Translate

الأحد، 15 مارس 2015

عليك نفسك فهذّبها

هناك من يحاول لوم الآخرين على كل ما يصيب بلادنا من مشاكل ومن نكسات، وكأنّ مصائرنا هي كلّها في أيدي غيرنا، وكأنّنا نحن عبارة عن دمي وعرائس متحرّكة.
كثيراً ما نلوم دول الجيران على أنّهم يهتمّون بمصالحهم على حساب مصالحنا وكأنّنا نتوقّع منهم بأن يفعلوا غير ذلك. يأتي في مقدّمة البلاد التي نلومها مصر وتونس والجزائر... ثم السودان.
علاقاتنا مع تونس والجزائر ومصر على التحديد هي علاقات مصيريّة وضاربة بكل عمق في التاريخ، ولكن في نهاية المطاف علينا الإعتراف بأن لكل دولة خصوصياتها ولكل دولة متطلّباتها ولكل دولة أولويّاتها.
مصر سوف تبحث عن أمنها قبل كل شئ، ولو شعرت مصر بأن أمنها هو من أمن ليبيا فإنّها سوف تتعامل مع من تقدر لتحقيق ذلك الأمن، ولكن يبقى أمن مصر لمصر هو الأولويّة ولو أضطرّت مصر لأن تحقّق أمنها على حساب ليبيا.
من هنا نرى مصر وهي تتعامل مع مجلس النوّاب والحكومة التابعة له بما في ذلك الجيش الذي يتبع تلك السلطات، وهذا أمر طبيعي ومنطقي بعيداً عن فكرة الإنحياز من غيرها.
علينا بألاّ نتوقّع من مصر بأن تركّز كثيراً على سلطات المناطق الغربيّة وذلك لبعدها الجغرافي من ناحية ولصعوبة تحقيق الإرتباط مع تلك السلطات لأسباب سياسيّة وإستراتيجيّة.... وقد تكون إيديولوجيّة.
بالنسبة للجزائر، أعتقد بأن للجزائر حساباتها الخاصّة وهذه الحسابات تتركّز حول تحقيق مصالح هي "أنانيّة" بكل المعايير... بمعنى أنّها يجب وأن تصب في السلطة الحاكمة - وليس الشعب - في الجزائر بسبب نوعية الحكم في هذا البلد الذي يتربّع على رأس الهرم في السلطة فيه رئيساً مشلولاّ لا أعتقد بأن له عقل مازال يقدر على إتخاذ القرارات. الذي يمسك بزمام السلطة في الجزائر والذي يستطيع أن يتخذ القرارات في ذلك البلد هو "سلطات خفيّة" قد لا نعرف عنها كثيراً لكنّها بكل يقين تعكس وتنفّذ سلطة العسكر. قد تكون سلطة وطنيّة، وقد تكون سلطة تابعة... لا أدري. مواقف الجزائر من ثورة الشعب الليبي ضد نظام القذّافي أعتقد بأن أغلب المتابعين للأحداث في ليبيا يعرفونها جيّداً، وبذلك فأنا لا أحفل كثيراً بمواقف الجزائر. بالنسبة لتونس، بكل تأكيد تونس تلعب سياسة، وبكل تأكيد لتونس مخاوفها الأمنيّة، ولتونس جالية مقيمة في ليبيا ومن حق تونس أن ترعى مصالح مواطنيها كأولويّة وقبل النظر في مصالح الآخرين ولو كانوا جاراً عزيزاً مثل ليبيا. علينا بأن نلوم أنفسنا قبل أن نلوم الآخرين، فليس من العدل ولا من المنطق انّنا نطلب من غيرنا بأن يهتم بمصالحنا أو شئوننا بدلاّ عنّا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق