Translate

الأربعاء، 17 فبراير 2016

17 فبراير... نحتفل أو نصطفل ؟

مررت ببعض القنوات الليبيّة الفضائيّة هذا الصباح ولم أجد ولا قناة واحدة تحتفل بذكرى ثورة 17 فبراير 2011، وقلت في نفسي: هل إلى هذا الحد وصل بنا الحنق والغضب وخيبة الأمل حتّى أنّنا لم نحسّ بقيمة أو أهمّية هذه الذكرى التي من وجهة نظري يجب أن تبقى ذكرى الإنتصار لحريّة الإنسان على الطغيان مهما كانت النتائج ومهما كانت المآلات.
أنا أرى بأنّه - رغم كل المحن ورغم كل المآسي - يتوجّب علينا كوطنيين ليبيين ووطنيّات ليبيّات بأن نحتفي بهذه الذكرى، وأن ننظر إليها على أنّها كانت ثورة للتحرّر وثورة على الجبروت والطغيان، وذلك لوحده من وجهة نظري يحتّم علينا تخليد ذكرى ثورة 17 فبراير 2011.
نحن نعرف يقيناً بأنّ الثورة على طغيان القذّافي كانت ثورة ليبيّة خالصة وكانت ثورة عفوية بإمتياز. الثورة قام بها شباب وشابّات ليبيا الذين لم يكن في عقولهم حينها شيئاً غير البحث عن الحريّة والتطلّع إلى غدٍ مشرق ووضّاء. تلك كانت النوايا، وتلك كانت الآمال، وتلك كانت الغايات والأهداف. أمّا ما حدث بعد نجاح ثورة 17 فبراير وما وصلنا إليه اليوم من مآسي وما نعانيه من هموم فكل ذلك لم يكن لثورة الشباب حينها أي يدٍ فيه.
علينا بأن نحتفي بتلك الثورة وأن نقولها عالية بأننا ثرنا على الطغيان وبأنّنا بحثنا عن الحريّة وبأنّنا سوف نثور على الطغيان مرّة أخرى ومرّات أخرى ويجب أن يعلمها القاصي والداني.
علينا أيضاً التذكير بأن ما حدث بعد 17 فبراير 2011 لم يكن لثورة فبراير أي ذنب فيه، وإنّما كان كل ذلك نتيجة مباشرة لعودة الأشرار إلى ليبيا والذين كان القذّافي يحمي ليبيا من شرورهم. إن الطغاة والحقراء والمتسلّقين وتجّار الدين وسماسرة الثوريّة هم من أفسد ليبيا اليوم وهم من أخرج قطار الحياة عن سكّته في ليبيا حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه. إن ما يحدث في ليبيا اليوم هو بسبب عودة الإرهابيين وتجّار الدين وتلامذة الوهابيّة المتخلّفة، وهم من يدمّر كل معالم الحياة في ليبيا لأنّ هؤلاء البشر لا يستطيعون التعايش مع معطيات عالم اليوم.
إن الصراع الذي يحدث اليوم في ليبيا هو صراع بين قساوسة الدين الجدد الذين يحلمون بعودة الخلافة الإسلاميّة ويمنّون أنفسهم بفرض ما يسمّى بحكم "الدولة الإسلاميّة" وبين أبناء وبنات ليبيا الأحرار الذيم يفكّرون بعقلية مختلفة ويحلمون بأشياء مختلفة. إنّه في واقع الأمر هو الصراع بين التخلّف والتقدّم.... إنّه الصراع بين ثقافة الماضي البعيد وثقافة عالم اليوم؛ وهذا الصراع سوف لن ينتهي بسهولة، وقد لا تكون نتائجه كما نشتهي نحن من يؤمن بالدولة العصريّة، ويؤمن بالعلم والتقدّم والتحضّر، ويعرف بأن بناء الدول لايتحقّق إلّا بالنظر إلى الأمام والتامل بمعطيات وأبجديات الحاضر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق