Translate

السبت، 16 أغسطس 2014

ماذا لو تمكّن الإخوان من السيطرة على ليبيا وحكمها؟

الذي شاهد مظاهرات اليوم المؤيّدة لعملية تدمير طرابلس (فجر ليبيا) وهي المظاهرات التي أنفقت الملايين من أجل الإعداد لها قد يعتقد بأنّها كانت نجاحاً إعلاميّاً ربّما يترك بعض الأثر على الكثير من الليبيّين الذين غيّبت الحقائق عنهم ودخلوا وللأسف في عمليّات دجل وتدليس لا أعتقد بأننا شهدنا مثلها منذ القضاء على نظام الطاغية القذّافي في عام 2011.  
الذي حدث اليوم تم الإعداد له في الدوحة وفي إستانبول بكل عناية وبكل إتقان لأن الإخوان بعد كل الهزائم التي لحقت بهم هم في حاجة إلى بعض من شد عضلات الوجه حتى يمكنهم الإبتسام رغم النكائب والأحزان التي ألمّت بهم نتيجة لسوء أعمالهم ونتيجة لكذبهم ونفاقهم الذي جبلوا عليه وتأسس تنظيمهم على أعتابه.
كما نعرف فإن تنظيم الإخوان كان قد خسر كل ما يملك في مصر، ومصر كما نعرف لها تأثيرها في كل البلاد العربية خاصّة ونحن نرى السعودية والإمارات وهما تصطفّان مع مصر في حربها ضد هذا التنظيم الذي جبل على التلوّن وإستغلال سوانح الفرص من أجل الوصول إلى تحقيق هدف واحد ظل يراودهم منذ تأسيس تنظيمهم في عام 1928 وهو الإستيلاء على السلطة وبأي ثمن حتى يمكنهم عن طريق ذلك مد جذورهم في كل ركن من أركان مصر ليحكموا القبضة على كل مقاليد الحكم ومن ثمّ فسوف يصبح من المستحيل إجتثاثهم من السلطة وبأية وسيلة أو طريقة بما فيها الحسم العسكري. أعتقد أنّ الجيش المصري كان على علم بما سعى إليه الإخوان خلال سنة واحدة من حكمهم فتنبّه قادة هذا  الجيش بحذق ومعرفة بنفسيّة الإخوان وطريقة تفكيرهم فقاموا في الوقت المناسب بالإجهاض عليهم وكسر أجنحتهم ممّا فصل بينهم بين التحليق في عالم أحلامهم السلطويّة.
خسارة الإخوان في مصر أعتقد بأنّها في هذه المرّة سوف تكون أبديّة بعد أن تعلّمت مصر من تجربة جمال عبد الناصر في عام 1954 التي كان فيها الرئيس الراحل طيّباً ورحيماً معهم نظراً لطيبة الرجل وطبيعته البدوية الأصيلة. خسارة الإخوان هذه المرّة أعتقد بأنّها كانت قاضية بحيث سوف لن يكون بوسعهم - رغم خبثهم - القدرة على النهوض من جديد، وهم ربّما شعروا بقوة الضربة وبحزم القيادة العسكريّة في مصر التي بكل تأكيد وضعت تصوّرها بناء على خبرة مستوحاة من أحداث العقود الماضية.

ونظراً لضعف وضعهم الآن في مصر وربّما إيمانهم بإستحالة عودتهم للسيطرة من جديد، فقد تغيّر تفكير الإخوان الآن من التركيز على مصر إلى التوجه نحو تنظيمهم العالمي والمسمّى ب"التنظيم العالمي للإخوان المسلمين" أو كما يطلق عليه البعض "التنظيم الدولي للإخوان المسلمين" والذي أنشئ في بدايته كمكتب أو مجلس تنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين يضم في عضويته أفرع الجماعة في الدول العربية والأجنبية في عهد إمامهم المرشد الأول للجماعة الشيخ حسن البنا. هذا التنظيم كان قد توقّف نشاطه بصورة مؤقّته بعد تولّي الرئيس المصري جمال عبد الناصر الحكم في مصر ونزاعاته مع الإخوان ممّا دفعه لأن يحلّ هذه الجماعة عن بكرة أبيها كما ذكر أعلاه ويأمر بإعتقال الكثير منهم وإعدام البعض من قيادات الإخوان منهم الشيخ محمد فرغلي والقاضي عبد القادر عودة، وكذلك الحكم بالإعدام على المرشد الثاني الإمام حسن الهضيبي والذي خفّف حكم الإعدام بحقّه إلي السجن المؤبد. هذا، وتعرّض تنظيم الإخوان لمواجهة أخرى في عهد الريس الراحل جمال عبد الناصر في عام 1965م أدّت هذه المرّة أيضاً إلى إعتقال العديد من قادة الإخوان في مصر وإعدام البعض منهم والذين كان من بينهم زعيمهم المتشدّد سيد قطب والذي أعاد نهج الإخوان الإنفتاحي إلى قفص التشدّد على نسق السلفية الوهابيّة في السعوديّة، وعلى إثر ذلك فكّر الإخوان خارج مصر في إحياء المكتب التنفيذي لتنظيم الإخوان العالمي القديم، وبدأت بالفعل لقاءات إعادة إحياء التنظيم من بحث في شئون الدعوة، إلي أن أخذت المناقشات التركيز على النواحي التنظيميّة بحيث أستوجب على كل فرع بأن يرسل ممثّلاً له  لحضور الإجتماعات بإسم الموقع الجغرافي، وكانت تجري هذه اللقاءات في عدة مدن عالميّة مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة وإستانبول وبيروت وعمّان وبعض الدول الأوروبية. المهم في تنظيم الإخوان العالمي أن أعضاء التنظيم في أي بلد يمتلكون مكتباً فيه يكون إنتمائهم وولائهم لتنظيم الإخوان على حساب الإنتماء القطري لهم، فمصلحة الدولة عند الإخوان تنتفي أمام مصلحة التنظيم وعلى كل الأعضاء المنتمين رسميّاً لتنظيم الإخوان أن يلتزموا بذلك تعهّداً وكتابة.
 إخوان مصر الآن سجن منهم من سجن وهرب منهم من هرب ولم يعد بإمكانهم التجمّع في مصر من جديد خاصّة بعد حضر تنظيمهم بالكامل في هذا البلد، وبذلك فهم أصبح ملجأهم للتنظيم العالمي الذي يقال بأن مقرّه يقع في جنيف بسويسرا وهناك من يقول بأن مقرّه ربما تم تحويله إلى إستانبول بتركيا.

بدأت الكثير من دول العالم ترتاب من تنظيم الإخوان بسبب العقلية "الشوفينيّة" لهذا التنظيم، ومن ثمّ تم تصنيف تنظيم الإخوان كتنظيم إرهابي في كل من روسيا وكازخستان والسعودية ومصر، وهناك إتجاه قوي لتنصنيفه كتنظيم محظور في تونس.

من كل تلك المعطيات وغيرها يبدو أن تنظيم الإخوان العالمي بدأ ينظر إلى ليبيا كبديل مأمون من حيث قربه من مصر ومن حيث توفّر الموارد المالية، ومن هنا بدأت كل الأنظار تتجه نحو ليبيا لتصبح بمثابة المقر الدائم لتنظيم الإخوان، ومن ليبيا يفكّر الإخوان بإعادة تنظيم صفوفهم والعودة بكل قوّة من خلال الحسم العسكري إلى مصر وإستلام السلطة من جديد بقوّة السلاح بحيث سوف يتم في هذه المرّة ضرب الجيش بكل عنف مستفيدين من تجربة الإخوان في تركيا مع سلطة الجيش التي بدأت تضعف تدريجيّاً إلى أن يتم تعيين كل قيادات الجيش التركي من تنظيم الإخوان وبعدها ربّما إحداث تغييرات جوهرية في بنية الجيش وعقيدته القتالية بما يخدم تفكير الإخوان الذي لا يؤمن بالدولة القطريّة.

تتعاون الآن كل من تركيا وقطر لتمكين الإخوان من تأسيس مقر دائم لهم في ليبيا، ومنها كما ذكرت أعلاه العودة إلى مصر والسيطرة على أجهزة الحكم فيها. 
إن وجود المقر الدائم للتنظيم العالمي في ليبيا سوف يمكّن إخوان ليبيا من السيطرة على مقاليد الحكم فيها ومن ثم تأسيس العقلية العسكرية في بلد لا يوجد به جيش بعد على أسس ومعتقدات إخوانيّة تلغي الدولة القطرية وتدين بالولاء للتنظيم العالمي.

ما هي النتائج المتوقّعة لسيطرة الإخوان على نظام الحكم في ليبيا؟
  1. تحويل جميع مؤسسات الدولة إلى سلطة إخوانية مطلقة من خلال نظام الإحلال التدريجي، ويبرع الإخوان في مذل هذه الأمور.
  2. السيطرة الكاملة على الجيش والشرطة ومصرف ليبيا المركزي ووزارة الخارجية والنفط.
  3. الوقوف ضد التمدّد المتوقّع للسلفيّين في ليبيا مما سوف يحدث صراعاً مدمّراً بين الطرفين ينتهي إلى تأسيس دويلات خلافة إسلاميّة في بعض مناطق ليبيا على نسق داعش في العراق وسوريا.
  4. العلاقة بين الإخوان والسلفيّين في ليبيا سوف لن تكون حميدة على الإطلاق وذلك للتناقض الكبير بين تفكير كل من الجماعتين
  5. كلا التنظيمين سوف يحارب المرأة في العمق، وسوف يقصر دورها على إنجاب الإطفال والإهتمام بالرجل في داخل البيت مع منعها من التعليم والتحرّك وبكل تأكيد... التعبير عن الرأي على أساس أنّها ناقصة علم ودين.
  6. وجود تنظيمين إسلاميين متناقضين في الكثير من المواضع وفي طريقة التفكير سوف يحوّل ليبيا إلى دويلات صغيرة متناحرة لا يهدأ الصراع المسلّح بينها على الإطلاق لأنّه سوف يكون صراعاً دينيّا بإمتياز، ويبرع المتشدّدون في الدين في مثل هذه الأمور.
  7. إستنزاف ثروة النفط الليبيّة وذلك بالإنفاق منها على تنظيم الإخوان العالمي وكل توابعه وخاصّة في الدول الفقيرة مثل الأردن وغزة وتونس والمغرب، وكذلك السودان وموريتانيا وجيبوتي.

فلكم يا ليبيّين وليبيّات بأن تفكّروا في مستقبلكم ومستقبل أبناءكم من بعدكم قبل أن يتغوّل عليكم هؤلاء "الإخوان" ويصبح بمقدورهم التحكّم في رقابكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق