود علينا بالنفع والفائدة.
المشروع الزراعي أو الصناعي أو الحرفي يجب أن يؤسّس في المناطق الفقيرة وخاصة تلك
التي يكثر فيها عدد العاطلين حتى يستفيد العاطلون من ناحيتين: التعلّم والمردود
المالي وهذه لوحدها تؤسّس على ترسيخ فكرة الإستقرار وعدم الهجرة إلى المدن الكبرى.
عندما تجد الناس أشياء تشد
إنتباهها فإنّها سوف تقلع عن الأنانيّة وحب الإستحواذ وحسد الغير على أنّه يمتلك
كذا وكذا. من المفترض أنّه يتواجد للدولة طاقماً من المستشارين ومن يفقهون فلسفة
"الإدارة الناحجة" وحينها سوف تقدّم للدولة نصائح عن الطريقة المثلى
لعمل مؤسّساتها(مجتمعة أو متوزّعة)، لكنّني أؤمن يقيناً بأن الإدارة ليست هي
مشكلتنا وإنّما مشكلتنا الحقيقيّة تكمن في عجزنا عن الإنتقال إلى الأمام... بمعنى
الإتجاه نحو الصناعة والحرف اليديويّة بدل الإعتماد على مكاتب الدولة الإدارية
للإسترزاق.
لا بد للدولة الليبيّة
الجديدة من أن تفكّر جديّاً في أعمال الصيانة (صيانة كل مبنى وكل طريق وكل مشروع
بأيدي ليبيّة مدرّبة)، وفي عمليّات "التركيب الصناعي" (سيّارات، دراجات،
ثلاجات، أجهزة تلفزيون، وغيرها)، وكذلك البدء في إنشاء مصانع للكثير من قطع الغيار
المتداولة بكثرة في ليبيا بدل إستيرادها. مثل هذه المشاريع تخلق فرصاً كثيرة
للعمل، وكذلك تفتح باب المنافسة الشريفة التي حتماً سوف تؤدّي إلى الزيادة في
وتيرة الإنتاج كما أنّها تشد عقول وتفكير الناس بعيداً عن التفكير في أعمال الفوضى
والشغب.
وختاماً... إن تحويل مقر
من هنا إلى هناك، أو نقل هذه المؤسّسة من هذا المكان إلى ذاك المكان بهدف إرضاء
الناس وذر الرماد في العيون إنّما هو من وجهة نظري يعتبر تكراراً لممارسات الطاغية
المقبور. علينا أن ننتقل إلى الأمام.... علينا التفكير بعقليّات مختلفة.... لا بد
من الشروع في خلق أشياء جديدة... بناء... إعمار... مشاريع إستثماريّة..... مصانع
تستوعب الكثير من العاطلين.... حرف يتدرّب عليها الشباب من أهل الجنوب على وجه
الخصوص تفيدهم في الإعتماد على أنفسهم للعيش بكرامة. هذه هي الأشياء ومثيلاتها
التي علينا أن نقترحها للحكومة وللمشرّع في بلادنا من أجل غد يختلف عن الأمس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق