Translate

الأربعاء، 20 مارس 2013

الشرعيّة الثوريّة..... أم شرعيّة الدولة المدنيّة ؟


خرج علينا هذا اليوم من قال بأنّه يتحدّث بإسم "المجلس الأعلى لثوّار ليبيا" وأخذ يتكلّم بإسم "الشريعة الثوريّة" مهاجماً كل أنظمة الدولة الديموقراطيّة التي خرج الشعب الليبي في تظاهرة لم تشهدها بلادنا منذ تأسيسها ليصنعها ثم يقرّها ثم يثبّتها لتصبح عنوان الحكم في ليبيا الجديدة التي صنعها كل الشعب الليبي بدون أفضلية جهة على أخرى.
الشعب الليبي هو من ثار على نظام الطاغية القذّافي وأسقطه ليلغي بذلك "الشرعيّة الثوريّة" وإلى الأبد بإذن الله. الشعب الليبي إختار بإرادته الحرّة النظام الديموقراطي الذي يستمد شرعيّته من خلال صناديق الإقتراع.... بمعنى أن الشعب هو من إستلم الحكم في ليبيا بعد الطاغية القذّافي، والشعب الليبي فقط هو من بيده أن ينتخب حكّام ليبيا ويغيّرهم بنفس الوسيلة الديموقراطيّة التي أتفق عليها كل العالم الحر والمتمدّن.
الشعب الليبي حينما إختار "شرعيّة صندق الإقتراع" كان بذلك قد ألغى كل الشرعيّات الأخرى بما فيها "الشرعيّة الثوريّة" و"الشرعيّة الكهنوتيّة" و"الشرعيّة الدينيّة"، وهذه يجب أن تكون معلومةلدى الجميع.
 لايجوز بعد اليوم التحدّث بإسم الشعب الليبي فقد قال هذا الشعب كلمته بكل وضوح بأنّه ملّ من الحكم بإسمه والتحدّث نيابة عنه. الشعب يقول كلمته فقط من خلال صناديق الإقتراع، وليس من خلال المرابيع أو الميليشيات المسلّحة أو التجمّعات الجهويّة ... فكفّوا يا من تسمّون أنفسكم "ثوّار ليبيا" عن التحدّث بإسم الشعب لأنّكم بذلك تهينون هذا الشعب وتقزّمونه.
لقد إنتهت الثورة وبدأت الدولة..... والدولة سوف تنتصر، وعليكم يا أيّها النفعيّون والباحثون عن المناصب أن تختاروا بين الدولة العصريّة المدنيّة التي لها سلطة واحدة وبين رغباتكم الأنانيّة وأطماعكم الشخصيّة لأنّكم بذلك إنّما تصبحون أعداء لهذا الشعب وعلى الشعب أن يتعامل معكم كأعداء لهذا الوطن. 
أظنّ بأنّ "المجلس الأعلى للثوّار" هو أكثر من مجرّد تهريج. هؤلاء "المرتزقة" شعروا الآن بأن مجداً كانوا يحلمون به بدأ يتبخّر من خلال الخطوات العقلانيّة والمدروسة التي تنتهجها الحكومة.
الحكومة هي بدورها بدأت تستفيق لإلتزماتها الوطنيّة والدوليّة ايضاً، وبذا فقد بدأت تحاول فرض سلطة الدولة من خلال عمليّات الدهم الأخيرة، وتلك الإستعراضات الرائعة لقوّة الدولة التي سوف تصون هيبتها وتحافظ على سمعتها بعد أن حاول تدنيسها هؤلاء الذين يقولون بأنّهم ثوّار وما هم إلاّ مجموعة من عصابات النهب والإغتصاب. بكل تأكيد فإنّ الحكومة أصبحت الآن في وضع أقوى من أيّ وقت مضى منذ إنفجار الثورة الشعبيّة في 17 فبراير عام 2011 وحتّى الآن، حاصّة بعد أن تحصّلت على الدعم الدولي لها، وبعد أن قامت ببعض الخطوات التي نالت إستحسان المواطن الذي لا يفكّر إلاّ في بناء دولته التي سوف توفّر له التعليم والعلاج والضمان الإجتماعي وفوق كل شئ... الآمان في بيته وفي زنقته وفي شارعه وفي مكان عمله.
نعم أنا أتفق مع من يقول بأنّ الثنائي زيدان-شوايل يعتبر متناغماً جدّاً وذكيّاً أيضاً. كما أنّني أتفق مع من يقول بأنّ ليبيا يوجد بها الآن خيرة ما مرّ بها، ولكن ذلك لا يدعونا إلى التراخي وترك الحكومة لوحدها.
يجب على كل الليبيّين والليبيّات الإستمرار في مراقبة كل تحرّكات وتصرّفات الحكومة والكشف عن كل إعوجاج حتى تصبح هذه ثقافة تنتشر في بلادنا ليعتنقها الصغير والكبير، المتعلّم وقليل التعليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق