في مقابلة لها مع راديو 4 التابع للبي بي سي، إستمعت هذا الصباح إلى مقابلة مع السيّدة هاريوت هارمان، وهي نائبة رئيس حزب العمّال البريطاني وتقوم الآن بمهمّة رئيس الحزب بعد إستقالة رئيسه السيّد إدّ مليباند إثر هزيمة الحزب الكبيرة والغير متوقّعة في الإنتخابات البرلمانيّة التي جرت في الأسبوع الماضي... السيّدة هاريوت هارمان قالت من ضمن ما قالته في هذه المقابلة الساخنة جدّاً: كان يتوجّب علينا بأن نكون أذكياء قبل الدخول في هذه الإنتخابات، أمّا الذكاء بعد ظهور النتيجة فلا ينفع ولا قيمة له. كانت السيّدة هارمان تجيب على سؤال المذيع الذكي والمحترف عندما قال لها: هل آن لكم بأن تكونوا أذكياء الآن في موضوع البحث عن ذاتكم بعد خسارتكم الإنتخابات البرلمانيّة؟. هذه العبارة من وجهة نظري تعتبر كتاباً كاملاً في علم السياسة وليست مجرّد جواب لسؤال.
كان يتوجّب علينا بأن نكون أذكياء قبل دخولنا لهذه الإنتخابات وليس بعد ظهور النتيجة... كم هي رائعة وبليغة هذه الإجابة، وكم فيها من إعتراف بالخطأ وجلد للذات ولكن بطريقة مهذّبة وذكيّة.
قالت السيّدة هارمان في معرض إجاباتها على أسئلة المذيع: نحن إجتهدنا وظننا بأنّنا أبدعنا في تقديم الحلول لمشاكل بريطانيا الإقتصاديّة؛ لكن نتيجة هذه الإنتخابات أبانت لنا بأنّنا كنا واهمون.
وقالت السيّدة هارمان في معرض إجاباتها على أسئلة المذيع الحادة جدّاً: وزير ماليّة الظل قدّم لنا مشروعاً إقتصاديّاً متكاملاً فيه الكثير من البشائر السعيدة للشعب البريطاني، وكنّا كلّنا في حزب العمّال فرحنا به وإعتبرناه سبيلنا للفوز المؤكّد. نتيجة الإنتخابات أبانت لنا بأن الشعب البريطاني يفكّر بطريقة مختلفة عن تفكيرنا، وبرهن لنا هذا الشعب على أنّنا متأخّرين كثيراً في تفكيرنا عن الطريقة التي يفكّر بها.
نحن الآن نتناقش وبحدّة عن أسباب فشلنا محاولين معرفة الأسباب التي أدّت إلى إبتعادنا عن الشارع، ولماذا كنّا نعيش في عالمنا الإفتراضي وبعيدين كل البعد عن الواقع. نحن الآن وصلنا إلى قناعة بأن الشعب البريطاني هو أذكى منّا ومداركه أوسع من مداركنا. نحن ظننا بأنّ مشاريعنا المستقبليّة تستجيب لطموحات المواطن البريطاني، لكنّنا عرفنا الآن من خلال نتائج هذه الإنتخابات بأنّ ما قدّمناه للشعب من خلال برنامجنا الإنتخابي لم يعجبه، والدليل أنّه رفضنا من خلال مشروعنا الإنتخابي. علينا بأن نغيّر في الحزب من طريقة تفكيرنا، وعلينا بأن نبحث عن رئيس جديد للحزب يفهم الشعب ويستجيب لمطالبه التي تحقّق طموحاته.
أنا إكتفيت بهذا لأقدّمه لكم، ذلك لأنّه أعجبني جدّاً، وإعتبرته يعكس الديموقراطيّة الحقيقيّة. الخاسر في إنتخابات الشعب لا يلوم الشعب، ولا يفكّر في أن الإنتخابات كانت مغشوشة، ولا يسب الشعب لأنّه لم ينتخبه، ولا يقسم بأنّه سوف لن يتنازل لآنّه أحسن من غيره؛ وإنّما يعود الخاسر إلى نفسه يلومها على هذه الخسارة.
الله يعلم بكم من السنين تجاوزتنا الكثير من شعوب العالم المحيطة بنا، والله يعلم كم نحن متخلّفون، وكم نحن ننكر بأنّنا متخلّفين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق