Translate

الاثنين، 30 مارس 2015

"عاصفة الحزم"... الخفايا والدوافع

بعد هدوء غبار العاصفة وبعد دخول هذه العمليّة في يومها الرابع، حان لنا أن نعيد النظر ونبحث في الدوافع والخفايا لهذه العمليّة حتى ربّما نرى الأمور بمعايير وحسابات أكثر واقعيّة حيث بدأت العقلانيّة تتمدّد على حساب العاطفيّة وهذه هي سنّة الأشياء.
العمليّة من حيث الأساس بدأت من أجل إعادة الشرعية في اليمن وهذه ثوابت نؤكّد عليها ونصر على التوافق حولها، كما نتمنّى أن يحدث مثل هذا في ليبيا وبآليّة تتوافق مع بلدنا ومعطياتنا وواقعنا. إعادة الشرعيّة في اليمن هو هدف لا يمكن التنازل عنه، ومن ثمّ فإنّ عمليّة "عاصفة الحزم" من حيث الظاهر تعتبر عمليّة مشروعة ولها أهدافها. ولكن، لو أنّنا تعمّقنا قليلاً في خلفيات وأدبيات هذه العملية فإنّه يصبح من السهل علينا رؤية أشياء أخرى لم يتم الإعلان عنها. كما نلاحظ فإن عمليّة "عاصفة الحزم" هي عمليّة سنيّة بإمتياز ضد الشيعة، وهنا يتوجّب علينا التوقّف والتفكير من جديد.
من المعروف أن السعوديّة لا تهتم كثيراً بالأمور القوميّة، وقد لا تحفل كثيراً برفاهية وحياة جيرانها، والدليل هو فقر اليمن المدقع، وفقر الصومال، وفقر السودان وفقر مورتيانيا وفقر المغرب. الذي يهم السعوديّة ودول الخليج الأخرى هو المحافظة على بقاء الأسر الحاكمة في تلك البلاد وبأي ثمن، والدليل هو كلمة أمير الكويت في مؤتمر القمّة العربي الأخير في مؤتمر شرم الشيخ حيث قال هذا الأمير الذي يستخدم أقل من 10% من قدراته العقليّة: "إن ما يسمّى بثورات الربيع العربي إنّما جاءت لتغيير الأنظمة الحاكمة وبعث الفوضى في البلاد العربيّة"... من هنا يمكن الحكم على جزء كبير من أهداف "عاصفة الحزم" بالعمل على الحفاظ على أنظمة الحكم الوراثيّة حيث بدأ الخوف يدب إلى تلك البلاد بإحتماليّة سيطرة إيران على اليمن من خلال الحوثيّين وبعدها ربّما تضييق القبضة على السعوديّة من قبل المد الشيعي ممّا قد يهدّد النظام هناك.
أذاً، هذه الحملة العسكريّة هي في الأساس وقوف السنّة ضد الشيعة، وهنا يقع بيت القصيد. صراع بين السنّة والشيعة، وليس صراع من أجل الأمن القومي العربي أو صون للديموقراطيّة في اليمن.

لماذا الصراع بين السنّة والشيعة؟
هذا السؤال يتوجّب التفكير فيه بكل جديّة وبكل عقلانيّة وبكل تجرّد. لماذا هي السنّة، ولماذا هي الشيعة؟. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ }... الدين عند الله الإسلام، فلا سنّة ولا شيعة ولا يزيدية ولا علويّة ولا أحمديّة، ولا وهابيّة ولا حنبليّة ولا أباضيّة ولا إنقسامات مذهبيّة.
الدين عند الله هو الإسلام، فلماذا نحن نجزئه إلى أ، ب، ج، الخ؟. لماذا نصر على تجزئة الإسلام وتقسيمه إلى شيع وأحزاب ومذاهب وجماعات؟. يقول الله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}... إذاً سبب التفرقة بين معشر المسلمين هو "البغي"، وسبب محافظتنا على هذا التفرّق ودفاعنا عنه هو "البغي". أليست واضحة؟.
الحل من وجهة نظري يكمن في إعادة الدين إلى أصله وكما أنزله الله على نبيّه، وكما أتانا به رسول الله كاملاّ متكاملاً
لاينتظر الإضافة ولا يتحمّلها. قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. هل نعود بديننا إلى أصله ونبعد كل ما أضيف إليه من شوائب بإسم الإجتهاد؟. ذلك قد يكون أنجع من "عاصفة الحزم" لكنّه بكل تأكيد يحتاج إلى الكثير من أجل تنفيذه. إنّه لا يحتاج إلى السلاح ولا إلى المال، وإنّما إلى إستخدام العقل، والإخلاص والصدق لدين الله.... وتلك لعمري أصعب بكثير من شراء السلاح وتوفير المال في بلاد تعوم على أنهار نفطيّة ووديان غازيّة وخزائن معدنيّة وفيرة وأثيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق