Translate

السبت، 1 سبتمبر 2018

ذكرى تحرّريّة ولم تكن حينها عبثيّة

 اليوم 01 سبتمبر 2018 يمثّل الذكرى 49 لثورة الأوّل من سبتمبر 1069، وسواء أحببنا تلك الثورة أو كرهناها فإنّه يتوجّب علينا كل من نحب ليبيا ونفتخر بإنتمائنا إليها أن نتذكّر هذا اليوم على أنّه جزء من تاريخ ليبيا ولا يمكننا إطلاقاً حذفه. من ناحية أخرى، سواء أتفقتم معي أو إختلفتم كانت ثورة الأوّل من سبتمبر ثورة تحرّرية بكل معنى الكلمة وهي بالفعل أنهت نظام حكم رجعي متخلّف كان يستمد حمايته من خارج حدوده ومن غير أبناء شعبه. ليبيا تحرّرت في مثل هذا اليوم من النظام الملكي المتعفّن والذي كان يرزح تحت صورة ملك ونظام حكم برلماني في الواجهة لكن الكثير من المنتفعين كانوا يسيّرون البلد من وراء الكواليس.
كانت بلادنا متخلّفة وكانت مستويات تعليمنا محدودة وإلى أبعد الحدود. حينما قامت ثورة الأوّل من سبتمبر إحتضنها الشعب الليبي بكل فرح وسرور مما يدل على أن هذا الشعب كان يعاني في صمت تحت نظام الملك المترهّل والذي بصدق كان قد كتب نهايته بيده، فلم يخرج لحمايته حتى القوّة المتحرّكة التي أنشئت لحماية عرشه وإقماع الشعب إن هو فكّر في الخروج إلى الشوارع كما حدث في عام 1964. كانت كل مسيرة الثورة في سنواتها الخمسة الآولى رائعة وموّفقة والذي ينكر ذلك إنّما هو مغمض العينين ولا يريد أن يرى. حققت الثورة حينها ثورة زراعيّة وأعادت للإنسان كرامته ناهيك عن الجلاء والذي بصدق يعد مفخرة لنا جميعاً. فمن القواعد الإنجليزية إلى القواعد الأمريكيّة إلى إجلاء المستطوطنين الطليان كان كل ذلك بمثابة نهج تحرّري قل حدوث مثيله في بلاد العالم الثالث.
أما أولئك الذين مازالوا يصرّون على أن ثورة 01 سبتمبر لم تحقق لليبيا شيساً فليتذكّروا مشروع النهر الصناعي الذي نشرب من مياهه كلّنا اليوم ولولاه لمتنا بالعطش. من يرغب في نسيان منجزات ثورة سبتمبر من باب الحقد والكراهيّة أو ربّما لأنّه من غلمان الملك التعيس فعليه أن يتذكّر أن عدد الجامعات في ليبيا عام 1969 كان جماعتين وربع جامعة ثالثة في البيضاء كانت أغلب مناهجها تسبّح بحمد الملك "الزاهد الناسك"، وأصبحت تلك الجامعتين 13 جامعة كنت أنا وأغبكم اليوم من بين خريجيها وأفتخر أنا بمستوى التعليم الذي تحصّلت عليه والذي وجدته معيناً لي هنا في بلد تتجاوزنا بمئات السنين في ميادين البناء والتعمير والتطوير والبحوث والإبتكارات.
إن الذين يحقدون على ثورة سبتمبر بسبب ما حدث بعد ذلك فأنا لا أرى في ذلك عدلاً ولا إنصافاً على الأقل من ناحية الأعضاء الآخرين في مجلس الثورة والذين لم يسمح لهم بالمضي قدماً في برنامجهم التحرّري بسبب نزوات معمّر القذّافي والذي كان قد إستغلّ حب الشعب له فتكبّر وطغى وتجبّر وفي النهاية نال كل ما يستحقّه.
إن جرائم الطاغية القذّافي فيما بعد السنوات الخمس الأولى لا يمكن لها أن تلغي أهميّة ذلك الحدث في بلادنا وفي مسيرة شعبنا. والشئ الآخر الذي لا يمكن لأحد إنكاره هو أننا إنتقلنا من دولة محترمة ومهابة إلى زريبة يدخلها من شاء ويعبث بها من شاء. والشئ الآخر الذي لايمكن إنكاره هو أننا كنّا تحت سلطة طاغ واحد فإذا بنا اليوم تحت سلطة طغاة لا نعرف أغلبهم ولم نرى وجوههم. والشئ الآخر الذي لايمكن إنكاره أن كل خيرات بلادنا كانت قد سرقت بعد "الثورة المباركة" التي نعيشها الآن، وأن غالبية أبناء شعبنا كانت قد بلغت بهم الإهانة مبلغا لم يسبق له مثيلاً حتى في عهد الإستعمار الإيطالي. من يظن بأن ثورة 17 فبراير كانت قد غيّرت أي شئ لهذا الشعب فهو واهم وربّما مازال يعيش في أحلام اليقظة. الشئ الأهم والأخطر هو أنّنا لم نعد نعرف كيف نرى الغد وما بعده... أي أننا أصبحنا نسير نحو هدف مجهول ومستقبل كل ملامحه مظلمة ومعتمة.... أصبحنا شعباً بلا مستقبل منظور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق