Translate

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

جهاديون في ليبيا يقولون ان ثورتهم سرقت

عن "رويترز"

من جبال أفغانستان وشوارع بغداد والى الاقفاص الحديدية في سجن جوانتانامو حول الليبيون من درنة بلدتهم الصغيرة إلى اسم كبير في عالم الجهاد العالمي.
والان ومع رحيل عدوهم معمر القذافي عاد كثير منهم إلى بلاده لكنهم يقولون ان المعركة من اجل اقامة الدولة الاسلامية قد بدأت للتو.
وأدي مقتل السفير الامريكي الشهر الماضي في هجوم على قنصلية واشنطن في بنغازي والذي قالت الولايات المتحدة ان متشددين متحالفين مع القاعدة قاموا به الى تركيز اهتمام العالم على المسلحين الاسلاميين في شرق ليبيا.
وكان من اثار ردود الفعل العدائية في الداخل والخارج أن اضطرت بعض الجماعات الاسلامية - التي تمثل قطاعا كبيرا من الميلشيات المسلحة التي تملأ الفراغ الذي خلفه القذافي - إلى الانسحاب تكتيكيا من المشهد لدرجة اعلان بعض الكتائب عن تفكيك نفسها.

لكن المقاتلين الاسلاميين في درنة اكدوا بوضوح انهم سيسعون للتصدي للمظالم التي يتعلق قليل جدا منها بالدين والتي يعود بعضها إلى الحقبة الاستعمارية بينما يضرب بعضها بجذوره في شعورهم بأن انتصارهم في القتال ضد القذافي الذي بدأ قبل سنوات قد "سرق" بأيدي بقايا رجاله وعملاء الغرب.
وعلى الرغم من ان اعداد هؤلاء الاسلاميين وتسليحهم وتحالفاتهم لا تقاس فلا شك ان درنة البلدة الساحلية الفقيرة التي يسكنها نحو مئة الف نسمة وتقع على بعد خمس ساعات بالسيارة إلى الشرق من بنغازي هي معقل مئات من الرجال الذين صاغتهم المعارك والذين يريدون اقامة الدولة الاسلامية - وحصة من الثروة النفطية التي يعتقدون انهم حرموا منها في الشرق بينما كان القذافي يسحق آمالهم ومطالبهم خلال عقود من اراقة الدماء.

ويعتقد سالم ديربي المقاتل الاسلامي المخضرم ان انصار القذافي السابقين استولوا على ثورته بعد ان عادوا الان إلى السلطة بينما "هؤلاء الذين ضحوا بدمائهم" للاطاحة بالدكتاتور قد نحوا جانبا.
وقال ديربي الذي يبلغ من العمر اكثر من 40 عاما ويحاول الان انشاء عمله الخاص في تجارة المستلزمات الكهربائية "كيف تتوقع منا ان نثق في هذه الدولة؟ انهم يعيدون نفس الناس القديمة ويغيرون الالقاب فقط ليخدعوا الشعب."
وشارك ديربي في حرب طويلة ضد القذافي. ومثله مثل عديد من قادة الكتائب الاسلامية التي ساهمت في اسقاط "الاخ القائد" العام الماضي قضى ديربي سنوات في الجبال اثناء حرب العصابات ضده في التسعينات.
وتفتخر بلدته بأنها ارسلت مقاتلين اسلاميين للقتال في عديد من ساحات الجهاد من العراق إلى افغانستان الى سوريا اكثر من اي بلدة اخرى في العالم العربي.
ويقول المقاتلون الاسلاميون في البلدة الان انهم وقعوا ضحية مؤامرة تكشفت عندما وجهت إليهم اصابع الاهتمام بأنهم وراء الهجوم على القنصلية الامريكية.
وقال ديربي الذي كان شقيقه واحدا من بين 1200 مسجون اسلامي اطلق عليهم الحراس نيران المدافع الالية وقتلوهم في سجن بطرابلس في عام 1996 "الدولة تدير هذه المؤامرة. الدولة تتجاهل عمدا حقيقة وجود صحوة اسلامية."
واضاف وهو يجلس في مكتبه الذي فرشه مؤخرا بالقرب من مسجد عتيق وهو واحد من بين 70 مسجدا وضريحا منحت درنة مكانة كبلدة متدينة "اريد ان ارى رجال القذافي يحاكمون ولا اريد ان اراهم يكافأون ويكرمون."
واشتعلت الانتفاضة التي اطاحت بالقذافي بعد احتجاجات ذات صلة بمذبحة المسجونين في سجن ابو سالم عندما تظاهرت عائلات القتلى في بنغازي في فبراير شباط من العام الماضي وطالبت بالافراج عن محاميهم.
وانضم عديد من الجهاديين في درنة - والذين ينتمون إلى الجماعة الاسلامية المقاتلة في ليبيا التي قادت التمرد في التسعينات - إلى جماعات مثل القاعدة في افغانستان والعراق والشيشان.
وغض القذافي الطرف عن هذه الموجة راضيا عن ذهاب الاسلاميين إلى اي مكان اخر.
وازدهرت سمعة البلدة الراديكالية مؤخرا بوجود عدد من السجناء السابقين في جوانتانامو ومن بينهم سفيان بن قمو الذي يقود جماعة انصار الشريعة الاسلامية التي يلقى عليها باللائمة في الهجوم على القنصلية الامريكية.

ويقول عبد القادر عزوز (42 عاما) الذي نجا من مذبحة ابو سالم وقضى نحو عشر سنوات في سجون القذافي ان محاولة فرض الديمقراطية ذات الطابع الغربي على بلاده الاسلامية المحافظة هو اكثر ما يثير غضبه وغضب رفاقه.
وقال عزوز الذي يعمل مدرسا للغة الانجليزية وينتمي إلى واحدة من ابرز عائلات درنة "لم يمر على ليبيا سوى عام واحد وفكرة الديمقراطية والاحزاب السياسية صعبة على الناس لا يستوعبونها. لم يستجب الشعب لهذه الديمقراطية المستوردة المعلبة. نحن لا نقبلها. نحن لدينا ديننا الذي يجب أخذه في الحسبان."
ويراهن حكام ليبيا الجدد - الذين يدعمهم حلفاء غربيون - على انهم قادرون على تحقيق توافق سياسي يسمح لهم بتهميش الثوار المدججين بالسلاح في الشوارع قبل ان ينهار الامن.
وبالنسبة للجماعات الاسلامية - وهي جزء من حركة سلفية - تبدو شرعية الدولة الليبية الوليدة محل تشكك كبير.
وقال عزوز "الثورة هي التي اقامت الدولة وبعض الانتهازيين الذين لم يشاركوا في الثورة او يذرفوا اي دم للثورة هم الذين يفرضون اوامرهم علينا."
ويأتي وضع دستور يكرس الشريعة الاسلامية على رأس قائمة مطالب الاسلاميين.
وقال عزوز "الحل هو وضع دستور اسلامي ... واقامة محاكم شرعية يمكن للناس ان يثقوا فيها كدولة اسلامية حقيقية."
وللتأكيد على هذه الرسالة علقت في الشارع لافتة تقول "شرع الله أساس الحكم. الاسلام دين ودولة."
ويقول عزوز وديربي وكثير من الاسلاميين ان الحكام الجدد في ليبيا بدأوا يتكلمون مثل القذافي وانهم يقولون ان درنة معقل للقاعدة سعيا وراء الحصول على تأييد الغرب.
وقال عزوز "هذا ليس جديدا فالمدينة ظلت طويلا ضحية وقالوا لسنوات انها قاعدة للقاعدة والمتطرفين. حكام ليبيا الجدد يقولون نفس الكلام."
ويستعد بعض الجهاديين بالفعل لما يقولون انها معركة لا مفر منها مع من يريدون تحويل البلاد إلى دولة "كافرة". ولا يعرف هؤلاء امكانية للتسوية مع الغرب الكافر الذي يسعى لتغيير الهوية الاسلامية.
ويصر المقاتلون الاسلاميون الذين ذاقوا طعم السلطة الحقيقية خلال الاشهر التي تلت الانتفاضة - بقوة اسلحة يعتقد انها مخبأة في الجبال الخضراء المحيطة بالبلدة - على عدم التخلي عن السلطة للحكومة المركزية إلى حين تحقق طلبهم باقامة دولة اسلامية.
ومازال خط عميق من التطرف في الشرق الليبي تغذى على اهمال بلدات مثل درنة خلال عهد القذافي قويا هذه الايام. ويقول عديد من الجهاديين ان الحكام الجدد للبلاد يفضلون طرابلس كمان كان يفعل القذافي.
وقال عزوز "في الشرق دفعنا الثمن دما... كنا من انشأ الثورة ومضينا وقاتلنا وبعد ذلك سلمنا اليهم على صحن من ذهب.
"هناك الان خوف حقيقي في الشرق من اننا سنعاني نفس المصير الذي عانيناه تحت حكم معمر. اتمنى ان يقنعونا برؤيتهم وخطتهم قبل ان يصروا على مطالبتنا بتسليم سلاحنا."
ويتخذ آخرون وجهة نظر اكثر تشددا. ويقول يوسف جهاني احد المؤيدين لجماعة انصار الشريعة "هؤلاء الناس لا يصلحون للحكم. نرفض اي شخص يجلس في كرسي السلطة ويتبع اجندة غربية."

التعليق
مشكلتنا العويصة في ليبيا أن كل من ساهم في تحرير ليبيا من الطاغية القذّافي أعتبر ذلك "جميلاً" كان قد أسداه لليبيّين وعليهم دفع الأجر... بمعنى أن الكثير من أولئك الذين شاركوا في حرب التحرير الثانية أذنوا لأنفسهم بأن يعاملوا ك"المرتزقة" وتلك في حد ذاتها  تقلّل من قيمة مساهماتهم مهما كانت "عظيمة".
الإسلاميّون لهم تفكيرهم الخاص، ولهم نظرتهم في الحياة وذلك من حقّهم؛ لكن الذي ليس من حقّهم هو أن يفرضوا أرائهم أو أنفسهم على بقيّة الليبيّين.
ليبيا سوف لن تكون دولة دينيّة ولا طائفيّة، وسوف لن تصبح خلافة إسلاميّة على الإطلاق لأنّها بكل بساطة... تلك هي سنّة الحياة.
لا يمكننا إعادة أحداث التاريخ، ولا يمكننا إيقاف عجلة الزمن  فما بالك بنا نحاول إرجاع عقاربها إلى الوراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق