اليوم الرابع عشر من شهر فبراير من كل سنة يعتبر يوماً مشهوداً للحب يتذكّره معظم سكّان المعمورة بكل أجناسهم وجنسياتهم، وبكل طبائعهم وطرق تفكيرهم، وبكل لغاتهم وألوانهم ومعتقداتهم وأديانهم.
تتذكّره شعوب العالم ويحتفي بمقدمه الملايين منهم لأنّه بالنسبة لهم يعد بمثابة إعادة إشعال شمعة الحب من جديد في قلوب المحبّين فعساها أن تنير دروب السعادة أمامهم. الكثير منّا يظن بأن "يوم الحب" المكنى ب"فالينتاين" هو مناسبة تافهة لا قيمة لها، وقد يظن البعض بأنّه دعوة للمجون والإنغماس في ملذّات النفس وشهوات الجسم... لكن هذا اليوم يعني أكثر بكثير من مثل تلك الوساوس والأوهام، فالحب هو إستشعار قيمة الحياة والإحساس بوجود الآخرين والإيمان بحقّهم في السعادة. الحب هو ليس العاطفة، وليس الرغبة، وليس الشهوة، وليس المجون، وليس الإنغماس في الرذيلة كما ينظر إليه رجال الدين عندنا والمتشدّدين فيه.
إن تخصيص يوم من أيّام السنة للإحتفال بالحب هو تذكرة للبشر بأنّ الحياة بلا حب هي دنيا بلا حياة، هي أرض قاحلة بلا ماء ولا أزهار ولا ألوان. حياة بلا حب هي بمثابة إنسان بلا قلب، أو كائن حي بلا آحاسيس أو مشاعر. الحب له العديد من الأشكال والمظاهر، فمنه الحب العاطفي، ومنه الحب الأخوي، ومنه الحب الأبوي، ومنه الحب الأسري، ومنه الحب الإنساني، ومنه حبنا لبقية مخلوقات الله، ومنه حبنا لفعل الخير، وحبنا للحياة نفسها.
حينما نخصّص يوماً للحب فإنّنا بذلك نعمل على تذكير أنفسنا بأن في الدنيا حياة، وفي الحياة حب، وبأنّه لولا ذلك الحب الذي خلق به الإنسان وخلقه معه لما تواصلت الحياة. فالبشر بدون حب في قلوبهم سوف يقتل بعضهم البعض وسوف لن يحسّوا بشنيع أفعالهم. فليكن "فالنتاين" هو يوم نحتفل به نحن المسلمون مثل غيرنا من شعوب الأرض، وليكن يوم الحب هو بمثابة إشعال شمعة جديدة في حياة كل منّا، وليكن هذا اليوم مدعاة للإحساس بمآسي الآخرين بهدف التواصل معهم والعمل على تخفيف آلامهم وبعث روح الأمل في أوصالهم، فمن تحبّه اليوم سوف يحب غيرك غداً، وتلك شبيهة بمن يزرع حبّه اليوم فيتغذّى منها جائع غداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق