عن "مرصد بوابة افريقيا الاخبارية"
لفتت تصريحات مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة، مارك غرانت،النظر بشدة إلى الدعم السياسي البريطاني لمجموعات فجر ليبيا،هذا الدعم الذي كانت مؤشراته ظاهرة لمتابعي الشأن الليبي منذ مدة،غير أن التصريحات الأخيرة كانت واضحة و بدون مواربة. غرانت قال خلال كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي أول أمس "نحن نريد حكومة وحدة وطنية يكون لها اتفاق باستخدام الأسلحة الموجودة والأسلحة التي سوف تحصل عليها الحكومة في مواجهة تهديد داعش"، مضيفاً "هذه برأينا أفضل طريقة لمواجهة داعش، وعندما يكون هناك تحالف واسع وحكومة وحدة وطنية واسعة فعندها يمكن أن نساعد هذه الحكومة لمحاربة التنظيم. وفي الوقت الراهن من يحارب داعش فقط هم ميليشيات مصراتة".
قبلها كانت بريطانيا قد عبرت عن رفضها لأي تدخل عسكري في ليبيا،ضد الجماعات المتطرفة،و ذلك في أعقاب ذبح 21 قبطيا مصريا على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".من جانبها أدانت الحكومة الليبية المؤقتة تصريحات ، مارك غرانت، معتبرة إياها تدخلاً في الشأن الليبي الداخلي. وقالت الحكومة في بيانها، اليوم، إن "تصريحات المندوب البريطاني تؤكد الموقف البريطاني ضد الشرعية في ليبيا".ودعت المجتمع الدولي إلى رفع حظر السلاح عن ليبيا لتتمكن من تسليح الجيش الليبي الذي يخوض حرباً على الإرهاب، خصوصاً تلك الدول الأعضاء التي لا تزال تتعنت في موقفها من تسليح الجيش. وحملت المجتمع الدولي مسؤولية تجاه الأحداث والدماء التي تسيل في ليبيا وما آل إليه وضع البلاد.ولفت البيان إلى أن الجيش الليبي هو الجهة الشرعية الوحيدة التي تحارب الإرهاب والتطرف المتمثل في "داعش" والمجموعات المسلحة.
علاقات سرية
تتجاوز العلاقات البريطانية الأمنية و الاستخباراتية مع رموز "فجر ليبيا" الوضع الليبي الراهن إلى بداية الأزمة في 17 فبراير 2011 و ما تلاها من أزمات وصولا إلى الملف السوري.فحين انطلقت التحركات ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي،أرسلت المخابرات البريطانية الجهادي السابق و العميل في جهاز M6،مهدي الحاراتي،الذي يشغل حاليا منصب عميد مدينة طرابلس (رئيس بلدية)،إلى طرابلس لقيادة فرقة عسكرية خاصة والتي حاصرت فندق ريكسوس في طرابلس الغرب في آب (أغسطس) 2011. ووفق لتقارير اعلامية ،نشرتها شبكة فولتير الفرنسية،فقد كانت ترافقه مجموعة من المستشارين الفرنسيين. ووفق مصدر عسكري أجنبي رفيع المستوى تمّ تكليف الحاراتي من قبل حلف شمال الأطلسي بمهمة تقضي بأسر القادة الليبيين المتواجدين في جناح سري في الفندق وباغتيال النائب السابق في الكونغرس الأميركي ومساعد مارتن لوثر كينغ والتر فانتروي.و يحمل الحاراتي الجنسية الايرلندية و متزوج من سيدة ايرلندية. و وفق ما أكّده رئيس الوزراء السابق خوسيه ماريا أزنار ما زال مهدي الحاراتي مطلوباً في إسبانيا بسبب تورّطه في هجمات مدريد في 11 مارس (آذار) 2004.لاحقا شكل الحاراتي ميليشيا عسكرية تحت اسم "كتيبة ثوار طرابلس" موالية لرئيس حزب الوطن عبد الحكيم بالحاج.و مع انطلاقة العمل العسكري في الساحة السورية،أرسلت المخابرات البريطانية الحاراتي إلى سورية لتشكيل مجموعة جهادية ضد النظام تحت اسم "جيش الأمة"،و تتهم هذه المجموعة بتنفيذ جرائم ضد معسكرات جيش التحرير الفلسطيني في سورية ،التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.ثم تم إعادة الحاراتي إلى ليبيا و تكليفه بلعب أدوار سياسية ،فترشح كمستقل في أخر انتخابات بلدية،ليصبح عميدا للعاصمة.
الشخصية المحورية الثانية في العلاقات بين فجر ليبيا و بريطانيا،هو زعيم الجماعة الليبية المقاتلة السابق،و رئيس حزب الوطن الحالي،عبد الحكيم بالحاج.الذي كان ضحية جهاز المخابرات البريطانية حين تم تعذيبه على عناصر استخبارات بريطانية ،فقد اعتقل في 6 آذار- مارس 2004 في ماليزيا, ونقل إلى سجن سري تابع لوكالة الاستخبارات المركزية حيث تم تعذيبه وفق تقنيات برنامج البروفسور سيليغمان. وعلى أثر التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطرابلس, تم ترحيله إلى ليبيا. عام 2011, لعب دورا حاسما في إسقاط النظام الليبي بناء على اقتراح من حلف ناتو, فعينه المجلس الوطني الانتقالي حاكما عسكريا على العاصمة طرابلس. و عقد صفقة مع واشنطن ولندن مطالبا إياهم بالاعتذار و العلاج , وكان له ما أراد،و كان ذلك بوساطة قطرية.فحين كان بالحاج زعيما للجماعة المقاتلة،كانت الجماعة تتخذ من لندن مركز عمليات لها خاصة في فترة التسعينات و من لندن كانت تصدر مجلتها "الفجر" كما أرسلت العشرات من مقاتليها للقتال في صفوف "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر،و كان ذلك بغطاء من المخابرات البريطانية.
كما لعبت بريطانيا دورا كبيرا في دعم جماعة الإخوان الليبية و التيار الجهادي الليبي منذ الثمانينات و ذلك في سياق الصراع مع العقيد القذافي ،فقد حاول الجهاديون الليبيون بين الأعوام 1995-1998 أربع مرات متتالية اغتيال معمر القذافي لحساب الاستخبارات البريطانية M6.وفق شبكة فولتير.
لندن..مركز الجهاد العالمي
ما تقوم به داعش اليوم في سورية و العراق و ليبيا،شبيه جدا بأعمال دامية اقترفتها "الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر" في تسعينات القرن الماضي.فقد كانت عناصر الجماعة تدخل القرى الجبلية في الجزائر و تذبح الأطفال و النساء و تحرق الكنائس و المدارس و تقتل الرهبان في معابدهم،إلى جانب الاغتيالات السياسية المنظمة و التي استهدفت عشرات المثقفين و الكتاب و السياسيين.و كانت لندن يومها مركز النشاط الإعلامي و الفكري و الشرعي للجماعة.فقد كانت مجلة "الأنصار" التابعة لهذا التنظيم الدموي تصدر من لندن و توزع في الطرقات و المساجد، و من لندن أصدر أبو قتادة الفلسطيني،مفتي الجماعة،فتواه الشهيرة بقتلى الأطفال و النساء،و التي بسببها فتكت الجماعة الجزائرية بالعشرات من الأطفال و اغتصبت النساء.و هذه الشهادة قد وثقها قيادي كبير في تنظيم القاعدة،يدعى أبو مصعب السوري،و ليست مجرد اتهامات مرسلة لخصوم.كما لعبت بريطانيا دورا كبيرا في احتضان أغلب القيادات الجهادية في العالم العربي و الجماعات السياسية و الإسلامية،لاستخدامها في مواجهة دول المنطقة كأوراق ضغط و ابتزاز.و كان أخرها النشاط الكبير الذي يقوم به التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين في لندن،ضد مصر و ليبيا و تونس و الجزائر و سورية و الإمارات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق