Translate

السبت، 4 مارس 2017

حينما تصبح ليبيا مجرّد براميل نفط . . .

 أبانت أحداث الأمس وما سبقها من مثلها بأن ليبيا وللأسف لم تعد بمثابة الوطن لأهلها وإنّما هي أصبحت للكثيرين ممّن ينتمون إليها ليست أكثر من براميل نفط يتوجّب التقاتل حولها وإفتكاكها مهما كان الثمن ومهما كانت العواقب.
إنّه بصدق الخزي والعار لكل من تنحدر قيم حياته ومعاييرها إلى هذا المستوى الدوني من الجشع والأنانية وضيق الأفق، وهذا لايمكن تفسيره إلّا بغياب شئ إسمه العقل والتفكير . . . غياب القيم والمعايير . . . . غياب الإنسانية بمعانيها السامية وخواصها التي خلقها الله بها.
الوطن يا أيها الجشعون هو العنوان . . . هو الهويّة . . . . هو الكيان . الوطن يا من غابت عندكم القيم هو البيت الذي تأوون إليه، وهو الملاذ الذي يحميكم، وهو العنوان الذي تعطونه للغير حينما يرغب في التعرّف عليكم أو لمن يستفسر عن هويّاتكم وإنتماءاتكم وأصولكم وأنسابكم . . . الوطن هو الإنعكاس لجيناتكم الوراثيّة، وهو المعرفة والكينونة..... والتنوّعات الثقافيّة.
حاولت أن أجد مبرّراً لأولئك الذين يتقاتلون ويقتلون ويجندلون ويدمّرون بأن لماذا هم هكذا يقوموا بكل تلك الممارسات الخبيثة فلم أجد لهم أيّ مبرّر غير فساد أنفسهم وبذاءة أخلاقهم ورداءة معادنهم. نعم.... دناءاتهم وإنحطاطهم وآنانية أنفسهم، وهم بذلك كانوا قد تجاوزا أشرس الحيوانات المفترسة التي مقارنة بهم مازالت تمتلك قيماً غابت كلّها عنهم.
أنا لست مع أي طرف، لكنّني فقط مع ليبيا بلدي التي أحبّها وأفتخر بالإنتماء إليها مع أنني أمضيت أكثر من نصف عمري خارجها. ليبيا هي بلدي وهي عنواني وهي حبّي الأبدي، وليبيا بالنسبة لي هي قيمة لايمكن مقاضاتها بأي شئ على وجه الأرض مهما إرتفع ثمنه أو ندر وجوده. ليبيا بالنسبة لي هي العنوان وهي الكيان وهي الملتجئ الذي أهرع إليه حينما لا أجد لي على وجه الأرض أي مكان.
أنا أحب ليبيا وأنتمي إلى ليبيا ولا يهمّني من يتقاتلون وعلى ماذا يتقاتلون إن لم تكن ليبيا هي بصدق في تفكيرهم وفي وجدانهم، وأود هنا أن أقول لتجّار الدين والإخوان المسلمين ومن يناصرهم أو يقف معهم... أقول لقساوسة الدين الجدد وعلى رأسهم حبرهم الأكبر السيّد الصادق الغرياني... أقول لهم جميعاً: قسماً بالله بأنّكم سوف لن تحكمونا وسوف لن تخضعونا وسوف لن نستكين لكم. قسماً بالله بأنّكم لن تفرضوا علينا تفاهاتكم ونتاج عقم تفكيركم مهما حالوتم ومهما تفانيتم ومهما بإسم الله طغيتم، وسوف تخرج ليبيا من هذا العبث الذي كنتم أنتم السبب فيه، وسوف تصبح ليبيا دولة بجيش وبشرطة وبحكومة وبمؤسّسات للدولة العصرية مهما تفانيتم في المواجهة ومهما حاولتم فرض أنفسكم وأفكاركم المتخلّفة علينا.
أقول لكم وعليكم أن تعوها... إن الشعب الليبي هو ليس كتلك الشعوب التي تسمع وتطيع بدون أن تناقش أو تعترض. نعم... الشعب الليبي هو ليس كتلك الشعوب التي ترضى بمن يحكمها بدون أن تناقشه أو تحاسبه أو تتعرّف على هويّته والطريقة التي يفكّر بها. الشعب الليبي قد يكون صبوراً لكنّه أبداً لا يستكين ولا يخضع للقهر والطغيان مهما كانت المظلّة التي يتستّر تحتها ممّن يحاولون ترويض هذا الشعب حتى يخضع لإراداتهم . . . . ومهما كانت التسميات والكنيات التي يتسمّون بها.
الشعب الليبي سوف لن يرضى بترهاتكم وسوف لن تفرضوا عليه أفكاركم، وعليكم أن تعودوا للتاريخ كي تروا بأعينكم كيف أن هذا الشعب رفض كل جبروت وثار على كل تجبّر، ولعلّ آخر درساً يمكنكم قراءته هو قرار اللواء الناظوري(الحاكم العسكري إيّاه) فرض أجندات أولئك الذين يسمّون أنفسهم "أتباع السلف الصالح" لذي رفضه هذا الشعب وسخر بمن أصدره رغم كل المحاذير، وسوف يقف هذا الشعب ضد أية ماولة للتدجين مهما كانت الآساليب المتبّعة ومهما كانت المؤثّرات المفروضة.
لا يمكنكم قطعاً فرض أجندات السلفيين ولا الوهابيين ولا الإخوان المسلمين، ولا بهلوانات ودراويش الدين الذين تركوا دين الله القويم وأتبّعوا ديانات إبتدعوها بأنفسهم أو كان قد إبتدعها لهم سلفهم الذي يريدون أن يقنعونا به أوبأفكاره التي تجاوزها الزمن وداست عليها عجلات قطار الحياة الذي لايمكنه إلّا أن يسير إلى الأمام لإستكشاف المزيد من أسرار الخلق وآعاجيب الكون.
ليبيا سوف تنتصر، والشعب الليبي سوف يلحق بمن تجاوزوه، وسوف يبرهن هذا الشعب على أنّه أنفس وأعرق وأنبل كثيراً ممّا يظنّون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق