Translate

الاثنين، 5 مايو 2014

..كـي لا تـنـزل الـمـحـكـمـة الـعـلـيـا إلى درك الـمـهـازل الـسـفـلـى

للكاتب الليبي محمد عمر بعيّو


العدالة المؤجلة ظلمٌ معجل ، والقضاء الذي لا يستطيع أو يمتنع عن الفصل في ما يعرض عليه بتعجيل في غير تسرع أو تأجيل دون مماطلة هو قضاءٌ مقضيٌّ عليه بالعدم قاضٍ هو بالتالي وبالضرورة على استقرار وربما وجود المجتمعات والأوطان بنكوصه عن أمانة الميزان وسماحه باختلال الميزان.
أكتب هذا إذ أرى مثلما يرى ويعيش الشعب الليبي مهزلة وملهاة ومأساة الأداء البائس بل والإجرامي الذي يختلط فيه القصد بالغفلة لسلطة الأمر الواقع منزوعة الشرعية ، منتهية التكليف والصلاحية - المؤتمر الوطني العام - الذي يبادر كلما اختلف السماسرة القابعون في أحشائه المظلمة على اقتسام الغنائم إلى إدخال البلاد في أزمةٍ جديدة مفتعلة لا تنتج شيئاً سوى زيادة الصراع ، وتثبيت الفراغ ، وتوفير الأجواء المناسبة عن قصدٍ جنائي لا عن حسن نية للإرهاب والإجرام واستباحة الـوطـن لهجيج مشيخات الخليج ، ودبيب مخابرات الغرب ، وسقط متاع الداخل والخارج ، ولو كانت السلطة القضائية سلطةً حقيقية تفصل بين السلطات المؤسسية ، ولا تخشى الميليشيات الإجرامية لكانت هي الملجأ في الفصل عند وقوع الخلاف لا أن يصبح الفاصل هو الأوراق الرسمية والأختام ، ولا تخضع للتهديد والابتزاز من قبل شذاذ الآفاق ممن انشقّت عنهم الأرض بعد زلزال فــبــرايــر وتوابعه وارتداداته المستمرة ، ولا تخوض مع الخائضين وتعرض خلافاتها ومماحكاتها على شاشات التلفزيون.
وليس أدلّ على ارتباك أداء السلطة القضائية وفي قمتها الـمـحـكـمـة الـعـلـيـا ودائـرتـهـا الـدسـتـوريـة من هذا التهرب المستمر من الفصل قولاً واحداً في {قـانـون الـعـزل الـسـيـاسـي} ، الذي صدر مخالفاً للمباديء العليا فوق الدستورية ، بما فيها الشريعة الإسلامية التي عيّن لها مجلس مصطفى عبدالجليل حارساً لمحرابها في ساعة غفلة فحول المحراب في ساعة وعيٍ هوجاء إلى هيكلٍ للطاعة العمياء ، ما نزل بها حُكم في القرآن ، وما أنزل الله بها من سلطان ، وما وردت في سُنّةٍ مؤكدةٍ ، ولا قولٍ قطعي الدلالة واضح البيان متين البنيان.
إنّ تثبيت أو الغاء أو تعديل ذلك القانون الذي ظلم الكثيرين ، وساهم عن قصد من صائغيه وفارضيه في إذكاء نار الفتنة بين أهل الـوطـن ، وتقسيم الناس ظلماً وعدواناً إلى فسطاطٍ فبرايري مقدس مهما تنجّس ، وحضيضٍ سبتمبري منجّس وإن لم يتدنّس ، هو اختصاصٌ وفرضٌ معجّل وليس مؤجل على الـمـحـكـمـة الـعـلـيـا ترى فيه ما تراه ، وعلينا جميعاً القبول والسمع والطاعة عن يقينٍ وقناعة أن ذلك هو الحكم العدل بدل هذا التأجيل المستمر الذي يرتبط أمام الله والناس بضغوط الغوغاء وتهديدات الدهماء ، وتحريض الخبثاء الذين في إمكانهم أن يقفوا أمام قوس العدالة عبر ممثليهم القانونيين ليدفعوا ويدافعوا ، ويتدافعو بحضارية ومنطقية ، بدل أن يدفعوا الأموال للواقفين على قارعة جحيم الرشوة الذين يفعلون ما يريد الدافع وما يطلب الزبون.
أقـول .. دون افتئاتٍ عليها ولا محاولةٍ للتأثير فيها :- أن بإمكان الـمـحـكـمـة الـعـلـيـا المُوقّرة أن تأمر بإحالة ذلك القانون المختلف عليه مجتمعياً وشعبياً حد الشقاق إلى الاستفتاء الشعبي ضمن ذات الآليات المسماة ديمقراطية ، أو تأمر بإيقاف نفاذه وترك أمر هذه المسألة الخلافية الشائكة والخطيرة للدستور ، الذي لن يكون مالم تسبقه المصالحة الوطنية الواقفة على أسانيدها الثلاث التي يتساوى أمامها أتباع سبتمبر وأنصار فبراير .. الـقـصـاص والـعـفـو وجـبـر الـضـرر .
أكتب هذا دون شبهة مصلحة والله يعلم ، فموقفي الذي أردده علناً وحيثما دعت الضرورة يقوم على فكرة الاعـتـزال الـذاتـي لـلـوظـيـفـة الـعـامـة مِن كل الذين عملوا سياسياً أو إدارياً {باستثناء المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ممن لم يتورطوا في القمع والإيذاء} في المرحلة السابقة لـفـبـرايـر 2011 بمن فيهم الموالون والمعارضون ، وترك الأجيال الجديدة لتأخذ حقها ودورها ومسؤوليتها ، ولهم علينا حقين ، أن نكون لهم من الناصحين ، وأن نكون دائماً مواطنين صالحين ، لكنني أربـأ في الوقت نفسه بالـمـحـكـمـة الـعـلـيـا رأس قضائنا المحترم وقلعة الحق أن تنزل إلى درك هؤلاء السافلين القابضين أعـنـاق الـوطن وأرزاق الـنـاس بالباطل ، فالبديل إذا غاب القضاء هو اقتضاء الحقوق ذاتياً ، وتلك وأيْـمُ الله طامّةٌ كبرى لو تعلمون ..(مــــحــــمّــــد).
Unlike ·  · 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق