Translate

الخميس، 16 أغسطس 2012

برلماني أو رئاسي؟

النظام البرلماني يتم بالإنتخاب المباشر وفيه تسيطر أغلبيّة حزبيّة على سلطة الحكم لتقوم بتعيين رئيساً للوزراء يعتبر هو 

المشرّع وهو المنفّذ بمباركة البرلمان الذي عادة يمتلك الأغلبية التي ينتمي إليها رئيس الوزراء المعيّن آليّا بعد نجاح حزبه في 

الحصول على أغلبيّة أصوات المصوّتين وليس بالضرورة أغلبيّة أصوات الشعب.

النظام البرلماني تصبح فيه رئاسة الدولة وظيفة شرفيّة من أهم مهامها المحافظة على تماسك الدولة ولكن بدون إمتلاكه 

لأيّ سلطة تشريعية أو تنفيذيّة إلا من خلال ما يطلبه منه رئيس الوزراء ويكون توقيعه على أي قرار مجرّد ظاهرة شكليّة 

مفروغاً منها سلفاً.

توجد الكثير من الأمثلة للنظم البرلمانيّة في العالم منها بريطانيا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، إيطاليا، اليونان، مالطا، وغيرها. 

ر.
المشكلة الجوهريّة في النظام البرلماني تكمن في عدم تمكّن أي حزب من الحصول على الأغلبيّة وحينها يتوجّب الإئتلاف مع

 أحزاب أخرى أحيانا تختلف مع هذا الحزب في كل شئ كما حدث في بريطانيا بعيد الإنتخابات الأخيرة حيث وجب تحالف 

المحافظين مع الديموقراطيّين الأحرار وهذان الحزبان يختلفان جوهريّا في الفلسفة وفي برامج التطبيق. بريطانيا الآن تعاني 

من شلل في القرار السياسي وما هي إلا أزمة واحدة تحل ببريطانيا حتى تقضي على هذا الإئتلاف الهش وبعدها تدخل 

بريطانيا في متاهة سياسيّة كبيرة تؤثّر في الإقتصاد وفي الإستقرار لهذا البلد. المثال الآخر كما نعرف هو ذلك الشلل الذي 

تعاني منه اليونان في كل شئ منذ ما يزيد عن 4 سنوات وهذا أثّر سلبيّاً على الإقتصاد اليوناني بحيث أصبحت اليونان اليوم 

مثقلة بالديون إلى ذلك القدر الذي يهدّد اليونان بأن تصبح "دولة فاشلة".

الأمثلة الأخرى لفشل النظام البرلماني يمكن إيجادها في إسبانيا والبرتغال وإيرلندا وإيطاليا حيث تعاني إقتصايّات تلك البلاد 

من ركود كبير يهدّد البنية التحتية للبلد ويهدد الإستقرار الإجتماعي.

النظام الرئاسي: يتميّز النظام الرئاسي بوجود مثلّث للسلطة يتكوّن من رئيس منتخب يكون محاسباً من قبل البرلمان، وضلع 

المثلّث الثاني هو البرلمان الذي يتم إنتخابه من قبل الشعب، أما الضلع الثالث لمثلّث السلطة في النظام الرئاسي فهو 

يتمثّل في السلطة القضائيّة التي تنظر في مشروع الفصل بين السلطات وهي من حقّها محاسبة الجميع بما في ذلك أعضاء 

البرلمان المنتخبين. 

رئيس الوزراء في النظام الرئاسي يمثّل السلطة التنفيذيّة وهو غير منتخب، بل يتم تعيينه من قبل رئيس الدولة الذي يسمح 

له بتكشيل حكومته والتي بدورها يتم عرضها على البرلمان ليعتمدها. البرلمان من حقّه محاسبة الحكومة ومحاسبة رئيس 

الدولة الذي ينتخبه الشعب مباشرة ولا يمثّل الحزب الفائز بأي شكل من الأشكال.

من أهم ميزات النظام الرئاسي هي فكرة الفصل الواضح بين السلطات، وكذلك خضوع الجميع للمحاسبة من قبل أعضاء 

البرلمان، وخضوع الجميع للسلطة القضائية في الدولة. كما يتميّز النظام الرئاسي بديناميّة واضحة، ولا مكان في النظام 

الرئاسي للحكم الإئتلافي. طريقة الإنتخابات التي تمّت في المؤتمر الوطني كانت كلّها تعتمد النظام الرئاسي في فكرة 

الإقتراع بحيث تنتهي الإنتخابات إلى تحديد واضح وصريح للفائز كما حدث للدكتور محمد المقريف الذي فاز بأكثر من 50% من

 أصوات أعضاء المؤتمر في الجولة الثانية للإنتخابات التي لا يعتد بها في النظام البرلماني.

الأمثلة الواضحة للنظام الرئاسي نجدها في فرنسا وفي ألمانيا حيث تعتبر إقتصاديات هذين البلدين من أكبر إقتصاديات أوروبا 

بكاملها، وهذا ربما يرجع إلى ديناميّة النظام الرئاسي وقوته التشريعية والتنفيذية في البلد الذي يعتمده. كما تتميّز كل من 

فرنسا وألمانيا بوضوح الرؤية حيث يحصل الرئيس دائماً على أكثر من 50% من أصوات الناس ومن ثمّ يكون الرئيس قويّاً ولكن 

تحت مراقبة وسيطرة البرلمان الذي من حقّه حجب الثقة عن الرئيس مما يدعوا إلى إنتخابات رئاسيّة جديدة.

. 
النظام الأمريكي يعتبر رئاسيّاً بإمتياز ولكن أمريكا لا يوجد بها رئيساً للوزراء حيث يعتمد النظام الأمريكي على فكرة "الإدارة كما 

هو الحال في الشركات التجارية الكبرى" بدل الوزارات. نظام الحكم الأمريكي يسمح إلى حد ما بديكتاتورية الرئيس وذلك 

لكثرة السلطات الممنوحة له ومن ثم فنحن في ليبيا لا ينفعنا النموذج الأمريكي على الأقل في الوقت الراهن وإلى مالا

يقل عن عقد قادم من الزمان.

من السرد الملخّص أعلاه نرى أن النظام الأمثل لبلادنا هو النظام الرئاسي وليس النظام البرلماني خاصة فيما

 يتعلّق بالديناميّة في التشريع والتنفيذ بما يعني ذلك من التقليل من البيروقراطيّة في صناعة القرارات وتنفيذها.

بالنسبة لأولئك الذين يخشون من تكرار "القذّافي" في النظام الرئاسي أقول لهم إن مثلّث السلطة لا يسمح مطلقاُ بتكرار 

"القذّافي" على الإطلاق وهذه يجب الإعتماد عليها بكل قوة لأن الرئيس هو ليس من البرلمان ولا يمثّل الحزب الحائز على 

أكبر عدد من الأصوات، ومن ثم يعتبر البرلمان "خصماً" للرئيس يبحث عن كل مناقبه ويركّز على أخطائه علّ البرلمان يجد ثغرة 

يقوم من خلالها بحجب الثقة عن الرئيس فيتوجب إعادة إنتخاب الرئيس من بين المترشّحين الجدد الذين قد يشملوا الرئيس 

السابق وقد لا يشملوه. 

المزيد من هذا التوضيح سوف يأتي لاحقاً حين أكمل كتابة تصوّري لنظام الحكم في ليبيا والتقسيم الإداري المقترح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق