Translate

الاثنين، 5 مايو 2014

تأمّلات هذا الصباح الجميل


أنا ربّما أضع نفسي من بين المتفائلين وأتمنّى بألاّ أكون من الصف الخاسر. أنا أرى بأن ما يحدث في ليبيا الآن هو مخاض لابد منه، وبأنّ المستقبل سوف يكون مختلفاً. هناك طبقة المستعجلين وهؤلاء شاهدناهم منذ الأيام الأولى لنجاح ثورة 17 فبراير، والكثير منهم كانوا معنا هنا في أوروبا وكانوا في شمال أميركا وبقاع أخرى من العالم. كانوا يكتبون ضد القذّافي ويحرّض بعضهم على الثورة وكانوا من الناشطين جداً. بمجرّد سماعهم بمقتل الطاغية القذّافي حزموا حقائبهم وإتّجهوا إلى قطر ومنها إلى بنغازي، وهناك بدأوا يتسلّلون إلى الواجهة، والكثير منهم هو من يتمترس اليوم في الصف الأمامي ويعمل على تكرار ما كان يفعله الطاغية القذافي نفسه ولو بشكل مختلف. أعتقد بأنّ أغلب هؤلاء بعدما رايت أفعالهم يمكنني بدون إحجاف في حقّهم أو ظلمهم تصنيفهم من الباحثين عن فرص واللاهثين وراء مناصب منذ البداية. هناك من هم بكل تأكيد من لم يتمكّن من الإصطفاف في الواجهة أو أنّه ربّما أزيح عنها، فبدأ يمقت الثورة ويكره كل من قام بها ومنهم الكثير من قادة الفيدراليّين بطبيعة الحال. دعونا من الماضي ولننظر إلى الأمام.. الذين نراهم الآن في الواجهة وهم يعملون بكل ما أوتوا من وقت وجهد ونفوذ وسلطان من أجل أن يفرضوا وجودهم في كل شئ آملين بأن يمتلكوا كل شئ... هؤلاء هم في واقع الأمر لا يمتلكون الكثير مما يمكنهم تقديمه لإبهار الناس، والشعب الليبي ذكي بطبعه لكنه صبور بخصاله. الشعب الليبي يراقبهم وربما أيضاً ينتظر حرقهم أو إحراقهم كما فعل هذا الشعب من قبل في عهد الطاغية القذّافي. لقد صبر الشعب الليبي على الطاغية القذّافي لأكثر من أربعة عقود، قاوم خلالها كل ترهات القذّافي وأفكاره ونظريّاته، والذي أسقط القذّافي هم ليسوا الثوّار وهم ليسوا طائرات الناتو، وإنّما الذي أسقط نظام القذّافي في واقع الأمر قبل أن يسقط ظاهريّا هو الشعب الليبي بمجاميعه، وأسقط هذا الشعب نظام الطاغية القذّافي منذ أوائل التسعينات. الذي أجبر القذّافي على تلك التنازلات وتلك التغييرات الكبيرة التي أحدثها في نظام حكمه تحت يافطة "ليبيا الغد" هو الشعب الليبي الذي أعلن في الخفاء "العصيان المدني" وحافظ على إستمراره حتى أنتهى نظام ذلك الطاغية. أنا أرى بأن الغلبة سوف تكون في المستقبل لجيل المتعلّمين والمثقّفين وأولئك الذين يعيشون معطيات هذا الزمان. الغلبة سوف تكون في المستقبل لجيل الشباب من الرجال والنساء وسوف تشهد الأيّام على ما أقول. سوف يأتي اليوم الذي يذهب فيه الزبد جفاء وسوف يمكث في الأرض ما كان نافعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق