Translate

الأحد، 18 مايو 2014

... إقرأوا هذا يرحمكم الله وقولوا قالها أحد أبناء لـــيـبـيـــا ..

مقال للأستاذ محمد عمر بعيّو نشره على الفيسبوك

مشكلتنا الكبرى في لـــيـبـيـــا أننا لا نعرف بعضنا معرفةً حقيقية ، وأقصد بالمعرفة هنا ليس التعارف السطحي الظاهري شخصياً واجتماعياً ، بل المعرفة المُعمقة بكافة أبعادها السوسيولوجية {الاجتماعية} ، والسيكولوجية {النفسية} ، والثقافية ، والتاريخية ، والاقتصادية ، والجغرافية ، والأصولية الإثنية ، فحيث نعتبر نفسنا شعباً واحداً نجهل أننا شعوب {الشعب مصدرها شِعب وهو المكان المحدد والمحدود الذي يعيش فيه قومٌ قد يكونون من عدة قبائل وأفخاذ وأنساب وقد يكونون من قبيلةٍ واحدة ، ولهذا قدّمه القرآن الكريم على القبائل حين أمرنا بالتعارف وجعل أكرمنا عنده أتقانا والتقوى هنا مرتبطةً شرطا بما سبقها أي التعارف الذي يعني التعاون والتراحم} ، ومن حيث نتصور أن الدولة الموحدة البسيطة التي عشنا تحت ولايتها نحو نصف قرن هي حقيقةٌ مطلقة تذوب معها وفيها قسراً كل الانتماءات المتعددة والمختلفة والمتناقضة.
أكتب هذا لأُقدم التفسير لا التبرير للسطحية التي يتعامل بها الجالسون على كراسي سلطة الأمر الواقع بعد فــبــرايــر مع تطورات وتفاعلات الوطن ، منذ ما سمي بحرب التحرير حتى ما سمي أمس معركة الكرامة وسُمي خروجاً عن الشر..عية ، فمن أين سيعرف نوري بوسهمين الزواري المديني البسيط الجاهل تماماً بالتركيبة الليبية المعقدة دوافع ومرجعيات سلوكيات أهل برقة بامتدادها المعروف شعبياً ب البيضا والحمرا ، وحتى عمقيها الشرقي في مطروح والبحيرة والفيوم المصرية ، والجنوبي عبر الواحات إلى الكفرة وجوارها ، وأهل فزان من الهروج حتى الويغ والقطرون ، وأهل الوسط من الوادي الحمر ووادي العقر حتى الجفرة ومصراتة وبني وليد ، وأهل جبل نفوسة الغربي المتداخل عرقياً وتاريخياً ، وأهل الشاطئ المزارعون عملا المدينيون عقلاً ، وأهل غدامس الطيبون الذين لا تستقيم أخلاقهم الرفيعة ورهافتهم مع عفن السلطة ووحشيتها ، وأهل الغرب من شرق الأُم طرابلس المترفعة عن فهم خصوصيات جوارها حتى حدودنا الغربية مع تونس شطاً ، وعمقها الزراعي الصحراوي القريب في العربان . ومن أين سيعرف بوسهمين المسكين وكل من حوله ووراءه من السذج والطيبين والشياطين حساسية درنة التاريخية من محيطها وكيف تحولت هذه الحساسية المرتبطة بالخصوصية الثقافية والخلفية التاريخية من عنصر إشعاع حضاري أيام المملكة وما سبقها إلى عنصر توتر وتأزيم بفعل سياسات القذافي المستمدة من الأفكار العنصرية القبلية الشاذة لخليفة حنيش وآخرين حتى أنها أصبحت المصدر والمصدّر الأكبر عالمياً نسبةً لعدد سكانها للمتطرفين الانتحاريين ، وهل سيعرف هؤلاء الريكسوسيون البائسون {العساكر سوسة كما كان أهلنا يسمّون الضالين المنحرفين} مدى التداخل والتعقيد بين حقيقة أن مصراتة في برقة هم مقيمون محترمون لكنهم ليسوا أهل وطن إلاّ بمقدار ما يتفاعلون إيجابياً مع التحديات والاختيارات التاريخية لبرقة ، لا أن يتحولوا بفعل السذج المتأسلمين كالصلابي وبن احميد وبلعم وبو ختالة وغيرهم إلى حكام بالقوة والمال والترهيب وهم أبناء بنغازي وبرقة الذين إذا غادروها فلا مستقر حقيقي لهم حتى في مصراتة ، وهل سيعرف أساطين التفاهة الجاثمون على طرابلس زوراً أن برقة التفت حول خليفة حفتر وهو الفرجاني الترهوني لأنه لم يتنكر لها وجمعها تحت شعار وطني جامع وحقيقي هو مقاتلة الإرهاب الذي لم يترك بيتاً في بنغازي إلاّ أصابه بالفجيعة ، وهي معركةٌ وطنيةٌ بامتياز وليست {عركة} بين البدو والحضر كما يحاول تصويرها وتسويقها الجهلة وعملاء تميم ، وشذاذ آفاق الأيديولوجيات العابثة المنكرة للأوطان.

نعم .. لا يعرفون لـــيـبـيـــا ولهذا لن يقودوها إلاّ إلى المزيد من الكوارث ، بدءً من اصرارهم على الدولة المركزية المتيبسة الفاشلة ورفضهم الفدرالية العصرية الراقية التي ترسخ الوحدة ولا تقود أبداً إلى التقسيم كما يزعمون ، ونهاية بإصرارهم على الانحياز الأهوج إلى قوى الظلام وإدخالهم الوطن في حالة حربٍ أهلية حقيقية وليست مجازية.
أيها الليبيون جميعاً عجّلوا بطرد عصابة المؤتمر قبل أن تنجح المؤامرة ، وعندها سيكون الثمن كبير والخسران عظيم والجرح أليم .. والله المستعان على ما يصفون ... (مــــحــــمّــــد).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق