عن صحيفة "العرب" الإليكترونيّة (سعيد فرحات )
يرى الدكتور مصطفى الهوني، النائب الأول لرئيس المجلس الانتقالي الليبي المنتهية ولايته والسياسي والاقتصادي المعروف في الساحة الليبية والعربية أن ليبيا سيكون لها شأن عظيم في المنطقة العربية، شرط أن يتجنّب مسؤولوها مصالحهم الشخصية ويبتعدون عن الأجندات الخارجية.
تطرّق الهوني خلال حواره مع "العرب العالمية" إلى الانتقادات التي تعرض لها المجلس الانتقالي، وكذلك أموال النفط واعتماد المجلس على أكبر ميزانية تقدّر بـ 68 مليار دولار.
* ما الذي يحدث في ليبيا الآن بعد عام من الثورة ورحيل القذافي؟
- رغم أن ملامح الديمقراطية بدأت تشقّ طريقها في ليبيا منذ الثورة ويتجلّى ذلك في تجربة الانتخابات إلا أنه لازال هناك الكثير حيث أن هذه الديمقراطية تفرز أعضاء ليس لديهم الكفاءات اللازمة لتسيير الدولة. وهؤلاء الأعضاء مطالبون بإيجاد حلول للعديد من القضايا الشائكة والملحة أمام ليبيا الآن، من بينها الجانب الأمني والجانب الاقتصادي. وهذان الجانبان مترابطان ويؤثران على بعضهما البعض، فدون أمن لا يكون هناك اقتصاد، ودون نمو وازدهار اقتصادي لن تكون هناك إمكانية لكفالة الأمن.
المصالحة الوطنية
* ما يحدث الآن، خاصة بعد أحداث بني وليد والزاوية وورشفانة والجنوب وغيرها من المناطق في غرب ليبيا، يحتم أن تكون هناك مصالحة وطنية، كيف ترون ذلك؟
- المصالحة الوطنية واجبة وحتمية وأمر ضروري للمجتمع الليبي البالغ 6 ملايين نسمة ، وهذا العدد القليل يسمح بالتعايش في كنف المصالحة. والسياسة في ليبيا اليوم مقسّمة إلى أقطاب مختلفة ولابد أن يكون هناك وفاق ومسامحة.
* ماهي حقيقة الدور القطري في ليبيا؟ وبصفتكم كنتم النائب الأول لرئيس المجلس الانتقالي كيف ترون هذا الدور وهل هو مؤثر بهذا الحجم إلى درجة أنه أحدث انزعاجا في الشارع الليبي الذي رفض هذا التدخّل في الشأن الداخلي؟
- حقيقة أنا سافرت إلى قطر في مهمتين وطلبت من الحكومة القطرية تقديم العون والاستفادة من خبرتها في إنشاء مؤسسات دولة حديثة. خلال الثورة كانت قطر تتواصل عبر أشخاص وفي مناطق معينة وهذا الدور أعتقد بأنه انتهى، خلال الثورة كان يُسمح بما لا يُسمح به اليوم.
من حقّ قطر أن تحافظ على مصالحها في ليبيا، ولكننا لن نسمح على الإطلاق لأي دولة سواء كانت عربية أو أجنبية بأن تتدخل في شؤوننا الداخلية طالما نحن حريصون على عدم التدخل في شؤون الآخرين.
* بعد أن ساعد الثوار على إزاحة نظام القذافي رغم الاستفادة منه، ماهي أطماع الغرب ومصالحه حاليا في ليبيا بعد تلك المساعدات السخية للثورة؟
- بلا شك توجد مصالح في ليبيا وسيحاول المحافظة عليها بشتى الطرق، لكن علينا نحن الليبيين أن نحدد أسلوب التعامل مع الآخر بحيث نحمي مصالحنا في إطار تبادل للمصالح والتعاون. أما الانفلات الأمني الحالي فلابد أن ينتهي وإن لم ينته فإننا سنكون مقدمين على مرحلة خطيرة على المستوى الداخلي، وقد يطال ذلك المستوى الخارجي أيضا.
وحسب قراءتي للمشهد فإن الدول الغربية تتردد في التدخل بصورة مباشرة لكن قد تكون لها تدخلات دبلوماسية إذا زاد الانفلات الأمني أما الأخطر من ذلك فهو الخوف مما سيحدث في الداخل وليس من التدخّل الخارجي. بطبيعة الحال هناك أفراد مستفيدون من الانفلات الأمني الراهن وهؤلاء هم الذين كانوا مستفيدين من نظام القذافي والآن الفرصة مواتية لهم للاستمرار بأسلوب نظام القذافي "نظام الفوضى" الذي استطاع من خلاله القذافي أن يحكم البلاد 42 عاما.
وعلينا كشعب ليبي أن نعي أن هذه الفوضى يجب أن تنتهى وأن نحاول أن نوثق الأمن، لأن الاقتصاد الليبي معتمد على النفط بنسبة 95 % وهو مرتبط بالخارج وهذا الارتباط يعني وجود استثمار أجنبي مباشر عن طريق الشركات وهذا الاستثمار المباشر لن ينهض ولن يترسّخ ما لم يكن هناك استقرار أمني، وهذا الأمر ينطبق على السياحة.
* بعد عام من رحيل القذافي عن السلطة والحياة، نرى أن ليبيا أصبحت دويلات وتحقق ما قاله القذافي في ظل الفوضى والاضطراب الأمني: النزاع بين المناطق، وجود البوابات وكل منطقة لها إداراتها وخصوصياتها بعيدا عن الدولة الرئيسية، ما رأيك؟
- توصيف الوضع بهذه الصورة لا أوافق عليه، صحيح هناك تسيب نتيجة لانتشار السلاح، وبالفعل قبل ستة أشهر كانت السيارات العسكرية تجوب الشوارع، وانتشرت البوابات، الآن تدريجيا بدأت هذه الصورة في الاختفاء والتلاشي. ولا أقول إن الأمن مستتب مئة بالمئة، وما تشهده ليبيا من انفلات أمني هو نتيجة لعمليات فردية، وهناك اختلافات بين منطقة وأخرى. ونقاط الاحتقان في ليبيا لا تتعدى 4 مناطق وهي سبها والكفرة في الجنوب وبني وليد والزنتان والنشايشة أحيانا. وأكيد الحكومة الجديدة سوف تقوم بمعالجة كافة مناطق الاحتقان ولكن لابد من سحب السلاح.
* ماهي الرؤية السليمة من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى الشارع الليبي وتفعيل عمل الشرطة وبناء جيش قوي؟
- طرق المعالجة متعددة ولكن المشكلة أنه لم تبدأ حتى اليوم معالجة الهاجس الأمني، كان هناك خلال المرحلة السابقة نوع من الضعف في أداء الأجهزة الأمنية سواء في وزارة الداخلية أو في وزارة الدفاع وكان ذلك نتيجة لبعض الصراعات الداخلية وأحيانا نتيجة لأسباب أخرى، لكن ينبغي الجلوس مع الثوار وإشراكهم في الوصول إلى تسوية في إطار الدولة الشرعية، يجب أن يجلس الجميع ويساهم ويتحمل المسؤولية.
* ما هو الوضع الدستوري الأمثل لليبيا في اعتقادكم؟
- الذي يقرره الشعب الليبي بعد أن يعي الفرق بين النظام الرئاسي والبرلماني الوسطي، بالنسبة إلى ليبيا – وهي وجهة نظري الخاصة – في المرحلة الأولى أحبذ أن يكون هناك نظام رئاسي، يرشح الرئيس من قبل الشعب مباشرة، والأحزاب سيكون لها دور ثانوي.
* هل النظام أو التجربة التركية تصلح لليبيا؟
- تركيا دولة إسلامية شقيقة ولكن لها ظروف تختلف عن ظروفنا، وتعدادها كبير، استفادت من التجاور الأوروبي. أنا لا أتصور أن نماذج معينة نجحت في دولة يمكن أن تنجح أو تعمم في منطقة أخرى لأن لكل دولة خصوصيتها، وأعتقد أن ليبيا ستكون لها خصوصيتها وستعتمد على إنتاج سلع وخدمات يمثل فيها عنصر الطاقة جزءا مهما ومن هنا ستكتسب خاصيات تميزها عن غيرها.
* هل سيكون للإسلام السياسي مستقبل في ليبيا؟
- لا أتصور ذلك؛ فعلى عكس مصر وتونس قلبت ليبيا المعادلة فالتيار الإسلامي لم يفز في ليبيا حتى يكون له مستقبل لأن الليبيين اختاروا الليبراليين "التحالف". وبخصوص ظهور أتباع التيار الديني المتشدد في ليبيا فإن هؤلاء استغلوا الفراغ السياسي والديني والأمني في ليبيا وبدؤوا يفرضون رؤيتهم، حيث لا توجد حركة ثقافية معمقة وتزامن ذلك مع وجود حالة كساد اقتصادي.
تطرّق الهوني خلال حواره مع "العرب العالمية" إلى الانتقادات التي تعرض لها المجلس الانتقالي، وكذلك أموال النفط واعتماد المجلس على أكبر ميزانية تقدّر بـ 68 مليار دولار.
* ما الذي يحدث في ليبيا الآن بعد عام من الثورة ورحيل القذافي؟
- رغم أن ملامح الديمقراطية بدأت تشقّ طريقها في ليبيا منذ الثورة ويتجلّى ذلك في تجربة الانتخابات إلا أنه لازال هناك الكثير حيث أن هذه الديمقراطية تفرز أعضاء ليس لديهم الكفاءات اللازمة لتسيير الدولة. وهؤلاء الأعضاء مطالبون بإيجاد حلول للعديد من القضايا الشائكة والملحة أمام ليبيا الآن، من بينها الجانب الأمني والجانب الاقتصادي. وهذان الجانبان مترابطان ويؤثران على بعضهما البعض، فدون أمن لا يكون هناك اقتصاد، ودون نمو وازدهار اقتصادي لن تكون هناك إمكانية لكفالة الأمن.
المصالحة الوطنية
* ما يحدث الآن، خاصة بعد أحداث بني وليد والزاوية وورشفانة والجنوب وغيرها من المناطق في غرب ليبيا، يحتم أن تكون هناك مصالحة وطنية، كيف ترون ذلك؟
- المصالحة الوطنية واجبة وحتمية وأمر ضروري للمجتمع الليبي البالغ 6 ملايين نسمة ، وهذا العدد القليل يسمح بالتعايش في كنف المصالحة. والسياسة في ليبيا اليوم مقسّمة إلى أقطاب مختلفة ولابد أن يكون هناك وفاق ومسامحة.
* ماهي حقيقة الدور القطري في ليبيا؟ وبصفتكم كنتم النائب الأول لرئيس المجلس الانتقالي كيف ترون هذا الدور وهل هو مؤثر بهذا الحجم إلى درجة أنه أحدث انزعاجا في الشارع الليبي الذي رفض هذا التدخّل في الشأن الداخلي؟
- حقيقة أنا سافرت إلى قطر في مهمتين وطلبت من الحكومة القطرية تقديم العون والاستفادة من خبرتها في إنشاء مؤسسات دولة حديثة. خلال الثورة كانت قطر تتواصل عبر أشخاص وفي مناطق معينة وهذا الدور أعتقد بأنه انتهى، خلال الثورة كان يُسمح بما لا يُسمح به اليوم.
من حقّ قطر أن تحافظ على مصالحها في ليبيا، ولكننا لن نسمح على الإطلاق لأي دولة سواء كانت عربية أو أجنبية بأن تتدخل في شؤوننا الداخلية طالما نحن حريصون على عدم التدخل في شؤون الآخرين.
* بعد أن ساعد الثوار على إزاحة نظام القذافي رغم الاستفادة منه، ماهي أطماع الغرب ومصالحه حاليا في ليبيا بعد تلك المساعدات السخية للثورة؟
- بلا شك توجد مصالح في ليبيا وسيحاول المحافظة عليها بشتى الطرق، لكن علينا نحن الليبيين أن نحدد أسلوب التعامل مع الآخر بحيث نحمي مصالحنا في إطار تبادل للمصالح والتعاون. أما الانفلات الأمني الحالي فلابد أن ينتهي وإن لم ينته فإننا سنكون مقدمين على مرحلة خطيرة على المستوى الداخلي، وقد يطال ذلك المستوى الخارجي أيضا.
وحسب قراءتي للمشهد فإن الدول الغربية تتردد في التدخل بصورة مباشرة لكن قد تكون لها تدخلات دبلوماسية إذا زاد الانفلات الأمني أما الأخطر من ذلك فهو الخوف مما سيحدث في الداخل وليس من التدخّل الخارجي. بطبيعة الحال هناك أفراد مستفيدون من الانفلات الأمني الراهن وهؤلاء هم الذين كانوا مستفيدين من نظام القذافي والآن الفرصة مواتية لهم للاستمرار بأسلوب نظام القذافي "نظام الفوضى" الذي استطاع من خلاله القذافي أن يحكم البلاد 42 عاما.
وعلينا كشعب ليبي أن نعي أن هذه الفوضى يجب أن تنتهى وأن نحاول أن نوثق الأمن، لأن الاقتصاد الليبي معتمد على النفط بنسبة 95 % وهو مرتبط بالخارج وهذا الارتباط يعني وجود استثمار أجنبي مباشر عن طريق الشركات وهذا الاستثمار المباشر لن ينهض ولن يترسّخ ما لم يكن هناك استقرار أمني، وهذا الأمر ينطبق على السياحة.
* بعد عام من رحيل القذافي عن السلطة والحياة، نرى أن ليبيا أصبحت دويلات وتحقق ما قاله القذافي في ظل الفوضى والاضطراب الأمني: النزاع بين المناطق، وجود البوابات وكل منطقة لها إداراتها وخصوصياتها بعيدا عن الدولة الرئيسية، ما رأيك؟
- توصيف الوضع بهذه الصورة لا أوافق عليه، صحيح هناك تسيب نتيجة لانتشار السلاح، وبالفعل قبل ستة أشهر كانت السيارات العسكرية تجوب الشوارع، وانتشرت البوابات، الآن تدريجيا بدأت هذه الصورة في الاختفاء والتلاشي. ولا أقول إن الأمن مستتب مئة بالمئة، وما تشهده ليبيا من انفلات أمني هو نتيجة لعمليات فردية، وهناك اختلافات بين منطقة وأخرى. ونقاط الاحتقان في ليبيا لا تتعدى 4 مناطق وهي سبها والكفرة في الجنوب وبني وليد والزنتان والنشايشة أحيانا. وأكيد الحكومة الجديدة سوف تقوم بمعالجة كافة مناطق الاحتقان ولكن لابد من سحب السلاح.
* ماهي الرؤية السليمة من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى الشارع الليبي وتفعيل عمل الشرطة وبناء جيش قوي؟
- طرق المعالجة متعددة ولكن المشكلة أنه لم تبدأ حتى اليوم معالجة الهاجس الأمني، كان هناك خلال المرحلة السابقة نوع من الضعف في أداء الأجهزة الأمنية سواء في وزارة الداخلية أو في وزارة الدفاع وكان ذلك نتيجة لبعض الصراعات الداخلية وأحيانا نتيجة لأسباب أخرى، لكن ينبغي الجلوس مع الثوار وإشراكهم في الوصول إلى تسوية في إطار الدولة الشرعية، يجب أن يجلس الجميع ويساهم ويتحمل المسؤولية.
* ما هو الوضع الدستوري الأمثل لليبيا في اعتقادكم؟
- الذي يقرره الشعب الليبي بعد أن يعي الفرق بين النظام الرئاسي والبرلماني الوسطي، بالنسبة إلى ليبيا – وهي وجهة نظري الخاصة – في المرحلة الأولى أحبذ أن يكون هناك نظام رئاسي، يرشح الرئيس من قبل الشعب مباشرة، والأحزاب سيكون لها دور ثانوي.
* هل النظام أو التجربة التركية تصلح لليبيا؟
- تركيا دولة إسلامية شقيقة ولكن لها ظروف تختلف عن ظروفنا، وتعدادها كبير، استفادت من التجاور الأوروبي. أنا لا أتصور أن نماذج معينة نجحت في دولة يمكن أن تنجح أو تعمم في منطقة أخرى لأن لكل دولة خصوصيتها، وأعتقد أن ليبيا ستكون لها خصوصيتها وستعتمد على إنتاج سلع وخدمات يمثل فيها عنصر الطاقة جزءا مهما ومن هنا ستكتسب خاصيات تميزها عن غيرها.
* هل سيكون للإسلام السياسي مستقبل في ليبيا؟
- لا أتصور ذلك؛ فعلى عكس مصر وتونس قلبت ليبيا المعادلة فالتيار الإسلامي لم يفز في ليبيا حتى يكون له مستقبل لأن الليبيين اختاروا الليبراليين "التحالف". وبخصوص ظهور أتباع التيار الديني المتشدد في ليبيا فإن هؤلاء استغلوا الفراغ السياسي والديني والأمني في ليبيا وبدؤوا يفرضون رؤيتهم، حيث لا توجد حركة ثقافية معمقة وتزامن ذلك مع وجود حالة كساد اقتصادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق