إذا كان الإختلاف عندكم رحمة...... فخوذوا الرحمة وأعطونا الإتفاق
ذكرت أنباء واردة من بلدة دمّاج بمحافظة صعدة اليمنية بأن جماعة الحوثي تحاول إقتحام البلدة، لكن الحوثيّين نفوا ذلك، وإتهموا السلفيّين بقصف إحدى الحارات في مدينة صعدة بقذائف الهاون.
وقال الناطق الرسمي بإسم السلفيّين في دماج سرور الوادعي إن مسلّحين من جماعة الحوثي بدأوا هجوماً لإقتحام البلدة، مشيراً إلى أن الحوثيّين إستخدموا في هجومهم هذا الصباح الدبّابات والرشّاشات الثقيلة.
ومن جهتهم، نفى الحوثيّون أن يكون لديهم أية نية لدخول بلدة دماج، وإتهموا السلفيّين بقصف حارة الروضة في مدينة صعدة بقذائف الهاون. وتحدّث سكان بلدة دماج عن قصف عنيف تتعرّض له بلدتهم منذ عدة أيام، مما أدّى إلى مقتل خمسين شخصاً وإصابة أكثر من مائتين آخرين.
التعليق
يقول الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}، وقال: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}، وقال: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}، وقال: { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}... صدق الله العظيم.
كان الناس أمّة واحدة، وهذه بكل تأكيد يمكن إطلاقها على المسلمين في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام حينما كان المسلمون كلّهم مسلمين وفقط. لم يكن هناك في عهد الرسول بينهم شيعة ولا سنّة، ولم يكن بينهم حنابلة أو حنفيّون أو مالكيّة أو شافعيّون... ولم يكن هناك سلفيّون أو وهابيّون أو أباضيّة أو أحمديّون، بل كانوا كلّهم مسلمين وفقط.
قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.
كان المسلمون أمّة واحدة في وجود الرسول، وما إن غاب عنهم رسول الله حتّى بدأوا يختلفون، وكان إختلافهم بسبب إختلاف تفكيرهم وتقديرهم للأشياء. بدأ الناس يتفلسفون في تأويل القرآن كلّ بما يتناسب وأهدافه وغاياته، وأحياناً يختلف المسلمون في تفسير كلام الله بهدف الإختلاف عن الآخرين لغاية خبيثة في أنفسهم لا يفصحون عنها ولا يشهرونها أمام الملأ.
كان المسلمون أمّة واحدة تجتمع حول فهم مشترك للقرآن كان رسول الله هو من يطرحه عليهم وما كان لهم أن يختلفوا في وجود رسول الله، ولكن بعيد غياب الرسول عليه السلام إنقسم المسلمون فأطلق البعض على أنفسهم "شيعة" وإتخذ الآخرون لأنفسهم نعتاً آخر حتى يتميّزوا به عنهم فسمّوا أنفسهم "سنّة" وما كان لهم أن يفعلوا ذلك لو أنّهم كانوا صادقين، ولو أنّهم بالفعل إتبّعوا سنّة نبيّهم الذي لم يكن في عهده من يسمّون شيعة ولم يكن في عهده من يسمّون سنّة.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا}.... كان الناس أمّة واحدة فإختلفوا، وكان المسلمون جسداً واحداً فتقسّم وتقزّم وتشتّت هذا الجسم إلى جزئيّات متقاتلة ومتحاربة وكاره كل فصيل للفصيل الآخر وليس في هذا أي نسب للدين أو إتبّاع لآوامر الله الذي قال لهم بكل صراحة: {إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}... أمتكم أمّة واحدة، وربّكم ربّاً واحداً ودينكم ديناً واحداً فأعبدوا ربّكم الواحد الأحد ولا تختلفون أو تتخاصمون فما كان هناك داعياً للخصام فيما بينكم وأنتم كلّكم يجمع بينكم كتاب واحد من رب واحد هو القرآن.
إختلف المسلمون وتمادوا في الإختلافات حتى تحوّلوا بدل أمّة واحدة متعاضدة ومتماسكة ومتعاونة إلى أمم مختلفة ومتعادية ومتقاتلة مع بعض بإسم الله وبإسم دينه لغايات في أنفسهم جوهرها السيطرة ودافعها الطغيان ووقودها الآنانيّة وحب التملّك. تفنّن المسلمون في الإختلاف والتشرذم والإبتعاد بعضهم عن بعض بسبب خروج نوع من البشر بلباس التقوى والإيمان فإذا بهم يفسّرون القرآن كما يرون ولا يتقبّلون رأي الغير فنشأت على إثر ذلك بينهم الضغائن والفتن وتحوّلوا إلى أعداء متقاتلين وسبب ذلك هو الإختلاف في تفسير كلام الله. بدأوا يبرّرون وجود الإختلاف بينهم حتى يغفروا لأنفسهم فجأ بعضهم بحديث نسبوه للرسول يقول: إن إختلاف أمّتي رحمة فيما بينهم... هل بالفعل إن الإختلاف بين المسلمين في تفسير القرآن كان رحمة لهم أو سلماً فيما بينهم؟.
لا... إن إختلاف المسلمين في تفسير كلام الله ولّد العصبيات وخلق الأحزاب(الشيع) التي سرعان ما بدأت تكفّر بعضها البعض ومن تكفّره هذه الفئة تستبيح دمه فيقتل هكذا بدم بارد وبإسم الله. بدأ المسلم يقتل أخاه المسلم بإسم الدين وبإٍسم الله ولا يحسّ بأي إثم أو تأنيب الضمير لأنّه يظنّ في قرارة نفسه وفي قناعته بأنّه إنّما بذلك هو يقتل "كافراً" أباح الله له قتله حتى ينتقم لدين الله فيه.
لقد تحوّل الإختلاف بين المسلمين إلى نقمة عليهم ولا أعتقد بأنّه كان رحمة بينهم في أي وقت من الأوقات، فالمسلمون بدأوا يقتلون بعضهم البعض بمجرّد غياب الرسول عنهم، وكان كلّ ذلك بسبب إختلافهم في تفسير القرآن... فإختلاف المسلمين لم ولن يكون رحمة على الإطلاق، وعلينا أن نعود إلى رشدنا ونعمل على تسمية الأشياء بمسمّياتها حتى لا نستمرّ في الكذب على أنفسنا، وفوق كل ذلك حتى نعود إلى عقولنا نستشيرها ونسير على هدى مشورتها بدل التعلّق بأراء وأفكار وتفسيرات غيرنا.
علينا بأن نتوقّف الآن ونبدأ في التفكير من جديد ولكن ليس على أساس أن "إختلاف أمّتي رحمة فيما بينهم"، وإنّما على أساس {إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}.... أنا ربّكم فأعبدون. أليس ذلك هو كلام الله، وأليس هذا الكلام هو.... واضح وجليّ؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق