Translate

الأحد، 5 أغسطس 2012

ملاحظات حول قانون الإفتـــــاء

للشيخ عبد اللطيف مهلهل (عن الوطن الليبيّة)

بسم الله الرحمــن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن اهتدي بِهَديه واتّبعه بإحسان إلى يوم الدّين , وبعـــد . . .
فقد أصدر المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت قانون الإفتاء رقم ( 15 ) , والمتتبّع لهذا القانون يلاحظ فيه إشكالات كبرى , من بينها أنّ إصدار هذا القانون ليس من إختصاص المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت , كما يُلاحظ أنّ المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت يقرّ بعرض هذا القانون من قبل دار الإفتــــاء , فأهمل المجلس الوطني الإنتقالي سماع ذوي الإختصاص من أهل العلم وهذا غير سائغ , والذي يثير الإستغراب أيضاً قبول اللجنة القانونية بعرض هذا القانون , ومهما يكن من أمر , فإنّ المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت تنحصر مهمّته في إدارة البلاد لفترة إنتقالية , لتعبر من خلالها البلاد من الثورة إلى الدولة , وإذا كانت هذه المرحلة مؤقتة , فلماذا لا يكون المفتي لفترة مؤقتة , وإذا كان الإعلان الدستوري مؤقتاً , فصدور قانون الإفتاء يجب أن يكون منبثقاً من الدستور الدائم الذي هو من إختصاص المؤتمر الوطني لا الإعلان الدستوري المؤقت ومن خلال لجنةٍ تضمّ متخصّصين في الدساتير وفي الشريعة وفي الإقتصاد والسياسة , لذلك فإنّ هذا القانون لا يصح إصداره لأنّه لاغٍ من أساسه , ومع ذلك فإنّنا قد أبدينا ملاحظات كثيرة تجعل قانون الإفتاء غير قابل للتطبيق , وهو متعارض مع تكوّن الدولة المدنيّة , وإذا نظرنا إلى موضوع الفتوى فإنّها تعرّف بأنّها ( الجواب عمّا يشكل من المسائل الشرعيّة أو القانونية وفق كتاب الله وسنّة رسوله ) فـفي مجال الشريعة , تكون قواعدها الكتاب والسنّة والإجماع والأصول الفقهية التي قرّرها العلماء من بينها الإجتهاد , وأركان الفتوى – مستفتٍ – ومفتي – وفتوى – ومع تطوّر الزمان والعصر تنوّعت المسائل والقضايا وكثرت النوازل , واحتاجت إلى فتح باب الإجتهاد الجماعي مع المحافظة على الأصول الثابتة , لأن الفتوى تلعب دوراً مهمّاً لحيوية الدين , فكلّما تقدّم الناس بتطوّر العلم وتطبيقاته , جدّ لهم من الأقضية ما يستلزم معرفة رأي الشّرع فيها , وفي هذا العصر الذي قطعت فيه البشرية  في مدارج التقدّم العلمي ما يفوق جهدها  على امتداد عمرها , في هذا العصر كثرت أقضية الناس , وكثرت لكثرتها الأسئلة والإستفتاءات لا لتقدّم العلم وتطبيقاته في الحقيقة , ولكن لذهول الناس عن خالقهم , وسط هذا الإنبهار بما أحدثه التقدم العلمي في حياة الناس حتى ظنّ الناس أنهم قادرون على الأرض يسخّرونها أنّى يشاؤون وكيفما يشاؤون  , دون ضابط من دين أو خلق .
نعم لقد نسي الناس خالقهم وسط هذه المباهج الحياتية التي غاب عنها معني الإنسان والإنسانية , فكثرت الأقضية وجدّت حوادث لم تكن موجودة من قبل , على حدّ قول سيّدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور) والمفتي الصادق الذي يحتسب بفتواه وجه الله تعالى – يواجه اليوم إشكالية كبيرة , فالأدعياء والطفيليون ما أكثرهم , وبكثرتهم ألِفت آذان الناس سماع الخطأ والجهل , حتى بات العلم الصحيح الموثّق غريباً عليها , لقد غــابت الوسطية التي تميّز هذا الدين } وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكونوا شهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا { (1)   , واتّخــذ كــلّ فـريق لنفســه مفتيـــاً يسمعون له فيطيعـــون ,
                                                                                                                                          
1-  سورة البقرة الآية ( 143 )
 بين متحلّل من عري الأحكام الثابتة بدعوى التطور والتحديث , وبين جامد مقدّس لكل قديم , وإن كان لا يستند على نصّ ولا يساير روح العصر , وسط هذا السيل من الفتاوى التي تفتقد إلى الوسطيّة , يجد المفتي البصير صوته خافتاً وإن علا , وحجّته يُهال عليها التراب من قبل المتطفّلين ليتوارى ضوئها الناصع الساطع , ولكنه سرعان ما يهب واقفاً ليقول كلمته , وليؤدي مسئوليته , فللحقّ آذان مصغية , وإن أرجف المُرجفون , وإذا كانت الفتوى قد ظلّت ردحاً من الزمن  تلتزم مذهباً معيناً لا تحيد عنه , وكانت الحياة تمضي دون إشكالية فإنّه – ومع وافر التقدير لأئمّتنا – غدا النظر في كل الآراء , وترجيح ما يتبع الدليل والبرهان , ويحقق مقاصد الشرع , ومصالح الخلق , ضرورة حتمية لمن يتصدّر لهذا الأمر الجلل (الإفتاء) في هذا العصر .
فالشريعة مبناها وأساسها على الحكم والمصالح , على حدّ تعبير ابن القيّم : ( إنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد , وهي عدلٌ كلّها , ورحمةٌ كلّها , ومصالح كلّها , وحكمةٌ كلّها , فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور , وعن الرحمة إلى ضدّها , وعن المصلحة إلى المفسدة , وعن الحكمة إلى العبث , فليست من الشريعة , وإن أُدخلت فيها بالتأويل )(1)– يقول شيخنا القرضاوي تعليقاً على قول ابن القيّم هذا : (وهذا كلام ينبغي أن نعضّ عليه بالنواجد وأن نواجه به الجامدين الذين يتمسحون بابن القيم وشيخه إبن تيميه , ولكنهم لم يحملوا عنهما هذه الروح , وهذه البصيرة , التي تنظر إلى الشريعة هذه النظرة , وترى ذلك أساساً لتغيّر الفتوى بتغيّر الزمان والمكان والإنسان , وفقاً للمقاصد والأهداف والمصالح التي راعاها الشارع عند تشريعه للحكم , إيجاباً أو إستحباباً , أو تحريماً أو كراهة أو إباحة )(2)  , هذا بالإضافة إلى أن يلتزم المفتي بمنهج التيسير فالشريعة مبنية على اليسر ورفع الحرج يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ { (3)  - } مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ { (4)   } وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ { (5)   – ولذا أُثر عن الإمام سفيان الثوري قوله : ( إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَنَا الرُّخْصَةُ مِنْ ثِقَةٍ ، فَأَمَّا التَّشْدِيدُ فَيُحْسِنُهُ كُلُّ أَحَدٍ ) , وكان منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم : التشديد على أنفسهم , والتيسير على الناس , ولهذا المنهج دليله في قوله صلّي الله عليه وسلّم : " إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض فإذا صلّى وحده فليصلّ كيف شاء"  , ونحن حين نتحدّث عن التيسير , فإنما نعني به التيسير المنضبط المحكوم بالنص , وقواعد الشريعة ومقرراتها , وروحها ومقاصدها .
ومن خلال ما ذكرنا , فإن قانون الإفتاء الصادر عن المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت لا يلبّي حاجات الفتوى لهذا المجتمع , الذي قدّم شهداء من أجل إقامة الدولة المدنية . . .

                                                                                                              
1- أعلام الموقعين /  3-3                                                       
2- السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها – صفحة 232
3- سورة البقرة الآية ( 185 )
4- سورة المائدة الآية ( 6 )
5- سورة الحج الآية ( 78 )
    لذلك فإنّي أتقدّم ببعض المقترحات التي أراها هامّة :
1)     مجلس الإفتاء الأعلى , لا يكون مستقلّاً , بل يجب أن يخضع للمحكمة العليا , أو مجلس القضاء الأعلى , ضماناً لمبدأ فصل السلطات , فلا يجوز أن يحتل المفتي وظيفة القاضي , لأن فتواه غير ملزمة , سواء من قبل الأفراد , أو أجهزة الدولة المختلفة , كما أنّه غير مؤهل للمصادقة على القوانين .
2)     مدة رئيس مجلس الإفتاء الأعلى لا تزيد عن أربع سنوات , ويجوز للمحكمة العليا أن تضيف سنة إستثنائية , إذا ما اقتضى الأمر ذلك .
3)     ينبغي للمسئولين أن يكوّنوا مجمعاً فقهياً , أسوة بالبلاد الإسلامية , ليسهم في حلّ نوازل العصر , وتكون مقرراته موضع عناية من قبل المسئولين في الأمة على كافة الصعد , ليستنيروا بها , على أن يكون ذلك منبثقاً عن الدستور الدائم .
4)     تنقسم الفتوى إلى قسمين : ثابتة ومنقولة من الكتب , وفتاوى النوازل التي يقوم حكمها على معرفة آراء المتخصّصين , من العلوم الإقتصادية والتطبيقية وغيرها , فالفتوى جهد شامل وليس جهداً منفرداً يقرره عالم من خلال فهمه للشريعة فقط .
5)     مفتي المناطق ينتخبون من قبل علماء المناطق ضماناً للأكفأ , على أن تتم المصادقة من قبل رئيس مجلس الإفتاء الأعلى ويخضعون له إدارياً .
وإذا كان هذا بإجمال , فإنّ التفصيل أشرنا إليه من خلال نقدنا لقانون الإفتاء , لذلك فإنني آمل من المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت ومن ذوي الإختصاص , النظر في هذا القانون وإلغائه , حتى تؤسّس الدولة على قواعد سليمة , بعد انتخاب المجلس الوطني من قبل الشعب وصياغة الدستور الدائم والإستفتاء عليه , وفيما يلي نذكر الملاحظات حول هذا القانون :
  -1   بناء على ما عرضه المجلس الأعلى للإفتاء .... الذي لم يتكوّن بعد .
         الإعلان الدستوري في كل مواده ( 37 ) فضلاً عن ديباجته لم يخوّل المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت إصدار القوانين .
         الفتوى بيان الحكم الشرعي , خاص أو عام عن مراد الله عز وجلّ من خلال الكتاب والسنة و الإجماع وأصول الفقه , وهي غير ملزمة للمستفتي وغير ناجزة , بخلاف حكم القاضي .
         مفتي المناطق مهمتهم إصدار الفتاوى في العبادات والفتاوى المنقولة والثابتة , ولا يجوز بأي حال أن يكونوا أعضاء في مجلس الإفتاء الأعلى , أمّا المفتي والمجلس فيستفتون عن فتاوى النوازل التي تتطلب الإجتهاد , فيلزم من ذلك أن يضم المجلس كافة الإختصاصات في العلوم المختلفة , ليعتمد عليها المفتى في صدور فتواه .
         مجلس البحوث يجب أن يكون مستقلاً عن المجلس ومنفصلاً عن الفتوى , فهو مجمع من المجامع الفقهية .
         الذمّة المالية تخضع لديوان المحاسبة والسلطة التشريعية (البرلمان ) .
         السياسة العامة يضعها المجمع الفقهي الذي أشرنا إليه , وكل من له اختصاص في العلوم الشرعية , والطبية والفلك والكيمياء وغير ذلك من العلوم التطبيقية و الإقتصادية .
         لا تكون دار الإفتاء مستقلّة , والأجدر أن تتبع للمحكمة العليا أو مجلس الإفتاء الأعلى .
- 3 - يكون ثبوت الأهلّة للأشهر العربية مسئولية مشتركة مع علماء الفلك والقضاء ورئيس       
        مجلس الإفتاء على أن يتم إعلان ثبوت هلال كل شهر .

- تخضع الموازنة المالية للمراقبة من قبل وزارة المالية وديوان المحاسبة (والسلطـــــــــة  
     التنفيذية) (والسلطة التشريعية) البرلمان .
  
- أصحاب الاختصاصات المشار إليهم , أجدر أن يكونوا أعضاء بمجلس الإفتاء , ولهم حق    
     التصويت في فتاوى النوازل .

- لا يجوز للمفـتى أن يصــدر لائحة تنفيذية خاصة , إلا بعد المصــادقة عليهـا من السـلطة  
     القضائية والتشريعية .

- متناقضة من أساسها , فكيف يستقيم أن يرشح المفتى من مجلس الإفتاء الــذي لم ينشـــأ ,
     وكيف يعيّن المفتى مفتى المناطق , وهم لم يعيّنون بعد , وكأنّه يمارس اختصاصاته قبل
     التعيين , ناهيك عن مجمع البحوث الذي لا يزال في طور التكويـن .

- 5 - أن يكون حاصلاً على إجازة العلوم الدقيقة في العلوم الشرعية مع خبرة لا تقلّ عشـر
            سنوات .

9 - لا أحد فوق القانون , دار الإفتاء جزء من القضاء كما أشرنا , ولكل مواطن أو جهـــــة
    إعتبارية أن تتظلّم من المفتى , وأن تــأخذ حقّها منـــه , إذا كــان للمــواطن أو الجهــــة
    الإعتبارية حق , هذه المادة تدمّر مبدأين , إستقلال القضاء وحقــوق المواطنة .

10 - سبق الإشارة أنّ مجمع البحوث مجمع فقهي , وهو مستقلّ , يصدر الأبحــــاث ويعقــد
      المؤتمرات والندوات والمناشط الثقافية ويمثّل (ليبيا) في المؤتمرات الدولية .

11 - تكون الفتوى على كتاب الله وسنّة رسوله , و الأصول الفقهية المتعارف عليها , وعلى
      المذهب المالكي والمذهب الأباضي مراعاة لأشقائنا الأمازيغ , وعند الإختلاف يكــون      
      اللجوء إلى أيسر المذاهب وإلى المتقدمين والمتأخرين من المذهبين , أمّا في فتـــــاوى
      العقيدة فيجب الإلتزام بمذهب الأشاعرة , لا المحسوبين على السلفية , الذين يرفـــعون
      شعار الغلوّ والتطرّف في دين الله , وأساس الفتوى التيسير ورفـع الحرج ودفع المشقّة .

12 - الفتوى السريعة التي لا تستند على الوثائق وبخاصة في مجــال المعاملات , وقوع الخطأ
      فيها أبعد عن الصواب , وفيها قدر كبير من التسرّع أما بدون مــقابل فقد قبض المفتــــى
      مرتباته من الدولة ومنحته ميزانية , فالإشارة إلى ذلك من قبيل العبث .

13 - من حقّ أفراد المجتمع وجميع مؤسســات الدولة التظلّم من المفتـــى , والإعتراض على   
      فتواه , وبخاصّة علمــاء لــيبيــا , واللـجوء إلى القضــــاء إذا استدعى الأمر ذلك , أمّــــا
      الإعتراض على نشر الفتـاوى في الإعلام فهذا إخلال بحريّة التعبير , لأن من حق الناس
      أن يطّلعـوا على جميع الفتاوى , وينبغي للدار بثّ فتــاواها على وسـائل الإعلام المقروءة
      والمسموعة وشبكة المعلومات , وبين الفينـة والأخرى إصدارها في كتاب لإتمام الفـائدة ,
      أمّا نقد الفتاوى فحقّ مشروع .

14 - من حقّ المؤسّسات التابعة للدولة سواء القضائية أو التنفيذية أو التشريعية أو الإقتصــادية
      وكذلك الأفراد , من حقهم طلب أدلّة الفتوى , وكتمان أدلّة الفتوى محرّم شرعاً وهو كتمان
      للعلم , أمّا القول بمخالفة جمـهور الفقهــاء , فلا يكون إلا في فتـاوى النـوازل التي تتطلّب
      إجتهاداً , رفــعاً للحرج وأخذاً بالتيسير واقتضــاءً للمصلحة ومراعاةً للمقـــاصد الشرعية ,    
      ومهما يكن من أمر فإن الإفتــاء بمذهب الإمـــام مــــالك وعبد الله بن أبــــاض تكون لهما       
      الصـــدارة في  استنباط الأدلّة .

15 - ولماذا يعتقد فضيلة المفتى سوء الظن في المستفتي , فهو لا يتنصّل من التكاليف وهو يسأل
      عن الحلال والحرام , إمتثالاً لأوامر الله ورسوله واجتناباً لنواهيهما .

16 - يجــوز للمفتى تصور السؤال والإحــاطة بدقائقه , وهذا لا يكون إلا بالحــوار معهما , وإذا
      اقتضت المصلحة أن يصلح بينهما فلم لا يفعل , قال الله تعالي :
      } لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن  
      يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا { (1) .
     
17 - المفتى صاحب ثقة يسأله البارّ والفاجر , وليس رجل أمن أو إستخبارات يترصّد للنــــاس .

18 - إلّا إذا أثّرت هذه الوظائف الدعوية على وظيفة المفتي , الأمر الذي يعطل مصالح النــاس
      في الحصول على الفتاوى .

19 - المقابل لذلك رشوة لعنها رسول الله صلّي الله عليه وسلّم , ومن يثبت عليه أخذها فُصل من
      وظيفته , فهو لا يستحق أن يكون موقّعا لله رب العالمين  .
                                                                                                              
1- سورة النساء الآية ( 114 )


 -20 سبق أن أشرنا أن مجلس الإفتاء الأعلى يتكوّن من علماء الشريعة والإختصاصات الأخرى   
      في العلوم المختلفة , التي تستند عليها الفتوى في استنباط الأدلّة , ويجب أن يجتمع مجـلس
      الإفتاء كل شهر , بواقع إثني عشر إجتماعاً في كلّ سنة , وعند الحاجة لاجتماع طارئ يتم
      بموافقة ثلثي الأعضاء .

 -22 فيما يتعلّق بالمـــوازنة , لابدّ من تقديمها للجهــــات الرقابية كديوان المحـــاسبة والســـلطة
      التشريعية , ومن حق هذه الجهات أن تقبل الموازنة أو أن تعدّل فيها أو ترفضها برمّتهــــا
      حفاظاً على المال العام .

23 - نكرر أن مجمع البحوث والدراسات الشرعية , مجمع فقهي , تنطبق عليه قوانين ولوائــح     
      المجامع الفقهية المنتشرة في أقطار العالم الإسلامي ويجـــوز للدولة بمختلف أجــهزتهــا ,
      مخاطبة هذا المجمع مباشرة دون الرجوع للمفتي , وللمجمع مخــــاطبة المجامع المناظرة
      والإتصال بالعلماء وذوي الإختصاصات في الأقطار الإسلامية .

24 يُشترط فيمن يعيّن بالمجمع الفقهي , حصوله على الإجازة الدقيقة العالية , مع خبرة عشـر
      سنوات على الأقلّ .

25 - المجمع الفقهي منفصل عن المجلس الأعلى للإفتاء , ويجب أن يوضع له قانون ولائحـــة
      داخلية خاصّتان به , على أن يتقرّر ذلك بعد صدور الدستور الدائم .

- 28-27-26  هذه المواد لاغية .

29 - على أن يعرض ذلك على المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت أو من يناظره , بعد أن يرشّح
     علماء كل منطقة عضو في مجلس الإفتاء .

30 - الصواب أن يصادق رئيس مجلس الإفتاء على الترشيح الوارد من علماء المناطق .

35 - ترتيب هذه المادّة كالآتي : وما يلتبس على المفتى المحلي وما يكون من المسائل , يُحـــال
      إلى مجلس الإفتاء الأعلى على أن يصدرها متقيّدة بالمذهب المالكي أو الأباضي , ملتزمة
      بالقوانين المنبثقة عن الدستور الدائم , وبخاصة قـانــون الأحـــوال الشخصية , والقـوانين
      الأخرى التي مصدرها الشريعة , لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف كما يقرر الأصـــوليون .

36 - يشغر منصب المفتى بإضافة انتهاء مدّة ولايته وهي أربع سنوات .
37 - يكون العزل بمرسوم من المجلس الوطني الإنتقالي المؤقت ,أو من يحل محلّه , بناءً على      
      توصية من القضاء . 
الخـــــــــــــاتمة 
ما سقناه من ملاحظات , بعضها كان مكرّراً وقصدنا من تكراره المطالبة به والحثّ عليه لكونه أمراً ملحّاً , كالتكرار الذي ورد بفصل مجلس البحوث والدراسات عن مجلس الإفتاء الأعلى , على أن يكون مجمعاً فقهيّاً حتى نفتح باب الاجتهاد في قضايا أمّتنا واسعاً كما أن هذه الملاحظات لا تغضّ من مكانة المفتي , ولا تقلّل من شأن الفتوى , بل تطوّر من الإفتاء في بلادنا , لأن الإفتاء يعبّر عن هويّتنا الإسلامية , ويلعب دوراً مؤثّراً في توعية الناس , كما أنّنا من خلال هذه الملاحظات نعبّر عن استقلال القضاء , ونجسّد مبدأ الفصل بين السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) وهذه كلّها مطالب شرعية , نأمل أن يصيغها الدستور من خلال مواده , بالإضافة إلى أنها حقّ للمواطن وإقرار بمبدأ المواطنة , والله الهادي إلى سواء السبيل , وعاشت ليبيا دولة مسلمة وسطية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق