Translate

الأحد، 12 أغسطس 2012

التفكير والتدبّر في الإسلام

الإنسان الذي يتدبّر هو ذلك الذي يحسب ؛ والذي يحسب تكثر منجزاته ، وتقل إنكساراته 

كل مسلم منا يعتبر مدعوّا للتفكير والتدبّر في كل مناحي الحياة؛ وليبدأ تفكيرنا في خلق الله. يقول الله في كتابه العزيز: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )  سورة آل عمران  , آية 191.  ويقول: (  أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ )  سورة الأعراف, آية 185.
ولم تتوقّف دعوة الله لنا بالتفكير في الخلق فقط.. أي في الماديات المحيطه بنا، بل إنه دعانا للإنطلاق من أنفسنا متدبرين خلق الله فينا، وفي كمال ودقة ذلك الخلق : ( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ) سورة الذاريات، آية 21.... هكذا ينبهنا الله الى الإنطلاق من أنفسنا، الى النظر حولنا؛ قبل أن نبحث بعيدا عنا في عوالم تحيط بنا، أو تلك التي لانراها لكننا هكذا نتصوّر تركيبتها وشكلها. يقول الله للإنسان ربما منبّها، أو ربما متحديا أيضا.. أنظر الى نفسك أيها المخلوق، وكيف أنك خلقت؛ بمعنى أنك تم تخليقك ، وتشكيلك، وتحديد وظائف جسمك، وتقدير قدرتك وفق مشيئة خالقك وليس وفق مشيئتك أنت، أو رغباتك ؛ فلا تظنن بنفسك العلو والترفّع، ولا تتكبّر على غيرك. ثم بعد ذلك يدعونا الله الى النظر الى أنفسنا ولكن بنظرة ثاقبه ، متفحصه ، فيها الكثير من التروّي والتدبّر حتى تتجلّى لنا  قدرة الله فنحسّ بوجوده ونتيقّن بأنه حولنا، محيط بنا يحمينا من ناحيه، ويراقب تصرفاتنا من ناحية أخرى. الأولى تشعرنا بالأمان والطمأنينه بأننا في ظل رعايته وحمايته واثقين بأنه يشملنا بعنايته ولن يتخلّى عنا أبدا؛ والثانيه بأنه حولنا وفي داخلنا يراقب كل أعمالنا وتصرفاتنا فعلينا أن نكون متنبهين لأنفسنا، محتسبين لأعمالنا، عارفين بأننا تحت مراقبته الدائمه التي لاتغفل عن أية صغيرة أو كبيره نفعلها سواء ذلك كان في العلن وأمام الناس، أو في السر وبعيدا عن أنظار البشر. الناس قد لايروا ما نفعل في السر؛ لكن الله يرى كل شئ ويحاسبنا عليه؛ فعلينا أن نراقب أنفسنا، وأن نعي بأننا مراقبون أيضا.  وحيث أن " دستور" المسلم هو القرآن الكريم الذي به حدد الله لنا معالم الطريق، ودعانا الى السير فيه ظمن الأطر المرسومه حتى لا نزيغ عن الحق؛ فإنّه سبحانه دعانا أولا بأن نقرأ هذا القرآن، و أن نتدبّر معانيه حتى نكون على بينة ومعرفه جيده بدستور حياتنا... يقول الله تعالى في كتابه العزيز:( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا)  سورة النساء؛ أية 82 .  إذا الله يدعونا الى التدبّر حين نقرأ القرآن؛ والتدبّر يعني أن نقف عند كل صغيره وكبيره، ونبحث فيها حتى نتكشّف أكثر على عالم الرحمان الذي وصف الله لنا الكثير من أسراره وتراكيبه في القرآن الكريم. لماذا نحن في حاجه الى التعرّف على عظمة خلق الله، وحسن تدبيره ؟. سؤال علينا تذكير أنفسنا به كل لحظه في حياتنا حتى لا نتوه بعيدا عن الواقع، وحتى نذكّر أنفسنا بأننا مهما تعلينا أو تعالينا فإننا لا نعدوا كوننا مخلوقات صغيره، ضعيفه، ولا حول ولا قوة لنا في عالم الرحمن... عندها نتواضع، وعندها نحب بعضنا البعض، وعندها نحس بأوجاع غيرنا، وعندها نرفق ببعضنا، وعندها لايعتدي أحنا على الآخر أو يقصيه؛ فكلّنا في نهاية الأمر نجتهد بقدر علمنا وطاقتنا من أجل الوصول الى الأحسن ولا يتأتى ذلك إلا بتعاضدنا، وتعاوننا، وتكاملنا مع بعض؛ حيث أن قدراتنا متفاوته، وإمكانياتنا متنوّعه، وتفكيرنا قد يكون مختلفا لكن لايعني ذلك أبدا بأن أحدنا أفضل من الآخر؛ فكلنا ضعاف وبسطاء جدا في عالم الرحمان. خلقنا الله مختلفين لحكمة يراها، وبقدر إحتسبه وقدّره لكننا ربما نقدر- والى حد ما -  التنبّه الى بعض مزايا هذا الإختلاف. لننظر قليلا ولكن بتمعّن الى ما يجري في حياتنا من أعمال وتفاعلات.. ماذا لو أننا كلنا كنا أذكياء مثلا؛ هل من الممكن أن يفيد بعضنا البعض؟. بالطبع لا؛ فكل منا قد يقول للآخر أنا مثلك تماما فلماذا عليّ أن أخدمك، أو أساعدك. ماذا لو كنا جميعا نفكّر بنفس العقليه؛ هل نستطيع التقدم الى الأمام؟. بالطبع لا؛ فالفكر الوحيد لايبدع، ولا يسمح للغير بالإبداع. ماذا لو أننا كنا جميعا أصحاء؛ هل نحس حينها بمواجع الغير، أو نرى الحاجه لمساعدتهم أو التعاطف معهم؟. ماذا لو أن عالمنا خلق هكذا نقيا، خاليا من الأمراض والعلل؛ هل نحتاج عندها للبحث والتمحيص والإكتشاف والإختراع؛ هل كان بالإمكان حينها أن يتحول عالمنا الى هذا الذي نعيش فيه، وإلى ذلك الذي سوف يأتي بعدنا ونحن نعرف ربما عن يقين بأنه سيكون مختلفا عن عالمنا المعاصر؟. بالطبع ما كنا لنصل الى كل هذا التقدّم لولا حكمة الله بأن خلق لنا الحياة، وخلق لنا فيها الإختلاف، والتغيّر، والمشاكل، والكوارث الطبيعيه، وبقية منغسات الحياة التي نتملل منها سابين الخالق أحيانا على أنه أرسلها إلينا، أو أصابنا بها. ألسنا من يقول عندما يصيب أحدنا مكروها.. لماذا أنا؛ لماذا يارب أصبتني بهذا البلاء، لماذا هكذا ياألله تعذبني، لماذا أنا دون بقية عبادك أعيش متعذبا؛ أين عدلك يا الله، أين رحمتك، أين هي قدرتك إن كنت لاتستجيب لدعائي؟. إننا ماكنا لنسأل كل هذه الأسئله لو نظرنا حو لنا، وتدبرنا ما يجري في حياتنا حيث سنكتشف وقتها بأنه لا يوجد إنسان على هذه الأرض بدون عيوب أو نواقص؛ فالكمال لله وحده... أما نحن فقد أراد الله لنا بأن نكون هكذا حتى نتعايش مع بعض  بحب، وموده، وتعاون، وتعاضد.   
نحن الآن نصوم رمضان، ونقيم الصلاة والعباده قدر طاقتنا محاولين التقرّب الى الله سبحانه وتعالى من ناحيه، والعمل على التخفيف من ذنوبنا من ناحيه أخرى عسى الله يتقبل هذا العمل منا؛ والذي يجب أن يكون مخلصا لوجه الله سبحانه وتعالى. وحيث أن كل مسلم يحاول أن يستفيد من هذه المناسبه العطره؛ فإن المساجد تزدحم بالمسلمين، وكذلك نلقي بنظرنا على من هم حولنا، يحيطون بنا لنتأمل أحوالهم عسانا أن نعثر على فقير أو محتاج فنقوم بتقديم له ما تيسّر من العون من أجل تخفيف العناء عنه وإحساسه بأن الله معه من خلال عباده المؤمنين.... لكن دورنا كمسلمين لاينحسر فقط في الصلاة والعباده، ومحاولة الإحسان للآخرين؛ بل إن الله يدعونا الى التفكير والتدبّر في شتى نواحي حياتنا حتى نتمكن من تحسين أحوالنا، والتقدم الى الأمام، وحتى لا نكون عالة على غيرنا. يقول الله في كتابه العزيز: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ )   سورة غافر  , آية 82 ، ويقول: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا )  سورة محمد  , آية 10، ويقول: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ )  سورة محمد  , آية 18،  ويقول: (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )  سورة النبأ  , أية 40، ويقول: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ )  سورة عبس  , آية 24، ويقول: ( فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ )  سورة الطارق  , آية 5، ويقول: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ )  سورة الغاشية  , أية 17.   
إذا من اليسير على كل منا أن يرى في هذه الآيات الكريمه بأن الله ذكر "النظر" أي النظر حولنا وتدبّر ما يجري بكل تركيز وتروّي؛ وحينها نستدرك أنفسنا ونفعّل ملكة التفكير التي حبانا الله بها، وميزنا بها على بقية المخلوقات، وبها خلقنا الله في أحسن تقويم، وفضلنا على العالمين جميعا من أجل أن نرتفع الى هذا القدر الذي أنعم الله علينا به.... ننظرحولنا، نتأمل، نستلهم، نفكّر، نحسب، ثم نستنتج، وبعدها نفعل؛ وحينها فقط تكون أفعالنا محسوبه، متوازنه، وأقرب الى الصواب والكمال. عندها نكون صادقين مع أنفسنا، عادلين مع غيرنا، وفوق كل شئ نحمد الله على فضائله علينا ونقدّر خلقه فينا.
يدعونا الله الى التفكير، وإستعمال العقل  فحين نعزم على القيام بعمل ما؛ يطلب الله منا أن نفكّر أولا، ثم نحسب بدقه ، وبعدها نقوم بتنفيذ ذلك العمل. يقول الله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )  سورة الجاثية  , آية 13.  
ويقول: (  اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )  سورة الزمر  , آية 42. 
ويقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) سورة الروم  , أية 21
ويقول: (يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )  سورة النحل  , أية 11.
ويقول: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )  سورة آل عمران  , آية 191. 
وحين يدعونا ربنا الى الحساب فهو إنما يذكّرنا بأنه هو من يحاسب؛ والمحاسبه من الحساب. فالذي يحسب لايظلم أبدا؛ لأن الحساب يقتضي وجود العدل....  حيث لابد وأن يخضع الحاسب لقوانين الطبيعه التي تبنى على أساس المنطق والثوابت. الذي يظلم الغير هو من لايحسب، من لا يقيم القسطاس، من لا يجلس فيفكّر قبل أن يقدم على فعل الأشياء. الذي يظلم الناس لايمكن له أن يقيم عدلا، والذي يقتل غيره لايمكن له أبدا أن يشجّع على الحياة.
وحين يدعونا الله للحساب لا يفعل ذلك من باب "أن نفعل فقط"؛ وإنما ليكون ذلك وسيلة إما للتصرّف السليم العادل، أو للإستدراك والتصوّر... للإحساس بجوهر الأشياء، ووزنها الحقيقي؛ أي قيمتها الغعليه. يقول الله : (  أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ )  سورة المؤمنون  , آية 55. 
ويقول: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ )  سورة الزخرف  , آية 80
ويقول: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً )   سورة الإسراء  , آية 12 
ويقول: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )  سورة الفرقان  , آية 2.
وخلاصة القول هنا أنه حين يقوم أحدنا بعمل ما عليه أن يجلس، يفكر، يخطط، يبرمج، يتوقّع النتائج، يحسب الربح والخساره، يغلّب جانب الربح دائما، وبعدها يستشير الغير بنية الإستفاده من نفكير الآخرين وخبرتهم على خلفية المرونه والإستعداد لأخذ الرأي الأصوب دون التشبث بالفكر "الوحيد"؛ وبعدها يقدم على تنفيذ ذلك العمل متوكّلا على الله سائلا إياه العون لأننا مهما حسبنا وفكّرنا نظل مجرد بشر لنا نواقصنا وعيوبنا ... وليكن عنوان كل تصرفاتنا هو أن الكمال صفة إلهيه يستحال على البشر إمتلاكها مهما بلغوا من العلم والحنكه، ومهما إكتسبوا في حياتهم من نضوج وخبره. نحن نصوم ، ونصلّي، ونذهب الى المساجد، ونتصدق ببعض من مالنا، وما إلى ذلك من عبادات؛ لكننا يجب أن نتدبّر دوما بأن كل ما نفعله لايجب أن يكون غاية في حد ذاته؛ فالإسلام ليس طقوسا نفعلها، وإنما هو واقع حياتي ملموس يهدف الى غاية واحدة ساميه جوهرها علاقتنا ببعض كبشر، وعلاقتنا بمحيطنا... وتلك هي الغايه من عبادة الله. نحن لانعبد الله من أجل دخول الجنه، ولا نعبد الله لأنه في حاجه الى عبادتنا؛ وإنما نعبد الله من أجل أنفسنا. إننا حين نعمل على إرضاء الله؛ فإننا يقينا نكون قد نفذنا أوامره التي تحدد العلاقه السليمه فيما بيننا؛ وحين يرضى الله عنا يكافينا على أعمالنا الصالحه بأن يدخلنا جنته التي وضعها للمتقين المخلصين. الله ليس في حاجه الينا، ولا الى عباداتنا؛ وإنما نحن في حاجه الى كل لك العبادات كي ننظم شئون حياتنا، ونعمل على إسعاد أنفسنا في الدنيا أولا وقبل كل شئ؛ أما جزاء الآخره فهو نتيجه لأعمالنا في الدنيا، وهو جزاء وليس بهدف. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق