Translate

السبت، 9 يناير 2016

كيف يرد العظام على غربان الظلام ؟


بعد أحداث زليطن الفاجعة وسقوط 74 ضحيّة من أفراد الشرطة الذين كانوا يتدرّبون من أجل المقدرة على المساهمة في بناء الدولة العصرية التي يحلم بها كل الليبيّين والليبيّات الذين يحبّون الوطن ويحبّون أنفسهم ويحبّون الحياة.... بعد تلك الأحداث المروّعة والتي سبقتها تفجيرات في منطقة الهلال النفطي وحرق الكثير من خزّانات الوقود، والتي سبقتها هي أيضاً وبأيّام قليلة فقط تمدّدات لتنظيم داعش المتخلّف من سرت إلى بن جوّاد. بعد كل هذا الذي حدث في بلادنا وفي زمن قياسي بالمعنى الصحيح.... بعد كل هذا أظن بأن وقت البكاء والحزن ولوم داعش ومن يقف وراءها على مصائبنا قد إنتهى، وحان لنا بأن نبحث عن الحلول.

قبل البحث عن الحلول علينا بالبحث في داخل أنفسنا عن الخطأ. نعم... أين يقع الخطأ؟.

علينا بالتوقّف عن لوم الآخرين، وعلينا بأن نكون منطقيين وواقعيّين وعقلانيين. إن كل الذي يصيبنا هو من صنع أيدينا، وإن كل مآسينا نحن نشارك فيها بعلم أو بدون علم. هذه من وجهة نظري هي البداية والخطوة الأولى التي من خلالها نعثر على حل جوهري ومنطقي وعلمي لمشاكلنا في ليبيا.

بلادنا لم تشهد عمليّات إنتحاريّة أو تفجير سيّارت مفخّخة أو حرق لأي بئر نفطي أو مطار أو تدمير مباني على أهلها أو تفجير مساجد أو قتل أبرياء وهم خارجون من المساجد بعد الصلاة قبل 17 فبراير 2011. نعم... ليبيا لم تشهد أيّ من تلك الأعمال الإرهابيّة حتى في نظام معمّر القذّافي ( ما عدا بعض الإستثناءات البسيطة ونحن ربّما نعرف الآن لمن كانت تنتمي تلك الإستثناءات) طيلة مدّة سيطرته على الحكم في ليبيا.... فلماذا أصابنا ما أصابنا بعد أن ظننا بأنّنا تحرّرنا من الطاغية وأعدنا بلدنا لنا؟.

نحن هم المسئولين عن كل ما جرى في بلادنا منذ فبراير 2011 وإلى يومنا هذا... بل وإلى أن نعترف بهذه الحقيقة ونسعى جادّين نحو الحل الجوهري. نحن من فتحنا بيوتنا لتجّار الدين والمتشدّدين وكل الحقراء في العالم ليدخلوا بلادنا. حينما تدخل ذبابة أو صرصار بيتاً نظيفاً، لا يستطيع أيّاً منهما البقاء في ذلك البيت إلّا وأن يتغاضى أهل البيت عنهما أو أن يكون البيت متوسّخاً فتعيش تلك الجراثيم مع غيرها بين الأوساخ.

لا يهم.... دعونا نعيش مع الواقع، ونتعامل مع الحاضر، ونبحث جميعاً عن حلول حقيقية وجوهريّة ومدروسة حتى نخرج من هذه الدوّامة. دعونا نستفيق من هذا الذي أصابنا وأعمى بصائرنا فمنعنا من رؤية طريقنا كما يجب، ودعونا نعمل معاً كليبيّين وليبيّات من أجل النهوض بأنفسنا وبناء دولتنا، ودعوني أقترح الآتي عليكم وأترككم لتفكّروا فيما طرحته عليكم والتفاعل مع ما يمكن التفاعل معه:
  1. على شباب زليطن والمناطق المجاورة الإسراع بالتطوّع الفوري والعلني لتعويض كل شرطي متدرّب تم قتله في هذا التفجير، وليشكّل الشباب الجدد وحدة جبّارة قوية ومتدرّبة ومهنيّة تكون نواة لفرقة تتخصّص في محاربة وإنهاء داعش من على الآرض الليبيّة وإلى الأبد.
  2. على سكّان المدن المجاورة لزليطن: مصراته وترهونة وبني وليد والخمس الإسراع بعقد ملتقى بين أعيانها بهدف حل جميع المشاكل العالقة بينها منذ أيّام الحرب على الطليان وحتى يومنا هذا، على أن يكون الإتفاق نهائي وجذري وملزم "أخلاقيّاً" لكل من يقيم في هذه المدن.
  3. على مصراته الخروج علناً وأمام وسائل الإعلام لتقول لكل العالم بأنّها(مصراتة) جاهزة لحل كل المشاكل بينها وبين تاورغاء، وتعلن ترحيبها الغير مشروط بعودة كل أهل تاروغاء إليها ومساعدتهم على العودة والإستقرار بما يلزم. بكل تأكيد على تاورغاء أن تسلّم كل من تطلبه مصراته من المتّهمين بشرط تعهّد مصراته بمحاكمتهم محاكمة عادلة وأمام الأشهاد.
  4. على كل المدن الليبيّة ( أنا أتكلّم هنا عن السكّان وليس المسئولين) أن يعلنوا قبولهم التام بحكومة الوفاق الوطني بكل عيوبها ومساوئها بإعتبار أن هذا القبول سوف يفسح الطريق لبناء دولة ولو كانت متعثّرة في البداية، لكنّها سوف تكون دولة واحدة بحكومة واحدة وبجهاز تشريعي واحد.
  5. على سكّان كل المدن والمناطق الليبيّة الخروج للتعبير عن سحب الثقة عن كل من المؤتمر الوطني ومجلس النوّاب وإعتبار أن هذين الجسمين لم يعودا يمثّلان الشعب الليبي ولم يعودا شرعيين.
  6. على ضبّاط الجيش الليبي في كل مناطق ليبيا إعلان الإنتماء للوطن وللوطن فقط، ومن ثمّ الإلتقاء حول الوطن في مؤتمر مهني يتم من خلاله تشكيل قيادة جديدة للجيش الليبي تتوازى مع مساعي حكومة الوفاق لتشكيل كوادرها، فيكون الجيش هو حامي هذه الحكومة والمجلس التشريعي الجديد.
أقول.... والله لو أنّنا تجمّعنا كلّنا حول هذه النقاط فسوف لن تجد داعش أو من يساندها ويحتمي بها أو يختفي وراء أجنداتها من مكان لهم في ليبيا، وسوف لن تجد المليشيات مرتعاً حينما يتوحّد الجيش ويشرع في وضع قبضته على كل التراب الليبي.... وربّنا يوّفقنا إلى ما فيه خير بلادنا وخير وأمن وسعادة ورفاهيّة أهلنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق