Translate

الأحد، 9 أغسطس 2015

محكمة موالية لـ"فجر ليبيا" تطلق سراح مفتي ليبيا السابق

عن "العربيّة الحدث"

قررت محكمة بمدينة مصراته تابعة لميليشيات فجر ليبيا اليوم الأحد الإفراج عن مفتي ليبيا السابق المدني الشويرف المعتقل بسجون الميليشيات منذ عام 2011م.
وحاول الشويرف لعب دور إصلاحي إبان اندلاع ثورة فبراير التي أطاحت بحكم القذافي بين مؤيدي النظام ومعارضيه، كما اشتهر الشويرف بتحريم القتال تحت راية "التحالف الدولي"، مما حدا بمعارضي نظام القذافي اعتبار الشويرف ضمن منظومة حكم القذافي واقتيد بسببها للسجن ليبقى ما يزيد عن الأربعة سنين من دون محاكمة.
ويبلغ الشويرف من العمر 85 سنة، ومنذ نهاية خمسينيات القرن الماضي تولى الشويرف عددا من الوظائف الدينية البارزة وعمادة عدد من الجامعات الإسلامية، كما مثل ليبيا في محافل دينية حول العالم.
واشتهر الشويرف بمواقفه المعارضة لسياسة القذافي إبان السبعينيات والثمانينيات مما سبب في عزله وإقصائه عن المشهد السياسي والديني في البلاد حتى قبيل اندلاع الثورة عام 2011.

التعليق
من خلال معرفة الواقع الليبي ومعرفة العقلية التي أنا منها وتربيت على مفرزاتها، أقول إن جوهر الصراع في ليبيا هو بين المتديّنين والعلمانيّين... أو بمعنى آخر: بين التيار الوطني التقدّمي، وبين التيار السلفي المتشدّد. 
أنا أقول هذا لأنّني أعرف ما يجري الآن في طرابلس وطريقة حكمها، وما يجري في بنغازي والشكل الذي سوف تكون عليه. 
طرابلس لو أنّها بقيت في أيدي المتشدّدين الإسلاميّين فإنّها سوف تتجه بقوة نحو أفغانستان والصومال وربّما نحو النمط السعودي، أمّا بنغازي فهي سوف تكون متحرّرة ومتمدّنة وعصرية وسوف تأخذ النمط المصري وإلى حد ما النمط التونسي، وقد تتعدّى ذلك إلى النمط الأوروبّي ولكن بعض التحفّظ.... مثل هذا السيناريو سوف يقود إلى تقسيم ليبيا بكل تأكيد. 
لو أن من يحكم طرابلس الآن يؤمن بالدولة العصرية لكانت كل مشاكل ليبيا قد إنتهت، وأقول هذا بكل قوّة. 
إن الذي يبحث عن المال والإستحواذ لا يخوض المعارك بل ربما يحيك المؤامرت ويبحث عن الهفوات، لكنّه سرعان ما يهرب إلى مكان آمن إن هو أحسّ بالخطر يداهمه. 
إن الذي يقاتل من أجل دوافع عرقية أو قبلية يكون صراعه عادة على مستوى ضيّق، وليبيا بالذات هي دولة لا يمكن أن تحكمها قبيلة أو فئة نظراً للتشابك الإجتماعي القوي فيها. 
لذلك، فأنا لا أعتقد بأن الصراع الذي تشهده ليبيا الآن هو صراع قبلي أو طائفي أو عرقي. فالليبيّون تعايشوا مع بعض وتصاهروا مع بعض وتسامروا مع بعض عبر الأجيال، ولا يمكن أن يبدّلهم الزمان من أجل حفنة من المال أو بعض من التسلّط يعرفوا بأنّه سوف لن يدوم.

إن كل من يعود بذاكرته إلى مجريات الأحداث في ليبيا منذ منتصف الثمانينات وحتى سقوط نظام معمر القذّافي، يجد بكل بساطة أن الصراع كان دينيّاً: قوميّاً(وطنيّاً) أو ما كان يعرف في عهد القذّافي بالصراع مع "الرجعية المتعفّنة".
إن الذين يحاولون السيطرة على المشهد السياسي في ليبيا اليوم هم في الآساس من المنتمين إلى التيار الديني الذين هجّروا في عهد القذّافي وفي مهجرهم تعلّموا الكثير ممّا عمّق طريقة تفكيرهم في عقولهم حتى أصبحوا من المغالين في ذلك التفكير (متشدّدين دينيّين)، وحينما حدثت الثورة على نظام معمر القذّافي عادوا إلى ليبيا على وجه السرعة مع أنّهم - وللتاريخ - لم يكون لهم أي دور في إشعال فتيل الثورة الذي كان عفويّا ووطنياً وشعبياً بإمتياز. عادوا هم على وجه السرعة وإستفادوا من الأوضاع التي وجدوها جاهزة بالكامل لفكرهم وطريقة تفكيرهم. عادوا إلى ليبيا ولا يوجد في أدمغتهم شياً غير "تحويل ليبيا إلى دولة إسلاميّة على النموذج الأفغاني أو على أقل تقدير النموذج السعودي"، وكان بكل تأكيد يدفعهم إلى تحقيق ذلك بعض من التشفّي وبعض من الثأرات ضد نظام معمّر القذّافي الذي هجّرهم وسبق أو وصموه ب"الكفر". 
أنا أقول هذا الكلام وأؤمن به، وبذلك فأنا لا أرى حلّاً للمشكل الليبي في جنيف أو الصخيرات أو في غدامس، وإنّما حل المشكل الليبي سوف يتحقق بوقوف الشعب الليبي خلف الجيش وبكل قوّة، وإن لم يكن لنا جيشاً يمكن الإعتماد عليه كما أظهرت أحداث السنة الماضية في بنغازي وبعض المناطق الليبيّة الأخرى ومنها الجنوب الليبي، فما على شبابنا إلّا الإنخراط في الجيش بسرعة وبكل قوّة من أجل بناء دولة عصريّة بعيداً عن سيطرة رجال الدين. 
هذا الوضع المنشود يتطلّب من وجهة نظري "ثورة" حقيقيّة على رجال الدين تكون شبيهة بثورة أوروبا في العصور الوسطى مع الأخذ في الإعتبار خصوصياتنا الوطنية والثقافية. نحن بصدق في حاجة للثورة على الأفكار البالية وعلى رجال التمائم والتقيّة والحضاري وباعة صكوك الغفران إن كنّا بالفعل نريد بناء دولة لها مكانتها وإحترامها بين دول العالم.... إن كنّا بصدق نريد أن نكون جزءاً من المستقبل وليس أثراً من الماضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق